نظرة في المستجدات الليبيّة الأخيرة بقلم الجمعي العليمي انتشرت منذ الساعات الأولى لصباح يوم 14 فيفري 2014 انتشار النار في الهشيم …أخبار تروّج لحدوث انقلاب عسكريّ في ليبيا…و تلقّفت قناة العربية الخبر بل نقلت البيان الأوّل للانقلابيين و روّجت له بكثافة تثير الكثير من نقاط الاستفهام …و بدأ القصف الإعلامي المكثّف و تبارى " المحلّلون " و " الخبراء " في قراءة " الحدث " و تأويله و اختصموا و علا صياحهم هنا و هناك …" ليبيا سقطت يا رجّاله " …. انّني قريب جدّا من مسرح الأحداث – ماديا و معنويّا – و أتابع الشأن الليبي عن كثب و أزعم أنّني أمتلك مفاتيح قراءة ملفّاته جيّدا …و أستطيع أن أقول إنّ ما جرى و ربّما مازال يجري في أذهان الكثير من الحالمين و مراهقي السياسة و عشّاق التغيير بالانقلاب ….ما جرى اليوم لا يعدو أن يكون سوى " عيطة و شهود على ذبيحة قنفود " …. فلا يوجد انقلاب و لا هم يفرحون …. لا يوجد انقلاب في ليبيا اليوم…. و لن يحدث أيّ انقلاب في ليبيا لا اليوم و لا غدا …ولا بعد الغد…. بكلّ بساطة لأنّ آخر انقلاب و قع في ليبيا هو انقلاب " معمّر القذافي " على الملك السنوسي …و ما نسمع عنه اليوم ليس الاّ طلقا في الهواء …. و بالون اختبار لأكثر من جهة و طرف … ما وقع في ليبيا اليوم ليس الاّ لعبة اعلاميّة كبرى تحالفت فيها قوى الالتفاف على الثورة الليبية في الداخل و الخارج مع قنوات اعلاميّة احترفت الكيد لثورات الربيع العربي و تعمل على إفشالها و تعطيل مساراتها مدعومة بجهد مخابراتي صهيوني يريد أصحابه ترتيب الأوضاع في بلدان المغرب العربي وفق هواهم و مصالحهم….كلّ هذه الخلطة المشبوهة أنتجت مولودا مشوّها يحمل بذور فنائه في ذاته …بل مات " على النفاس " و لم يكتب له أن يرى النور و لو ليوم واحد … فاللواء " خليفة حفتر " زعيم الانقلاب المزعوم رجل لعب على أكثر من حبل و لم تعد له أيّة مصداقية في الداخل أو في الخارج …فقد عمل مع سيّده القديم " القذّافي " حتّى فلّ سيفه و ختم مسيرته معه بالانشقاق عنه اثر هزيمة الجيش الليبي في حربه مع التشاديين في إقليم " أوزو " …انشقّ عن قائده و رئيس بلده بعد أسره في معركة وادي الدوم يوم 22 مارس 1987 ليؤسّس " الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا " من داخل زنازين السجون التشادية و أعلن في 22 جوان 1988 إنشاء ما سمّاه " الجيش الوطني الليبي " كجناح عسكري تحت قيادته لقتال نظام القذافي و الانقلاب عليه انطلاقا من الأراضي التشادية و قد باءت محاولاته بالفشل الذريع …لينتهي أمر " حفتر " و " الجيش الوطني الليبي " سريعا و رحّلت أعضائه مروحيات أمريكية إلى الولاياتالمتحدة حيث أقام هناك لمدة 20 عاما كان خلالها صندوقا أسود عند الأمريكان في " حربهم الباردة و الساخنة " على نظام معمّر القذّافي طيلة العقود الماضية التي قضّاها طاغية ليبيا جاثما على صدور الليبيين … إنّ رجلا بهذه المواصفات لا يمكن أن تجد تحرّكاته و لا حتّى أقواله صدى عند أشقّائنا الليبيين ممن قاموا بثورة على الطغيان و الظلم و الاستعباد …كما أنّ تشكيلات " حفتر " العسكرية لا يمكنها السيطرة حتّى على دوّار واحد في شوارع طرابلس فما بالك بشارع أو حيّ أو أيّ مدينة من المدن الليبية … ؟؟؟ " خليفة حفتر " هذا… غير قادر على إدارة انقلاب عسكري …فالانقلاب العسكري في هذا البلد أصبح ثامن المستحيلات …فالشعب الذي أزاح أكبر ديكتاتور في المنطقة بالسّلاح….سيواجه أيّ منقلب بالسّلاح أيضا …فالليبيون أفرادا كانوا أو مجموعات أو قبائل مسلّحون حتّى النخاع ….لم نعد نتحدّث عن السلاح الخفيف …فالقبائل …كلّ القبائل الليبية مسلّحة تسليحا ثقيلا…و كلّ انقلاب في ليبيا يعني مواجهة مع هذه القبائل …أي حربا أهلية ….فهل بإمكان هذا اللّواء عسكريا و بشريا إدارة معركة بهذا الحجم ؟؟؟ إنّ محاولة استنساخ الانقلاب العسكري المصري في ليبيا اليوم و بهذا الشكل السّخيف … حدث مثير للسخرية و الشفقة في آن معا…. " خليفة حفتر " هذا ….لا يمكنه أن يكون سيسيّا آخر في ليبيا …لأنّ المكان غير المكان و الشخوص غير الشخوص و الشعب غير الشعب. " خليفة حفتر " هذا ….لن يكون خليفة للقذافي كما يحلم الكثيرون …هنا و هناك… " خليفة حفتر " هذا …يمكن أن تكون مسرحيته اليوم حتفا لكلّ الأزلام …هنا و هناك …. إنّ ما عشناه اليوم لا يعدو أن يكون الاّ بروفة ركيكة لكذبة أفريل جاءت قبل أوانها بكثيييير … و من يطلب أمرا في غير أوانه …يعاقب بحرمانه …و " عيش بالمنى يا كمّون ". إنّها طواغيت " تحبّ " شعوبها حبّا جمّا….فلا تأتي انقلاباتها الاّ في عيد الحبّ …. لقد فشل انقلاب عيد الحبّ …..اللهم قنا شرّ انقلاب عيد الشجرة .