تشهد منظومة إنتاج الحليب في تونس منذ سنوات أزمة متواصلة، تتجدد ملامحها هذه الفترة مع ارتفاع كلفة الإنتاج وتراجع عدد رؤوس الأبقار المنتجة، ما أدى إلى نقص واضح في المشتقات الحيوانية مثل الزبدة والجبن. وفي حوار مع إذاعة ديوان أف أم، تحدث رئيس نقابة الفلاحين،الميداني الضاوي، عن واقع القطاع، مبيّناً أنّ سعر بيع لتر الحليب الحالي والمقدر ب 1.340 دينار لا يغطي كلفة الإنتاج الحقيقية التي تتجاوز 1.800 دينار وقال الضاوي إنّ «الفلاح التونسي يبيع بالخسارة»، وهو ما يضعه في وضعية صعبة، ويدفع العديد منهم إلى التفريط في القطيع أو التوقف عن الإنتاج. وأضاف أنّه رغم بعض التحسن الطفيف السنة الفارطة بسبب انخفاض أسعار الأعلاف الخشنة كالقرط والتبن، إلا أنّ ترميم القطيع لم يتحقق بعد بالشكل المطلوب، حيث يظل المربون عاجزين عن تجديد رؤوس الأبقار المنتجة نتيجة غياب هامش الربح وضعف الدعم. وأشار رئيس النقابة إلى أنّ القطيع تراجع بوضوح في مناطق الوسط والجنوب، ليتركز الإنتاج حالياً أساساً في ولايات الشمال مثل بنزرت وباجة، حيث تتوفر الأعلاف الخضراء والظروف الملائمة للتربية. وفي تفسيره لأزمة فقدان الزبدة في الأسواق، أكد الضاوي أنّ الأمر طبيعي في ظل تراجع إنتاج الحليب، قائلاً: «الزبدة مشتقة من الحليب، وعندما ينقص الحليب، من الطبيعي أن تختفي الزبدة من الأسواق. المنتج يفضل توجيه الكميات المتوفرة للاستهلاك المباشر بدل تصنيع المشتقات». أما عن الحلول الممكنة، فشدّد الضاوي على ضرورة إعادة ترميم القطيع من خلال دعم المربين مباشرة وتشجيع تربية الأبقار المنتجة، إلى جانب توفير الأعلاف بأسعار معقولة. وانتقد ما وصفه ب «توظيف الشأن الاجتماعي على حساب الفلاحين»، قائلاً إنّ السلطات تخشى رفع سعر الحليب حفاظاً على القدرة الشرائية للمواطن، لكن ذلك يتم على حساب **استمرارية الإنتاج. واقترح رئيس النقابة العودة إلى برامج الدولة السابقة التي شجعت الشباب على الانخراط في مشاريع تربية الأبقار عبر قروض ميسّرة، إضافة إلى تشجيع التربية المحلية بدل الاعتماد على توريد اللحوم، معتبراً أن «المستهلك التونسي يفضّل لحم بلاده على المستورد». وختم الضاوي بدعوة إلى رؤية وطنية شاملة لإصلاح المنظومة قائلاً: «لا يمكن الحديث عن الأمن الغذائي في ظل خسائر متواصلة للفلاحين. دعم الإنتاج هو الطريق الوحيد لحماية الحليب التونسي ومشتقاته».