في السنوات الأخيرة، ومع تطور أساليب تقييم الممتلكات العقارية، أصبحت المعاينة الميدانية من أهم الآليات التي تعتمدها الدولة لضبط القيمة الحقيقية للعقارات، وذلك بعيدًا عن المقارنات السطحية التي كانت تعتمد فقط على الأسعار المعلنة أو مقارنة بسيطة مع الجيران. القياس على الجيران لم يعد كافيًا في السابق، كانت الإدارة الجبائية تعتمد على أسعار مقارنة بين العقارات المتجاورة لتحديد القيمة المرجعية. لكن هذا المنهج أثبت محدوديته. فقد يكون عقارًا من الخارج شبيهًا تمامًا بجاره من حيث الواجهة والموقع، فيتم اعتباره في نفس المستوى السعري. لكن، وبمجرّد القيام بمعاينة ميدانية ودخول المنزل، قد يتبيّن أن البناء الداخلي للعقار أغلى بكثير من السعر المعلن، نظراً لجودة المواد المستعملة أو لتجهيزات عالية المستوى، وهذا ما يستوجب إعادة تقييم السعر نحو الأعلى. العدالة الجبائية تقتضي التدقيق هذا التحول نحو المعاينة الميدانية جاء لضمان العدالة الجبائية، لا فقط تجاه الدولة، بل أيضًا بين المواطنين. فالمواطن الذي قام بتسجيل قيمة عقاره بأقل مما يستحق مقارنة بجاره، قد يكون فعلاً محقًا إذا كان قد اشترى عقارًا في ظروف أقل جودة: ربما اشتراه على "انقاض" أو في وضعية معمارية متدهورة، أو ربما من مالك كان مضطرًا للبيع بثمن بخس. في مثل هذه الحالات، فإن المعاينة تُؤكد مشروعية التقييم المنخفض، على عكس ما قد يبدو عند مقارنة الواجهة فقط. حين تُخفي الواجهة الحقيقة في حالات أخرى، قد يبدو العقار بسيطًا من الخارج، في واجهته وعموم مظهره، لكنه يخفي داخله تجهيزات فاخرة وبنية متطورة: من نوعية الأرضيات، إلى المطابخ المجهزة، إلى نظام التدفئة أو العزل. وهنا، من حق الدولة أن تُعيد التقييم استنادًا إلى الواقع الفعلي للبناء، لا للمظاهر الخارجية. خاتمة: تقييم أكثر إنصافًا إن المرور من المقارنة السطحية إلى المعاينة الميدانية يمثّل نقلة نوعية في التقييم الجبائي العادل. فهو يُمكّن من التفريق بين عقارين قد يبدوان متشابهين من الخارج، لكنهما يختلفان جذريًا من الداخل. وهذا التحول يخدم مصلحة الدولة والمواطن في آنٍ واحد، ويؤسس لثقافة تقييم شفافة تراعي جودة البناء لا مجرد موقعه أو ظاهره الخارجي.