بدت اليوم مواقف أغلب الأحزاب الممثلة داخل البرلمان منسجمة من حكومة الحبيب الجملي، فبعد أن أكّدت كتل تحيا تونس والكتلة الديمقراطية (التيار الديمقراطي وحركة الشعب) والمستقبل عدم نيّتها التصويت لحكومة الجملي، في جلسة منح الثقة المقررة بعد غد الجمعة، التحق اليوم قلب تونس، بهذه الأحزاب وأعرب، على لسان عدد من قيادييه ونوابه، عن مُضيّه في عدم منح الثقة للحكومة وأنه مستعدّ لسيناريو “حكومة الرئيس” وهو نفس السيناريو الذي عدت إليه الأحزاب المذكورة آنفا. موقف حزب قلب تونس بدا متناقضا مع ما كان قد عبّر عنه الحزب سابقا من دعمه لحكومة كفاءات مستقلة، لكن هذا الموقف بدأ يتغيّر منذ الإعلان عن تركيبة الحكومة، ففي بادئ الأمر ثمّن قلب تونس تركيبة حكومة الجملي ثمّ دعا في ما بعد إلى تعديلها كشرط للتصويت عليها وتزكيتها، وها هو اليوم ينقض كلّ ما جاء من مواقف سابقة له ويلمّح إلى عدم نيته منح الثقة للحكومة وأن منفتح على خطّة “حكومة الرئيس”. تعليمات القروي وفي هذا الإطار، أكد النائب عن حزب قلب تونس رفيق عمارة، في تصريح صحفي بمقر البرلمان، اليوم الأربعاء 8 جانفي، أن نواب قلب تونس في انتظار قرار رئيس الحزب نبيل القروي بالتصويت من عدمه لحكومة الجملي. وأضاف عمارة أن الحزب مبدئيا لن يصوت للحكومة، وأن نبيل القروي التقى رئيس حزب تحيا تونس يوسف الشاهد، للتشاور بخصوص التصويت للحكومة المُقترحة أو المرور إلى “حكومة الرئيس”، مشدّدا على أن نواب كتلته البرلمانية ينتظرون تعليمات رئيس الحزب نبيل القروي بخصوص منح الثقة لحكومة الحبيب الجملي من عدمه. وأشار عمارة إلى أن التعليمات إلى حدود الآن تقضي بعدم التصويت للحكومة الجديدة، مؤكّدا أن الكتلة ملتزمة بتعليمات رئيس الحزب من خلال التحضير لسيناريو المرور إلى ‘حكومة الرئيس' بعد لقاء القروي برئيس حركة تحيا تونس يوسف الشاهد. ولم يستبعد النائب عن قلب تونس أن تحدث تفاهمات بين نبيل القروي ورئيس الحكومة المكلف حبيب الجملي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي. اتّفاق بين تحيا وقلب تونس من جانبه، أكّد مروان فلفال النائب عن تحيا تونس، خلال استضافته في برنامج ميدي شو بإذاعة “موازييك أف أم”، اليوم الأربعاء، أن كتلة تحيا تونس قررت عدم التصويت لحكومة الحبيب الجملي التي وصفها ب”حكومة شورى النهضة”. وقال فلفال إن هذا الموقف يتقاسمه تحيا تونس مع قلب تونس، متابعا “عدم منح الثقة لهذه الحكومة أصبح أمرا مفروضا.. هذه حكومة في حكم الساقطة انتخابيا”. وأضاف فلفال أن ”الحبيب الجملي لم يلتزم بما تعهّد به، كوّن حكومة شورى النهضة لا حكومة كفاءات مستقلة، إضافة إلى وجود شبهات تضارب مصالح في أعضاء الحكومة التي يقترحها”. وشدّد فلفال على أن التوجه الآن نحو حكومة الرئيس، قائلا ”يجب أن تكون حكومة مصلحة وطنية ويتم التسريع فيها لأن وضع البلاد لا يحتمل مزيدا من التأخير”. لقاء الشاهد والقروي من جانب آخر، أكّد النائب عن حزب قلب تونس أسامة الخليفي، في تصريح إعلامي، أن اللقاء الذي جمع رئيسي حزبي قلب تونس وتحيا تونس، أمس الثلاثاء، بعد خلاف بينهما، هو لقاء المسؤولية والنضج والحكمة، مشددا على أنه جاء في إطار إعادة لم الشمل وتوحيد العائلة الوطنية وترك الخلافات السياسية جانبا أمام صعوبة الأوضاع التي تمر بها البلاد. كما أكد القيادى بحزب قلب تونس حاتم المليكى، أن الحزب سيعقد عشية غد الخميس مجلسه الوطني، الذي كان مقررا عقده الأحد الماضي، لحسم موقفه من الحكومة المقترحة من قبل الحبيب الجملى، قبيل الجلسة العامة المنتظرة يوم الجمعة القادم. وأوضح المليكي، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، اليوم الأربعاء، أن المكتب السياسي للحزب اجتمع، أمس الثلاثاء، وتم التطرق إلى المستجدات في البلاد دون اتخاذ موقف من حكومة الجملى، مشيرا إلى أن مسألة تصويت كتلة قلب تونس لفائدة الحكومة من عدمه ستناقش داخل المجلس الوطني قبل اتخاذ القرار النهائي. وأكّد المليكي أنه سيتم خلال أشغال المجلس الوطني أيضا، عرض نتائج المشاورات التي أجراها رئيس الحزب نبيل القروى مع رئيس حركة تحيا تونس يوسف الشاهد ومع حزبيي التيار الديمقراطي وحركة الشعب وكتلتي الإصلاح الوطني والمستقبل. الشاهد ينفي وفي تعليقه على ما راج بخصوص وجود اتفاق مع القروي، نفى يوسف الشاهد هذا السيناريو، مؤكّدا، في تدوينة نشرها أمس الثلاثاء عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، أنه “غير معني لا برئاسة الحكومة ولا بالحصول على منصب سفير ولا مدير ديوان ولا بغيرها من المناصب التي تروج لها الأخبار الزائفة المتداولة”. وكتب يوسف الشاهد ما يلي: “أنا معني فقط بمواصلة قيادة الحكومة إلى غاية تسليم الأمانة إلى الحكومة الجديدة ومواصلة نشاطي والتزامي السياسي لما فيه خير وطننا العزيز”. سعيّد غير معني أمّا عن موقف رئيس الجمهورية من سيناريو “حكومة الرئيس” الذي تدفع له مجموعة هذه الأحزاب فقد أكّد سعيّ في مناسبات سابقة أنه غير معني بهذا السيناريو. وفي نفس الإطار، قال رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي في تصريح صحفي، اليوم الأربعاء، في ردّه على ما يروج من أخبار حول ما يعرف ب”حكومة الرئيس”، إن موقف رئيس الجمهورية قيس سعيّد كان واضحا في هذه المسألة وعبر له عن عدم رغبته في اللجوء إلى هذه المرحلة كما أنّ هذا الأمر ليس في ذهنه بتاتا. ورغم الموقف الرافض لرئيس الجمهورية لسيناريو ما سمّي “حكومة الرئيس” فإن أحزاب التيار والشعب تحيا وقلب تونس مازالت تدفع في هذا الاتجاه، فهل تتكتّل هذه الأحزاب لإسقاط حكومة الجملي وتدفع نحو السيناريو البديل؟