أثار منشور حكومي يستثني الامهات اللواتي لا يتجاوز سنّ أبنائهن 15 سن من العودة مع انطلاق الحجر الصحي الموجه، جدلا واسعا في تونس، قبل أن تقوم الحكومة بإلغائه، مشيرة إلى تسرب خطأ في الصياغة النهائية للنص وأنّه سيتم تصويب الأمر وإعادة نشره. وقبل بيان التصحيح، أثار الأمر الحكومي ضجة واستنكار جمعيات ونشطاء يدافعون عن حقوق المرأة، حيث اعتبروا أن الأمر يحدّ من دور المرأة في الحياة العملية ويُلزمها بالحياة المنزلية وبحضانة الأطفال، التي ليست حكرا على المرأة، وفق تعبيرهم. وفي بيان مشترك، قالت عدة جمعيات مدافعة عن حقوق المرأة أمس الأحد إن “استثناء الأمهات من رفع الحجر التدريجي هو تحميل قانوني واضح للدور الإنجابي ووظائف رعاية الأطفال والأسرة للنساء وحدهن”. من جهتها، قالت عضوة البرلمان السابقة التي كانت ترأس أيضا لجنة الحريات الفردية والمساواة، بشرى بلحاج حميدة، إنه “بعيدا عن حقوق المرأة، يجب على الحكومة أن تعرف أنه يوجد آباء يريدون العناية بأطفالهم، وآخرون يجب عليهم القيام بذلك”. وتعقيبا على الاحتجاجات، نشرت رئاسة الحكومة التونسية أمس الأحد بيانا تحدثت فيه عن “تسرب خطأ في الصياغة النهائية للنص”، وأنه “سيتم تصويبه بتنقيح الأمر وإعادة نشره” في الرائد الرسمي. في المقابل، استغرب آخرون تراجع الحكومة عن أمرها معتبرين أن ما قامت به الجمعيات النسوية مبالغ فيه، وكان الأمر الحكومي لصالح المرأة وليس ضدّها، باعتبار المدارس والمحاضن مغلقة. وقال الأمين البوعزيزي في هذا السياق “أولا الحجر الصحي ليس عقوبة بل خوف على صحة المعنيين بالحجر. ثانيا إدراج أمهات الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عام المعني به الأطفال وليس النساء، على اعتبار أنه في هذه الأيام لا تعليم ولا رياض ولا محاضن أطفال”. وأضاف البوعزيزي “ما كان للحكومة أن تخص النساء العاملات بضرورة أن يكنّ المعنيات بالبقاء مع الأطفال القصر في البيت، فالأمر موكول للأسرة لتقدير من يبقى الأب أو الأم”. وتابع قائلا “نساء تونس لا يحتجن إلى مستعمر يحررهن من أساطير “الرجل الشرقي” الاستشراقية.. والذي يحب أن يقطع مع الذكورية يقطع مع تأنيث الحضانة”. بدوره، أيّد الناشط السياسي برهان بسيس في تدوينة عبر صفحته الرسمية على الفايسبوك قرار الحكومة استثناء الأمهات من العودة مع انطلاق الحجر الصحي الموجه. وقال بسيس إنه بعيدا عن المزايدة من الجمعيات النسوية. لكن من سيعتني بالأطفال والروضات مغلقة؟ وكتب بسيس في صفحته علي الفايسبوك التدوينة التالية: ” ليس خطأ تسرّب، هو تراجع تحت ضغط ملاحظات فايسبوكية.. مع احترامي للجميع، ومع قناعتي أنه لا أحد يملك شرعية أن ينتصب بابا أعظم لكنيسة الحقوق النسوية، واقعيّا، واقعيّا…. خرج آباء وأمهات الأطفال دون 15 سنة للخدمة وجوبا والمحاضن والروضات مسكرة، شكون بش يتلهى بالوليدات الصغار هذه الأيام”. وكانت رئاسة الحكومة، أكّدت أمس الأحد 3 ماي، أنه تسرّب خطأ في نص الامر الحكومي عدد 208 الصادر في 2 ماي 2020 والمتعلق بضبط إجراءات الحجر الصحي الموجه .وقد أعيد نشر الأمر عدد 208 دون ملاحظة “تصويب خطأ” المعتاد العمل بها في عمليات التصحيح بالرائد الرسمي، واستعملت عبارة “تنقيح”، ما يعني أنّ الحكومة تراجعت عن مضمون النص الأول.