ألقت السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الجمهورية لدى إشرافها يوم الاثنين على موكب بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الريفية خطابا في ما يلي نصه : ” بسم الله الرحمان الرحيم حضرات السيدات، نلتقي اليوم في أشغال هذه الندوة الوطنية التي تلتئم بمناسبة الاحتفال ب “اليوم العالمي للمرأة الريفية” تحت شعار “المرأة الريفية وأبواب المستقبل”. وأتوجه بهذه المناسبة بأحر التهاني إلى سائر نشطاء “جمعية المرأة من أجل التنمية المستدامة” بالمهدية، المتحصلة على جائزة رئيس الجمهورية لأفضل برنامج جهوي للنهوض بالمرأة الريفية بعنوان سنة 2008. وهو ما يقيم الدليل على أن مكونات المجتمع المدني ببلادنا رافد للتنمية الوطنية الشاملة، وسند لجهود الدولة في مجال النهوض الاجتماعي والاقتصادي. وإن في انعقاد هذه الندوة تحت عنوان “المرأة في الريف التونسي : أوضاع متطورة وإيمان بمستقبل واعد”، تجسيما للوعي بضرورة تطوير أوضاع المرأة في الريف، وتثبيت التلازم بين البعد الاقتصادي والبعد الاجتماعي، وإشاعة التنمية الشاملة، العادلة والمتوازنة، بين جميع الفئات والجهات. لقد استفادت المرأة الريفية من مختلف الخطط والبرامج التي أقرتها الدولة في مجال التنمية الجهوية والنهوض بالأرياف في سائر القطاعات الاقتصادية والاجتماعية. وكان للخطة الوطنية للنهوض بالمرأة الريفية التي أذن بها رئيس الدولة منذ سنة 1998، أطيب الأثر في تطوير الأوضاع المعيشية بالريف، بفضل ما تم اتخاذه في المجال من إجراءات وآليات تخص تعميم الخدمات الصحية والاجتماعية وتوسيع برنامج تعليم الكبار، وتكثيف المبادرات المساندة للاقتصاد العائلي. وهو ما ساعد على تحسين مؤشرات التغطية الصحية للنساء والأطفال في الوسط الريفي، وعلى التقليص من نسبة وفيات الرضع وتطوير المراقبة الصحية لما قبل الولادة، كما ساعد على الارتقاء بنسبة تمدرس الأطفال في سن السادسة من الجنسين، إلى مستوى النسبة الوطنية 99%، والحد من ظاهرة الانقطاع المبكر عن المدرسة لدى الفتيات، وارتفاع نسبة النساء الناشطات إلى 24%. واستطاعت الدولة بفضل تنوع الآليات التي اتخذتها في الغرض، بما في ذلك تدخلات صندوق التضامن الوطني، أن تقطع مع مظاهر التهميش وأن تقلص من نسبة الفقر في الوسط الريفي؛ فقد أصبح متساكنو هذا الوسط ينعمون بالسكن اللائق وبالطرقات والمدارس، وبالماء الصالح للشراب الذي بلغت نسبة التزود به 95% وبالنور الكهربائي الذي بلغت نسبة التزود به %98,7. كما انتشرت مراكز الصحة الأساسية والفضاءات الرياضية والترفيهية وغيرها من المرافق وأسباب العيش الكريم. ذلك أن جودة الحياة حق أساسي من حقوق الإنسان في بلد يتلازم فيه القول بالفعل والوعد بالإنجاز. وقد أمكن للمرأة الريفية، أن تنتفع ب %24من مجموع القروض الصغرى المسندة سنة 2008، وأن تتمتع خلال السنة نفسها ب 22% من الحجم الإجمالي للقروض بعنوان تمويل المشاريع بقيمة تجاوزت 62 مليون دينار. كما حظيت المرأة الريفية بنسبة %26,8 من تدخلات البنك التونسي للتضامن في مستوى المشاريع المنتجة. وهي نسبة سترتفع مع موفى المخطط الحادي عشر للتنمية، إلى حدود 35%. وتم في مجال الإجراءات الرئاسية الخاصة بمساندة الاقتصاد العائلي، الترفيع في الاعتمادات الموجهة إلى المرأة الريفية في إطار مشاريع التنمية الفلاحية المندمجة من %1,3 إلى %5، والارتقاء بنصيبها من القروض الصغرى المسندة من قبل الجمعيات التنموية إلى نسبة تناهز 30%. كما تم في نطاق التعاون بين الدولة ومكونات النسيج الجمعياتي، إحداث أربعة عشر قطبا بالمناطق الريفية تتيح للمرأة المشاركة في أنشطة التكوين المهني والتعليمي والتثقيفي والاجتماعي، واكتساب مهارات جديدة تساعدها على اقتحام الحياة العملية بأوفر حظوظ النجاح. حضرات السيّدات، لقد تضمن البرنامج الانتخابي الرئاسي للخماسية القادمة (2009-2014) عدة أهداف لتطوير قطاعات الصحة والتعليم والتنمية والتشغيل بالوسط الريفي. وهي ترمي كلها إلى مزيد الاهتمام بصحة الأم والطفل في هذا الوسط، ومضاعفة الجهد في الحد من الانقطاع المبكر عن الدراسة لدى الفتيات، وفي تقليص الأمية لدى النساء والرجال. ونص البرنامج الرئاسي كذلك على إرساء مقومات الاقتصاد التضامني، وتطوير مجالات جديدة للتشغيل، والترفيع بنسبة 50% من سقف قروض البنك التونسي للتضامن بشأن إحداث المشاريع للحساب الخاص. كما نص البرنامج الرئاسي على الترفيع في سقف القروض الصغرى الممنوحة من قبل الجمعيات التنموية، وإقرار جيل رابع من برامج التنمية المندمجة. وهذا من شأنه أن يشجع السكان على الاستقرار والإعمار والاستثمار وإحداث مصادر الرزق. حضرات السيّدات، إن ما تم إنجازه لصالح المرأة بالوسط الريفي يستحق التنويه والتشجيع، كما يستحق بذل المزيد من الجهد والاجتهاد من جميع الأطراف المتدخلة. فمؤسسات الدولة وهياكلها ومكونات المجتمع المدني، مدعوة إلى المثابرة على اتخاذ المبادرات والإجراءات التي ترتقي بأوضاع المرأة الريفية في كل أنحاء الجمهورية إلى المستوى المنشود من الحياة الكريمة. ولا بد أن نعمل جميعا على أن تكون التجربة التونسية في مجال النهوض بالمرأة في الأسرة والمجتمع، تجربة ناجحة ورائدة على مختلف المستويات. وإن المرأة الريفية مدعوة بدورها إلى مزيد الاعتماد على الذات والتحلي بروح المبادرة، لتنمية قدراتها الإنتاجية وامتلاك الوسائل التي تيسر لها فرص الاندماج في الحياة النشيطة، فعلى قدر الجهد تكون النتيجة وعلى قدر المثابرة يأتي الجزاء. وأريد بهذه المناسبة أن أخص المرأة الريفية بالتحية والتقدير اللذين هي بهما جديرة، وذلك لحيويتها ونشاطها وقوة عزيمتها في القيام بواجباتها داخل الأسرة وفي خدمة الأرض أو ممارسة إحدى الصناعات التقليدية. وأدعو المنظمات والجمعيات المهتمة بالشأن النسائي عامة، إلى إيلاء المرأة الريفية المزيد من العناية والرعاية والإحاطة والمساندة، حتى تستفيد استفادة تامة من مختلف برامج التنمية التي تستهدفها. فلا تقدم للمجتمع إلا بتحسين أوضاع المرأة في الحضر كانت أو في الريف، ولا تنمية ولا ازدهار إلا بتكافؤ فرص الحياة الكريمة أمام كل الأفراد رجالا ونساء، على حد سواء. ومن منطلق إيماننا بضرورة الإسهام في دعم العمل العربي المشترك الذي يرتقي إلى مستوى تطلعات المرأة العربية ويتناسب مع ما تمتلكه من قدرات ومؤهلات في مختلف المجالات، فإننا سنعمل – في إطار رئاستنا لمنظمة المرأة العربية – على أن تحظى المرأة الريفية على المستوى العربي باهتمام أكبر وإحاطة أوسع، حتى نسهم جميعا في إيجاد التوازن المنشود بين كل مكونات مجتمعاتنا. حضرات السيّدات، إني على يقين بأن المرأة في المدينة كانت أو في الريف، ستكون حاضرة يوم الأحد 25 أكتوبر للإدلاء بصوتها وتجسيم اختيارها وعيا بواجباتها وتكريسا لحقوقها وتواصلا مع كل المبادرات التي شملتها بالعناية والرعاية لتبقى دائما معززة، مكرمة، ومتألقة. وفي الختام، أرجو لندوتكم النجاح ولأعمالكم التوفيق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.