من خلال التتبع الدقيق لحظة بلحظة ، لمجريات جلسات الحوار الوطني الماراطونية على امتداد الأيام القليلة الماضية ، ومايبذل خلاله من جهد أسطوري للتوافق حول اسم الشخصية التي ستكلف بتشكيل الحكومة ، يتبين أن أطرافا ثلاثة ، مثلت على التوالي عقبات كأداء ، وصخورا صماء ، حالت دون حصول تقدم في مستوى المسار الحكومي الذي يتوقف عليه انطلاق بقية المسارات . فالتحالف الديمقراطي الذي نأى بنفسه عن الاختيار خلال جلسة الليلة الماضية ،وفضل الصمت السلبي عن الاختيار المسؤول كان بإمكانه أن يحسم الخلاف بين المرشحين أحمد المستيري ومحمد الناصر وييسر بذلك على الرباعي الراعي إعلان اسم رئيس الحكومة القادمة . كما أكدت مصادر مقربة من حركة النهضة أن محمد الحامدي وعد بالتصويت معها على المرشح الذي ستختاره ، لكنه نكث عهده معها ، وجعل تندم على الموافقة على اعتماد التصويت لحسم الخلاف بعد تأكدها من أن المستيري يحظى بتأييدها وتأييد الجمهوري والتكتل بالإضافة إلى وعد الحامدي . أما الجبهة الشعبية التي تميزت بصمتها خلال اليومين الأخيرين ، حتى لاتتهم بأنها تقف وراء إفشال الحوار الوطني على غرار ماحدث معها منذ أيام ، فإنها اليوم أخرجت براثنها من جديد واعترضت بشدة على شخص أحمد المستيري رغم توافق جل الأحزاب عليه بما فيها نداء تونس . أما الضربة القوية التي يوشك أن يتهاوى على إثرها الحوار الوطني فتتمثل في انسحاب كل من الطيب البكوش و نورالدين بن تيشة منذ ساعة من الآن ، بعد عدد من المناورات ، والاقتراحات المسمومة التي يبدع حزبهم في ابتكارها يوميا . وإن قدّر للحوار الوطني أن يفشل ، وهذا مالانتمناه ، فالتحالف ، والجبهة الشعبية ونداء تونس هم المسؤولون عن ذلك ، وليكن الرباعي صريحا ، وواضحا في التعبير عن أن الترويكا التي يعلقون على شماعتها كل مشاكل الوضع السياسي ، ليست هذه المرة مسؤولة عن فشل الحوار الوطني . لطفي هرماسي