أخبار تونس– يساهم القطاع السقوي في حدود 35 بالمائة من حجم الإنتاج الفلاحي بتونس. كما يضمن ما يعادل 20 بالمائة من قيمة صادرات المواد الفلاحية ويساهم في خلق 20 بالمائة من مواطن الشغل في الميدان الفلاحي. و تتجه تونس نحو اعتماد الري كوسيلة لتأمين الإنتاج الفلاحي وتلافي نقص المياه باعتبار أن كمياتها غير كافية ومتفاوتة حيث تتراوح ما بين 600 و1000 مم سنويا في الشمال وتصل إلى معدل 350 مم في وسط البلاد لتنزل إلى أقل من 100 مم في الجنوب. وبالفعل فان المساحات التي تعتمد الري المكثف والمجهزة بمحطات الضخ وقنوات التوزيع تبلغ 405 آلاف هكتار إلى جانب توفر 60 ألف هكتار أخرى تعتمد الري نصف المكثف أو الري التكميلي . وتتوزع هذه المساحات بنسبة 63 بالمائة بالشمال و21 بالمائة بالوسط و16 بالمائة بالجنوب. وفي لاية سوسة، تقبل المنطقة العمومية السقوية ببوفيشة على انطلاقة جديدة بالتقدم في تنفيذ نتائج البحث العلمي التطبيقي والتوسع في استعمال تقنيات الري الحديثة وتنظيم حملات تحسيسية مركزة لفائدة الفلاحين. إذ ستشهد هذه المنطقة العمومية الممتدة على مساحة 5 آلاف هك مع بداية سنة 2010 إدخال تحسينات على الشبكة المائية باعتمادات قيمتها 250 ألف دينار.ويتمثل القسط الأول من المشروع في إضافة 130 حنفية وتركيز 28 كلم من القنوات. وقد سجلت المنطقة خلال السنوات الخمس الأخيرة تطورا ملحوظا في المساحات المستغلة وتنوعا في الزراعات بإدخال نوعيات جديدة معدة للتصدير إضافة إلى نوعية جديدة من الزراعات العلفية وغراسة الأشجار المثمرة كالقوارص وكروم عنب الطاولة مما ساهم في ارتفاع المساحات المزروعة من 2775 وهك خلال الموسم الفلاحي 2004/2005 إلى 4900 آلاف خلال الموسم الحالي. كما ارتفعت خلال هذه الفترة نسب التكثيف الزراعي بالمنطقة من 55 بالمائة إلى 98 بالمائة. ويعزى هذا الارتفاع إلى تطور كميات مياه الري بمنطقة “بوفيشة” المتوفرة بسعر تفاضلي لفائدة مجامع التنمية للفلاحة والصيد البحري المسيرة لمختلف المقاسم من قرابة مليوني متر مكعب خلال 2005 إلى 6 ملايين متر مكعب حاليا. وفي نطاق الإستراتيجية الوطنية للاقتصاد في مياه الري، شهدت هذه المنطقة تجهيز 1660 هك بمعدات مقتصدة في مياه الري أي بنسبة تجهيز قدرها 33 بالمائة من المساحة الجملية. ونظرا لخصوصيات المنطقة من مناخ وتربة وقربها من عديد المعامل التحويلية فقد تم التركيز على زراعة الطماطم التي تطورت مساحتها من 75 هك خلال الموسم الفلاحي 2004-2005 إلى 400 هك خلال هذا الموسم وارتفع بالتوازي معدل الإنتاج خلال هذه الفترة من 50 طنا/هك إلى 80 طنا/هك. وتطورت في هذا الإطار مساحة البطاطا الموجهة للتصدير من 15 طنا خلال موسم 2005/2006 إلى 20 طنا خلال هذا الموسم. كما أصبحت ولاية سوسة من أهم الجهات المنتجة للحبوب المروية منذ انطلاق استغلال المنطقة السقوية ببوفيشة خلال موسم 2007/2008 تجسيما للإجراءات الرئاسية الخاصة بتنمية قطاع الحبوب المروية. وتطورت بذلك الحبوب المروية بمعتمدية بوفيشة من 200 هك خلال موسم 2004/2005 إلى ألف و600 هك خلال الموسم الحالي مما مكن من الرفع في مردوديتها من 20 طنا/هك خلال موسم 2005/2006 إلى 40 طنا/هك حاليا. ويذكر أن منطقة بوفيشة التي تروى من مياه وادي الرمل تمثل نسبة 43 بالمائة من المساحة الجملية للمناطق السقوية بولاية سوسة. والملاحظ أن المياه المتاحة في تونس تبلغ كمياتها 4800 مليون متر مكعب سنويا. وهو ما يجعلها من بين البلدان ذات المياه الأكثر ندرة في حوض البحر الأبيض المتوسط. وهو ما يمثل حصة للفرد في حدود 480 متر مكعب سنويا، علما أن الحد الأدنى لهذه الحصة على المستوى العالمي يصل إلى 1000 متر مكعب للشخص الواحد سنويا. ويقدر حجم الطلب على المياه في القطاعات الاجتماعية والاقتصادية حاليا ب 2600 مليون متر مكعب سنويا. وهي تتوزع على القطاع الفلاحي بنسبة 80 بالمائة. فالمياه الصالحة للشراب والسياحة ب16 بالمائة ثم الصناعة ب4 بالمائة. ومن المرجح أن يستقر حجم طلب القطاع الفلاحي من المياه في مستوى 2100 مليون متر مكعب في أفق 2010 وذلك باعتبار محدودية الموارد المائية والأراضي القابلة للري. ترشيد استغلال الماء ويرمي البرنامج الوطني للاقتصاد في مياه الري المعتمد منذ سنة 1995 إلى ترشيد استغلال مياه الري وتثمينها اقتصاديا وتثبيت الطلب على المياه في مستوى الموارد المتاحة. وتمتد الأراضي الفلاحية المجهزة بالمعدات العصرية للاقتصاد في الماء على مساحة 335 ألف هكتار يمثل الري الموضعي (حول النبتة وجذورها) 122 ألف هكتار منها والري بالرش (الرش فوق الأوراق) 110 آلاف هكتار والري السطحي المحسن للأرض (التي لا تحتاج ضغطا مائيا) 102 ألف هكتار. وقد بينت دراسة البنك العالمي حول ” المياه في العالم العربي: آفاق التصرف والتجديد”، التي عرضت مؤخرا، تميز تونس كأنموذج يحتذى به في مجال التصرف الناجع في الموارد المائية، سواء إقليميا أو دوليا. وهذا التميز العالمي، اعتراف دولي جديد، يضاف إلى عدد هام من الشهادات والتصنيفات العالمية الأخرى المقدرة للمنهجية الرائدة التي تعتمدها تونس في مجال التصرف في الموارد المائية، بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية