بقدر ما اكدت مشاركة الرئيس زين العابدين بن علي في القمة العربية بالكويت ما يحدوه من حرص على تامين تحرك عربي شامل وعاجل وناجع لوضع حد لمعاناة الاشقاء الفلسطينيين وانهاء كل اشكال الحصار حتى يصل المد الانساني الى ضحايا العدوان واعادة اعمار قطاع غزة فقد أبرزت هذه المشاركة ايضا الحرص الثابت على تفعيل العمل العربي المشترك في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية ودفع الاداء التنموى بالاقطار العربية تعزيزا لمقومات التطوير والتحديث بها.وتجسيما لما اعلنه دوما من ان القضية الفلسطينية كانت وما تزال قضيته الشخصية التى تحظى بالاولوية قدم الرئيس زين العابدين بن على فى كلمته الى القمة تصورا عمليا لتجاوز الواقع المرير للفلسطينيين فى غزة بتاكيد ان اقوى دعم تقدمه البلدان العربية للاشقاء الفلسطينيين فى هذه الظروف العصيبة هو وحدة الكلمة والاجماع على اتخاذ القرارات العملية الحازمة فى مواجهة هذا الوضع مبينا ايضا ان ذلك الدعم يزداد قوة بوحدة الصف الفلسطينى وبناء الثقة بين اطرافه فى ظل الحوار والوفاق ومراعاة المصلحة الوطنية حتى تتركز الجهود على القضية المصيرية. وجاءت الوثائق الصادرة عن القمة العربية بالكويت مشبعة بمضامين كلمة رئيس الدولة الى القادة العرب وما حوته من افكار ترجمت بعمق صواب مقاربات سيادة الرئيس بخصوص مجمل التحديات والاخطار المحدقة بالامة العربية وبعد نظرته الاستشرافية تواصلا مع اهداف وثيقة التطوير والتحديث فى الوطن الصادرة عن قمة تونس فى ماى 2004 وسواء تعلق الامر بالقرارات التى انتهت اليها قمة الكويت او باعلان القمة او ايضا ببرنامج العمل لهذا الاعلان فان نتائج هذه القمة كلها تاتي مستجيبة لنداء الحكمة والتبصر الذى توجه به رئيس الدولة حتى يكون حل الازمة الحالية المترتبة عن العدوان على قطاع غزة منطلقا لاستئناف مسيرة السلام التى قال ان للدول الفاعلة فى العالم دورا اساسيا فى التقدم بها وانجاحها لتفضى الى سلم عادلة ودائمة وشاملة. وعلى صعيد العمل التنموى دعا الرئيس زين العابدين بن على الى تحقيق التكامل الاقتصادى العربي من اجل انسياب افضل للخدمات والمنتجات وارساء شراكة عربية متضامنة ومستدامة بتامين عوامل الترابط البنيوى والاستثمارى ورفع مستوى حياة المواطن العربي. فقد اعاد الرئيس زين العابدين بن على الاعتبار لمنطق العمل المشترك والتضامن والتكامل فنبه من هذا المنطلق الى دور الاقتصاد كاداة حاسمة فى تقريب الشعوب ودعم امكانياتها وتوحيد كلمتها والارتقاء بمستواها التنموى الى الافضل طبقا لجهود مشتركة ومصالح مترابطة تتعزز باطراد. كما نبه الى ان التعاون بين الاقطار العربية لم يرق حتى الان الى المستوى المطلوب لا من حيث ترابط المصالح الاقتصادية ولا من حيث الاستثمارات العربية فى الاقطار العربية ولا من حيث الاندماج فى الفضاء الاقتصادى المعولم الذى لا مكان فيه للاقتصاديات المنفردة. وهو المنحى الذى جسمته قرارات القمة العربية من خلال ما رسمته من مسار لتيسير انسياب الخدمات والمنتجات وتدفق اكبر لرووس الاموال وتنقل ايسر للاشخاص والايدى العاملة فى اطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى تمهيدا لقيام الاتحاد الجمركي العربي سنة 2015 وقيام السوق العربية المشتركة سنة 2020. وياتي فى هذا السياق ايضا قرار الاسراع فى الانتهاء من مشاريع الربط الكهربائي وقرار الربط البرى العربي بالسكك الحديدية ومنح مزايا تفاضلية خاصة للاستثمار ضمن البرنامج الطارى للامن الغذائي ودعوة القطاع الخاص الى الاستثمار فى تنفيذ البرنامج الى جانب قرار وضع مشروع استراتيجية للامن المائي للمنطقة العربية لمواجهة المتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة. كما اقرت القمة البرنامج المتكامل لدعم التشغيل والحد من البطالة فى الدول العربية. وقد وجدت الافكار الواردة بكلمة رئيس الدولة تجسيمها ايضا فى اعلان قمة الكويت العمل على الارتقاء بمستوى معيشة المواطن العربي واعطاء الاولية للاستثمارات العربية المشتركة وافساح المجال للقطاع الخاص والمجتمع المدني للمشاركة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية واعتبار التنمية الاجتماعية بكافة عناصرها وعلى راسها التعليم والتنمية البشرية عاملان اساسيان في تحقيق اهداف التنمية الشاملة. وفي مجال التعليم ابرزت الوثائق الصادرة عن قمة الكويت اهمية بناء مجتمع المعرفة وتطوير الطاقات البشرية القادرة على المنافسة العالمية فضلا عن دعم ميزانية البحث العلمي وتيسير الوصول الى المعرفة وتوثيق الصلة بين مراكز البحوث العربية وتوطين التقنية الحديثة وتشجيع ورعاية الباحثين والعلماء والاستفادة منهم. وتفاعلا مع دعوة رئيس الدولة الى توسيع مجال مشاركة المراة فى دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير الظروف الملائمة لتنشئة الشباب والاحاطة به اكد اعلان قمة الكويت اهمية الارتقاء بالاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والقانونية للمراة وتعزيز دورها في الحياة العامة تحقيقا لمبدا المساواة وتاكيدا لمبادىء العدل والانصاف في المجتمع فضلا عن وضع الامكانيات اللازمة للنهوض بالشباب العربي وتثقيفه وتاهيله وتفعيل مشاركته في مشاريع التنمية. وتقوم مجمل هذه القرارات شاهدا على مدى عمق الرؤية الحضارية والانسانية لرئيس الدولة وبعد نظره وحرصه على ترجمة وفاء تونس لانتمائها العربي الى مواقف عملية توطد مبادئ التضامن وجسور التواصل والتكامل من اجل بروز موقف عربي قوى يدعم قدرات البلاد العربية ويعزز مناعتها فى الظروف الحاسمة.