أخبار تونس – يسجل مهرجان “موسيقات” نجاحا مستمرا، فمنذ إنشائه سنة 2006 حافظ هذا المهرجان على استمرارية المنهج العام الذي وضعه كهدف أساسي للتأسيس وهو تنظيم لقاءات الموسيقات التقليدية العالمية والموسيقات المستلهمة من التقاليد. ومن بين العروض المتميزة في مهرجان ”موسيقات” الذي بلغ دورته الرابعة، عرض الشيخ سليم الفرقاني وفرقته المنتظم في سهرة يوم الثلاثاء 13 أكتوبر بمركز الموسيقى العربية والمتوسطية بقصر ”النجمة الزهراء” في سيدي بو سعيد. ويعتبر الشيخ سليم الفرقاني من أبرز أعلام الموسيقى الأندلسية القسنطينية حاليا، مما يجعله الوريث الشرعي لهذا النوع من الموسيقى بعد والده عميد “المالوف” الشيخ الطاهر الفرقاني. وقدمت فرقة سليم الفرقاني في السهرة لعشاق الطرب الأندلسي باقة من الأغاني التراثية للمالوف الشائع أساسا في مدينة قسنطينة. واشتمل العرض على قسمين: قسم للمالوف في مقام السيكا وقسم لفن “المحجوز”، وهو ضرب من الموسيقى الشعبية للشرق الجزائري. ولئن قدم الجزء الأول من الحفل عبر أصوات غنائية وآلات موسيقية شديدة الالتصاق بالموسيقى الأندلسية الصميمة، إلا أن الجزء الثاني من العرض تضمن تأدية أغاني “تعليلة العروسة” مرفوقة بآلة “الغيطة” أو “الزكرة” الجزائرية لون من الموسيقى الشعبية القسنطينية. وتكونت الفرقة من سليم الفرقاني (إنشاد وعزف عود) ونبيل طالب (كمان) وخالد سمير (دربوكة) ويوسف بونعاس: (ناي وعيطة) وعبد المجيد المكي (طار) وعبد الكريم رقاني (نقارات). ويرجع تفوق الفنان سليم الفرقاني وفرقته في العزف والغناء إلى تقيد هذه المجموعة بأصول فن المالوف وحسن إدراكه لطريقة تطوير فن النوبات الأندلسية. وتعرف النوبات عادة بطول مقاطعها الغنائية واسترسال إيقاعها لوقت طويل في العزف من دون أن تجعل السامع يمل أو ينفر فالمقطوعات تؤدى من خلال تأليف فريد بين درجات متفاوتة من السلم الموسيقي. وتتألف المادة النظمية للمالوف من الشعر والموشحات والأزجال والدوبيت والقوما مع تطعيمات لحنية محلية. وتنفرد موسيقى المالوف بتركيبتها الإيقاعية الخاصة وهيكلة نوباتها ومن أشهر شيوخ الموسيقى القسنطينية الذين برعوا في هذا الطابع من الأداء نذكر: حمو الفرقاني وبلعمري محمد العربي ومعمر براشي وعبد الكريم بسطانجي وعلاوة بن طبال وغيرهم. ولقد تشكل الطابع القسنطيني في “المرابع” والحلقات الفنية التي كان يعقدها رواد “المالوف” بمنطقة رحبة الجمال وسط مدينة قسنطينة، وتنتظم بالجزائر عدة تظاهرات سنوية مخصصة لموسيقى المالوف مثل مهرجاني قسنطينة وسيكيكدة. وتعرف الموسيقى الأندلسية في منطقة المغرب العربي تعددا وتنوعا، إذ يطلق مصطلح “المالوف” في منطقة المغرب العربي على طابع مخصوص من الموسيقى الأندلسية المنتشرة في تونس وليبيا وقسنطينة، بينما يسمى هذا النوع من الموسيقى في وجدة وتلمسان ونواحي غرب الجزائر “الغرناطي” و”فن الآلة” في المغرب و”الصنعة” في العاصمة الجزائرية. وخص الفنان سليم الفرقاني “أخبار تونس بتصريح أكد فيه على تعلقه بتونس وبجمهورها المتعلق بفن المالوف لا سيما أنه دأب على الحضور في مختلف مهرجانتها الموسيقية. وأضاف قائلا إن فرقته يحصل لها شرف كبير أن تعزف في فضاء شبيه بقصر اشبيلية المدينة المهد للمالوف وهو يفتخر أيضا بأن يحيي تاريخ البارون دي ايرلونجي كمحب للموسيقى نذر بيته الخاص قصر النجمة الزهراء” ليكون مكانا لحفظ الموسيقى المتوسطية ورعايتها من الزيف والتلاشي. وقال سليم الفرقاني إن تونس ليست غريبة عنه فهو لا يزورها لإحياء الحفلات فحسب بل يزور مدنها بمعدل أربع زيارات سنويا وهو متعلق خاصة بمدينتي نابل والحمامات. ويواصل مهرجان موسيقات في دورته الرابعة سلسلة عروضه العالمية التي تمتد بين 9 و 24 أكتوبر بمشاركة 12 بلدا من مختلف القارات مثل: سوريا وتركيا وافغانستان ومنغوليا والهند والبرازيل وغيرها.