يعيشون في مخيمات مكتظة أو في مراكز إيواء تفتقر لأبسط مرافق الحياة وفي أحيان كثيرة مشردون. يواجهون التمييز العنصري وسوء المعاملة وشتى أنواع الاستغلال حتى أن صفة الإنسانية تنزع عنهم في أحيان كثيرة. هكذا يعيش المهاجرون وطالبو اللجوء في العديد من دول العالم. أعدادهم الكبيرة وتوسع رقعة انتشارهم في أغلب دول العالم حال دون تمكن المنظمات الدولية والمدنية من إنقاذهم أو إيجاد حلول جذرية لوضعيتهم وقد اقتصرت أغلب التدخلات على تحسين ظروف عيشهم والتقليص من حدة معاناتهم. انتشار فيروس كورونا المستجد فاقم أزمة اللاجئين خاصة بعد إجراءات إغلاق الحدود البحرية بالعديد من الدول التي منعت استقبال قوارب المهاجرين مثل إيطاليا وكذلك غلق الحدود البرية بين الدول على غرار كولومبيا وفنزويلا مما تسبب في تكدس اللاجئين على الحدود أو في المياه الإقليمية. غلق الحدود البرية والبحرية ليس الخطر الوحيد الذي يحدق باللاجئين فإقرار الحجر الصحي العام بأغلب دول العالم عمق معاناة هذه الشريحة ومنعها من البحث عن قوتها اليومي مما جعلها عرضة للجوع والمرض. وتعتبر مراكز الإيواء والإيقاف الخطر الأكبر على اللاجئين وطالبي اللجوء فالواقع الذي فرضه فيروس كورونا ضاعف أعداد هذه الفئة في مساحات ضيقة تفتقر للتعقيم والمياه والصرف الصحي مما يجعلهم عرضة لخطر الإصابة بالفيروس. التدابير الحكومية والمساعدات الاجتماعية لتجوز الأزمة استثنت أولئك الغرباء عن الوطن وتظل التدخلات لفائدتهم محتشمة بالكاد ينتفعون منها. المهاجرون وطالبو اللجوء في تونس أكد المكلّف بالإعلام بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر غياب إحصائيات دقيقة لعدد المهاجرين غير الشرعيين بتونس مبينا أن الإحصاء الموجود يشمل فئات معينة فقط وهم اللاجئون الذين يبلغ عددهم 4300 لاجئ والطلبة الذين يبلغ عددهم 6000 طالب فيما تغيب أرقام رسمية حول الوضعيات الأخرى لأن أغلبهم في وضعيات إقامة غير نظامية دخلوا التراب التونسي عبر الحدود مع ليبيا وعبر الحدود البحرية أو انتهت بطاقة إقامتهم. واعتبر بن عمر في تصريح لموقع “الشاهد” أن السلطات التونسية عند سنها لإجراءات مكافحة انتشار فيروس كورنا بالبلاد، تجاهلت هذه الفئة لكنها بعد تحرك منظمات المجتمع المدني أعربت عن رغبتها في التعاون واتخاذ إجراءات لفائدتهم. كما بين أن الإجراءات المذكورة تم اتخاذها عقب اجتماع عقد بين وزير الداخلية ووزير الشؤون الاجتماعية ووزير حقوق الإنسان والعلاقات مع المجتمع تتلخص في التمديد في بطاقات الإقامة وتوجيه نداءات لمؤجري الشقق للمرونة معهم وتنظيم حملات مساعدة لفائدتهم ترجمت على أرض الواقع. إجراءات قاصرة شدد بن عمر على أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة على أهميتها تبقى قاصرة على معالجة الوضعية الحقيقية للمهاجرين وأن القصور برز في ملف مركز الوردية وتشبث سلطات الإشراف بقرار احتجاز المهاجرين داخله في ظروف صعبة رغم الوعود المتكررة بإطلاق سراحهم. وتابع أنه لم يتم تسجيل أي إصابة بفيروس كورونا في صفوف المهاجرين لكنهم يشعرون بالخطر بسبب غياب تطبيق الإجراءات الصحية المعلن عنها من قبل وزارة الصحة وتوصيات منظمة الصحة العالمية. واعتبر المتحدث أن المهاجرين بمركز الوردية محتجزون دون أي سند قانوني وأن أغلبهم ممن لم يتمكنوا من تجديد بطاقات إقامتهم، مشيرا إلى أن ذلك خطأ إداري وليس قضائي ولا يستوجب العقاب بحرمان الإنسان من حريته. مطالب أكد رمضان بن عمر أن مطالب المنتدى تتلخص في إغلاق مركز الوردية أو تحويله إلى مركز إيواء مفتوح للمهاجرين في تونس وأن الحل الوحيد للمهاجرين غير النظاميين هو العمل على مبادرة لتسوية وضعيتهم القانونية يتشجع من خلالها المهاجر على طلب المساعدة والالتزام بكل القرارات الحكومية في علاقة بمكافحة الوباء والمعالجة إذا أصيب بالفيروس وتجنب إلحاق الضرر بنفسه أو بالمحيطين به. كما بين أن تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين من شأنها أن تشجعهم على التفاعل مع الإجراءات الحكومية خاصة في تقديم المساعدات مبينا أن التطبيقة التي أطلقتها الحكومة لمساعدة هذه الفئات لم تجد إقبالا منهم لأنهم لا ثقة لديهم في الأجهزة الرسمية ويخشون استعمال معطياتهم الشخصية لملاحقتهم أو ترحيلهم قسرا. قلق على وضعية اللاجئين بتونس أعربت العديد من المنظمات من بينها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب ومنظمة محامون بلا حدود في بيان مشترك عن قلقها إزاء الاحتجاجات الواقعة مؤخرا في صفوف المهاجرين المحتجزين والمتزامنة مع جائحة كوفيد 19 مطالبة بتوضيحات من السلطات المختصة بشأن طبيعة الاحتفاظ بمركز الوردية وأساسه القانوني. وبينت المنظمات أنّ المعلومات التي بحوزتها تفيد بأن عدد المحتجزين من المهاجرين بمركز الوردية يفوق العشرات وأن العامل المشترك بين جميع المحتجزين في حملهم لجنسية أجنبية، وجهلهم التام للسند القانوني لاحتجازهم مطالبين بتوضيح الأساس القانوني للإجراءات السالبة للحرية، سواء تعلقت باحتجاز إداري، أو بحالات احتفاظ كما دعت المنظمات السلط القضائية إلى ممارسة رقابتها الفورية والفعالة بشأن شرعية هذه الاحتجازات. كما شددت المنظمات على أن الوضع الصعب للمهاجرين المحتجزين يستوجب معالجة سريعة خاصة مع انتشار فيروس كورونا معتبرة أن الخطر الصحي أكبر في مراكز الاحتجاز حيث لا يمكن فرض رقابة فعالة كما في الخارج بخصوص احترام الإجراءات الوقائية كاحترام المسافة الاجتماعية أو وضع الحواجز الصحيّة.