أخبار تونس – يشكل شريط “الدواحة” للمخرجة التونسيةالشابة رجاء العماري بداية من يوم 3 ديسمبر أهم حدث سينمائي تشهده قاعات العروض بتونس العاصمة وهي “حنبعل” بالمنار و”الحمراء” بالمرسى و”أفريكارت” بتونس. وتأتي سلسلة هذه العروض بعد أن شارك “الدواحة” في عديد المهرجانات السينمائية الدولية كمهرجان البندقية (سبتمبر 2009) ومهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي بأبوظبي (أكتوبر 2009 ). كما نال عديد التتويجات العالمية لعل أهمها على الإطلاق حصوله على الجائزة الكبرى “آرت مار” 2009 لمهرجان الفيلم والثقافات المتوسطية في دورته السابعة والعشرين المنتظمة من 23 الى 28 نوفمبر الجاري بباستيا بجزيرة كورسيكا الفرنسية. ويعد هذا الشريط ثاني عمل روائي طويل لرجاء العماري بعد شريط “الستار الأحمر” سنة 2002 إضافة إلى شريط وثائقي بعنوان “على آثار النسيان” 2004 وشريطان قصيران هما “أفريل” سنة 1998 و”ذات مساء في جويلية” سنة 2000. و”الدواحة” هو من إنتاج شركة نوماديس 2009 قام فيه بأدوار التمثيل والبطولة: حفصية حرزي وسندس بلحسن ووسيلة داري وريم البنا وظافر عابدين وقام بتصويره ريناتو بيرتا أما الموسيقى فهي لكل من فيليب هيرنير واريك راج. ودخلت رجاء العمارى عالم الإخراج السينمائي بعد أن تحصلت على الأستاذية في الأدب الفرنسي وسافرت الى فرنسا لتلتحق بالمؤسسة الأوروبية للصورة والصوت “الفاميس” قسم السيناريو. وعلى إثر العرض الأول الخاص بالإعلاميين والنقاد الذي قدم يوم الاثنين لهذا الشريط الحدث في قاعة السينما أفريكارت بالعاصمة أجرت “أخبار تونس” هذا الحوار مع المخرجة رجاء العماري لتقدم شريطها الجديد للجمهور: + فاز شريط الدواحة مؤخرا بالجائزة الأولى في مهرجان باستيا فكيف تقييمن هذا النجاح للشريط الذي توج مرة أخرى السينما التونسية كأبهى مايكون؟ - في الحقيقة هذه الجائزة تخفي عدة جوائز أخرى من بينها جائزة قيمة من مهرجان فلنسيا الاسباني (شهر أكتوبر 2009) عن أحسن صورة سينمائية أما في ما يتعلق بجائزة مهرجان باستيا فإنها فاجأتني إذ بلغني خبرها بعد أن عدت إلى تونس كما أنني لا أبحث عن الجوائز عندما أقدم عملا جديدا، صحيح الجائزة يمكن أن تمثل دافعا لي وتشجيعا على مزيد العمل.. + ما الذي شدّ لجنة التحكيم بالأساس في هذا الشريط وماذا قال لك في شأنه النقاد إلى حد الآن فالجمهور التونسي لا يعرفه بعد؟ - هناك نوع من الرضا الواضح على الأسلوب الذي تم من خلاله بسط الفكرة الرئيسية لشريط “الدواحة” وأنا مرتاحة كثيرا لتوفيقي في محاولتي الجريئة لإتخاذ وسيلة تقترب كثيرا من أفلام الرعب ومن الطابع “الكابوسي” في المعالجة السينمائية. + هناك مغامرة أخرى في الشريط وهي الاستعانة بممثلين شبان وغير معروفين كثيرا على الساحة السينمائية رغم النجاح الواضح لحفصية الحرزي في أعمال عبد اللطيف كشيش وظافر عابدين في بعض المسلسلات الدرامية في التلفزيون التونسي؟ - لا أخفي أنني إخترت حفصية الحرزي من خلال إعجابي بها في ملصق أحد أفلامها بينما لا أعرف جل الممثلين من قبل فأنا أقيم خارج تونس بإستمرار ومنتجة الشريط درة بوشوشة هي التي قدمت لي ظافر عابدين.. ولقد نجح هؤلاء الممثلون الذين تعاملت معهم في “الدواحة” في القيام بأدوارهم خاصة حفصية حرزي التي قامت بدور البطولة مجسدة الشخصية المحورية والمركبة “عائشة”. فأنا إنطلقت في عملية كتابة السيناريو بأداة وحيدة هي شخصية عائشة التي إعتمدت عليها هي بالذات لأبني حبكة العمل وأطور بقية الشخصيات وأجد صياغة مقنعة حسب رأيي لأدعم الشريط بمختلف الأدوات من ديكورات وأضواء ومؤثرات صوتية ولأتوصل إلى إختيار الموسيقى التصويرية.. لقد أتقنت حفصية حرزي دور الفتاة المقموعة والمعزولة في قصر مهجور نتيجة ضغوطات المجتمع وإكراهاته. + يمكن إبداء ملاحظة أولية حول شريط الدواحة وشريطك الأول “الستار الأحمر” وهي أنك تركزين على جوانب صادمة وعلى طرق إحتفالية في هذين العملين فأية قصدية من وراء هذا الطرح الجمالي المبالغ في التنميق والتجميل والتبشيع أيضا؟ - نعم أنا أهتم في أعمالي قدر الإمكان بالجوانب الجمالية لاسيما من خلال الملابس المزركشة والباذخة أو من خلال الموسيقى المؤثرة والأضواء المتراقصة وأنا ككاتبة سيناريو بالأساس أدرك جيدا القيمة التأثرية لهذه الجوانب الجمالية. ففي شريط “الدواحة” لم أقم بإختيار المناظر بل كلفت بذلك الأسعد فرحات لأنني أحترم المهن وأصحاب المهن حيث وفق هذا الأخير كثيرا عندما قادني بيسر إلى إختيار المسرح الرئيسي للفيلم وهو قصر مهجور يعود إلى الفترة الاستعمارية بحي “شواط” في عمق ضواحي العاصمة تونس ووجدت ذلك منسجما تمام الانسجام مع مناخ الشريط الموحش والمرعب في إطار غائية جمالية بحتتة لأن الرهبة والبشاعة طرف مقابل للجمال. + ما هي الوجهة المنتظرة في الأيام القريبة لشريط “الدواحة” بعد أن يتم عرضه محليا للجمهور الواسع في قاعات العروض المتشوقة لكل ما هو تونسي أصيل نابع من رحمه الاجتماعي؟ - اليوم الثلاثاء سأسافر صحبة كافة فريق شريط الدواحة إلى مدينة صفاقس لأقدم عرضا خاصا هناك كما أنه من المحتمل أن أقدم عرضا آخر في مدينة سوسة إن توصلنا فعليا إلى الإتفاق مع المشرفين على العرض هناك. أما المشاركة في المهرجانات العالمية والعروض خارج تونس فإنه من المنتظر أن ألبي دعوة المخرج العالمي إمير كوستاريكا لأشارك في مهرجان سينمائي بصربيا (جانفي 2010) وفي مهرجان هونغ كونغ (مارس 2010) بالاضافة إلى عرض الشريط في بعض القاعات بفرنسا وسويسرا (فيفري 2010).