أخبار تونس- حفاظا على المعالم التاريخية التي تشهد على عراقة الحضارة والتاريخ بوصفها ثروة وطنية وجب الاعتناء بها من خلال إحيائها و صيانتها، وقع الإعلان عن المشروع الاورومتوسطي “المنتدى” لإحياء وتوظيف التراث التقليدي بمدينتي القيروانوسوسة . وجاء هذا المشروع ضمن برنامج شراكة بين كل من جمعية صيانة مدينة سوسة وجمعية صيانة مدينة القيروان سعيا إلى صيانة التراث والمعالم التاريخية في هاتين المدينتين . ويسجل هذا المشروع مشاركة خبراء من تونس والجزائر والمغرب واسبانيا وفرنسا في إطار برنامج أوروبي متوسطي ” ايروماد” سيشرفون على امتداد 36 شهرا بداية من سبتمبر2009 على توفير الوسائل العملية والتطبيقية التي يمكن استغلالها للمحافظة على التراث وصيانة المعالم التاريخية . وسيتم أيضا تشريك المدرسين والتلاميذ والأولياء والحرفيين والمرشدين السياحيين إلى جانب مختلف مكونات المجتمع المدني في مدينتي القيروانوسوسة لتشخيص الوضع وتحقيق التثمين المنشود للتراث. كما تم في إطار المشروع ذاته إحداث فضاءات للتفكير لمزيد التعريف بأهمية هذا المخزون التاريخي الهام وآفاق توظيفه في التنمية المحلية والترويج له كمنتوج سياحي. وفى نفس السياق ، سيتم تنظيم تظاهرات تحسيسية لفائدة الجمهور العريض والمسؤولين المحليين للتأكيد على أهمية المعارف المتعلقة بالتراث المعماري والتاريخي . يذكر أنه في إطار مشروع رئاسي لصيانة المدينة العتيقة بالقيروان تم تخصيص سبعة ملايين دينار تونسي تم توظيفها لمزيد العناية بجامع عقبة بن ناقع وترميمه وتجديد شبكة الإنارة به . كما تمت إعادة صيانة مقام الصحابي الجليل أبي زمعة البلوي والمدرسة البلوية وتطوير المراكز الروحية. وتزخر مدينة القيروان بالعديد من المعالم التاريخية نذكر منها الجامع الكبير، ويعود تاريخه إلى العام 836م ويعد محرابه وأرضيته ذات البريق المعدني وكذلك منبره ومقصورته من روائع تحف الفن الإسلامي إضافة إلى مسجد “ابن نيرون” أو “جامع الأبواب الثلاث”. وتعتبر الفسقيات التي بنيت في العام 836م لتزويد القيروان بالماء أهم التجهيزات المائية المقامة في العصر الوسيط. ولا تزال المدينة تحتفظ أيضاً بعدد كبير من مساجد الخطبة بالأحياء أو ببعض الحمّامات العمومية، وبأسواقها ومقابرها القديمة، وبالقسط الآخر من نسيجها الحضري الإسلامي. أما جامع عقبة بن نافع فيعد هذا المسجد من أبرز ما جاءت به العمارة القيروانية في الحضارة الإسلامية بالمغرب العربي، وقد أسس سنة 50 هجري، ويستمد تخطيطه من الجامع الأموي مع الاقتداء بمثال جامع الرسول بالمدينة. كما يتميَّز جامع القيروان، بالإضافة إلى معماره وتركيبه الهندسي، بالمحافظة على أغلب أثاثه الأصلي الذي يرجع إلى فتراته الأولى، و يذكر أن المنبر الخشبي( 284ه ) هو أقدم المنابر الإسلامية وهو مصنوع من خشب الساج، ويشتمل على 106 لوحة تحمل زخارف بنائية وهندسية بديعة، تعبر عن تمازج التأثيرات البيزنطية وتوحيدها في روح إسلامية. كما تشتهر القيروان بالبرك الأغلبية وهي من أشهر المؤسسات المائية في الحضارة الإسلامية، وقد أقامها الأمير أبو إبراهيم أحمد بن الأغلب سنة 284ه. وإضافة إلى مدينة القيروان ، تزخر مدينة سوسة العتيقة بعديد المعالم مثل جامعها الكبير الذي بناه الأمير أبو العباس محمد سنة 851م وهو عبارة عن شكل رباعي الأضلاع. كما تضم المدينة العديد من الجوامع العريقة مثل جامع” سيدي علي عمار” والذي يعود على الأرجح إلى القرن العاشر ميلادي. ومن أبرز وأهم معالم سوسة العتيقة كذلك الرباط الذي بني نهاية القرن الأول الهجري وكان يستخدم لأغراض دينية وعسكرية في ذات الوقت. ويعود بناء قبة بين القهاوي إلى القرن الحادي عشر الميلادي ويضم ضريحا لأحد القادة الدينيين والسياسيين الذين عرفتهم ويتكون من “قاعة مربعة الشكل تغطيها قبة ذات أخاديد مشعة”. كما تشتهر سوسة كذلك بمنارة “خلف “والتي سميت “بأحد الفتيان الذين استعملهم الأغالبة للإشراف على أشغالهم الكبرى”.ويبلغ ارتفاع المنارة حوالي ثلاثين مترا وتتكون من طابقين يتم الوصول إليهما عبر مدرج مهيأ في الجدار وتحتل نواته المركزية أربعة حجر منضدة تغطيها قباب ذات أشكال مختلفة .