13 قتيلا و354 مصابا في حوادث مختلفة خلال ال24 ساعة الماضية    سوسة: الاطاحة بمنحرف خطير من أجل ترويج المخدرات    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    وقفة احتجاجية ضد التطبيع الأكاديمي    بن عروس: انتفاع 57 شخصا ببرنامج التمكين الاقتصادي للأسر محدودة الدخل    العاصمة: وقفة احتجاجية لعدد من اصحاب "تاكسي موتور"    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    600 سائح يزورون تطاوين في ال24 ساعة الأخيرة    الوكالة الفنية للنقل البري تصدر بلاغ هام للمواطنين..    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    فريق عربي يحصد جائزة دولية للأمن السيبراني    الحكومة الإسبانية تسن قانونا جديدا باسم مبابي!    لاعب الترجي : صن داونز فريق قوي و مواجهته لن تكون سهلة    متابعة/ فاجعة البحارة في المهدية: تفاصيل جديدة وهذا ما كشفه أول الواصلين الى مكان الحادثة..    الإعداد لتركيز مكتب المجلس العربي للاختصاصات الصحّية بتونس، محور اجتماع بوزارة الصحة    هلاك كهل في حادث مرور مروع بسوسة..    فاجعة المهدية: الحصيلة النهائية للضحايا..#خبر_عاجل    تسجيل 13 حالة وفاة و 354 إصابة في حوادث مختلفة خلال 24 ساعة    صدور قرار يتعلق بتنظيم صيد التن الأحمر    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    حريق بشركة لتخزين وتعليب التمور بقبلي..وهذه التفاصيل..    عاجل/ منخفض جديد وعودة للتقلّبات الجويّة بداية من هذا التاريخ..    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يواجه صن داونز .. من أجل تحقيق التأهل إلى المونديال    وزارة المرأة : 1780 إطارا استفادوا من الدّورات التّكوينيّة في الاسعافات الأولية    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    جندوبة : اندلاع حريق بمنزل و الحماية المدنية تتدخل    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    "ألفابت" تتجه لتجاوز تريليوني دولار بعد أرباح فاقت التوقعات    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    بطولة انقلترا : مانشستر سيتي يتخطى برايتون برباعية نظيفة    البطولة الايطالية : روما يعزز آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الأوروبية    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب هذه المنطقة..    الإعلان عن نتائج بحث علمي حول تيبّس ثمار الدلاع .. التفاصيل    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    تواصل نقص الأدوية في الصيدليات التونسية    طقس الجمعة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 34 درجة    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي تتراجع بنسبة 3ر17 بالمائة خلال الثلاثي الأول من سنة 2024    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    سعر "العلّوش" يصل الى 2000 دينار في هذه الولاية!!    قرابة مليون خبزة يقع تبذيرها يوميا في تونس!!    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها الأول على الملاعب الترابية منذ 2022    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطاب الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة إحياء الذكرى الثالثة والخمسين للاستقلال
نشر في أخبار تونس يوم 20 - 03 - 2009

( قرطاج، في 20 مارس 2009 )
بسم الله الرحمان الرحيم
أيها المواطنون،
أيتها المواطنات،
نحيي اليوم، في كنف النخوة والاعتزاز، الذكرى الثالثة والخمسين للاستقلال. وهو مكسب تاريخي عظيم، توج ملحمة الكفاح الوطني التي خاضها شعبنا الأبي على امتداد خمس وسبعين سنة، وقدم خلالها أروع التضحيات للظفر بحريته واسترجاع سيادته.
إنها ملحمة مباركة شاركت فيها مختلف الفئات من سائر الجهات، واضطلع فيها الحزب الحر الدستوري التونسي بدوره الحاسم في مواجهة الاستعمار وتحرير الوطن.
وإذ نؤكد وفاءنا الدائم لشهدائنا الأبرار، وتقديرنا الكامل للمقاومين والمناضلين وقادة الحركة الوطنية وزعمائها، وفي مقدمتهم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، فإننا نستحضر أيضا الدور الريادي لجيل الاستقلال وما بذله من جهود لتركيز أسس الدولة التونسية الحديثة.
إن اعتزازنا بإرثنا النضالي الزاخر بالأمجاد، لا يوازيه إلا إدراكنا للمسؤولية الملقاة على عاتقنا، من أجل الحفاظ على هذا الإرث وترسيخ قيمه باستمرار.
وهو واجب مقدس لا ندخر أي جهد للاضطلاع به، إيمانا منا بأن المحافظة على الاستقلال لا تتم إلا عبر مزيد البذل والإنجاز والإضافة والإفادة في كل الميادين.
وما مشروعنا الإصلاحي الشامل الذي اخترناه لبلادنا منذ تحول السابع من نوفمبر، إلا تجسيم لهذه الرؤية، وتأكيد لما يحدونا من إرادة ثابتة للارتقاء بشعبنا إلى أعلى مراتب العزة والمناعة. وهو رهان يزداد حجمه وتتعاظم مسؤوليته في زمن تبدلت فيه المفاهيم وتغيرت فيه الأوضاع والتحديات، واخترنا فيه لبلادنا تنمية عادلة وشاملة، تتكامل ضمنها الأبعاد السياسية والاقتصادية مع الأبعاد الاجتماعية والحضارية.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات،
إننا نثابر على تطوير الحياة السياسية في بلادنا، وعلى تكريس الديمقراطية والتعددية وضمان حقوق الإنسان، انطلاقا من تصورنا لبناء مجتمع معتدل ومتوازن، قوامه الحرية والحوار والوفاق، والمشاركة النشيطة في كل ما يهم شؤون الوطن. وهو اختيار ثابت لدينا، كفيل بتعزيز الوحدة الوطنية، وتوفير التعبئة الفكرية والاجتماعية اللازمة، لكسب ما هو مطروح علينا من رهانات، وبلوغ ما رسمناه لشعبنا من طموحات.
وعلى هذا الأساس، نعمل دوما على دفع المسار الديمقراطي التعددي مع كل مرحلة، بما نتخذه من مبادرات وإجراءات في نطاق التروي والتشاور مع كل الأطراف المعنية، حتى نحمي هذا المسار من الانتكاسات المحتملة ونصل به إلى أبعد الآفاق الممكنة.
وإذ ستشهد سنة 2009 مناسبة وطنية كبرى هي الانتخابات الرئاسية والتشريعية، فإننا سنعمل على أن تكون هذه الانتخابات محطة سياسية متميزة في تاريخ بلادنا وأن تدور في كنف الشفافية واحترام القانون، ومراعاة قواعد الممارسة الديمقراطية، في ظل ما وفرناه لها من شروط وضمانات.
وسنتيح الفرصة لمواكبة هذه الانتخابات أمام كل من يرغب في متابعة سيرها ونتائجها من الملاحظين من تونس ومن البلدان الشقيقة والصديقة. وقد أصدرنا تعليماتنا لتوفير كل الوسائل والإمكانيات لتسهيل عمل الملاحظين ومساعدتهم على التنقل عبر مختلف مكاتب الإقتراع ليقفوا على ما بلغه شعبنا من نضج ووعي، وليلمسوا عن كثب مدى حرصنا على سلامة العملية الانتخابية واحترام القانون ومبادئ المنافسة النزيهة. ووفرنا كذلك كل الوسائل والامكانيات أمام الأحزاب القانونية على اختلاف مواقعها في الحكم أو في المعارضة، لتضطلع بدورها في الاستعداد لحملاتها الانتخابية، وتحقيق النتائج التي ترجوها من صناديق الاقتراع.
ولما كانت هذه السنة تتوافق مع الذكرى الخمسين لإصدار الدستور يوم غرة جوان 1959، فإنه يحق لنا أن نستحضر باعتزاز هذه الذكرى، وأن نعرب عن كبير تقديرنا لأعضاء المجلس القومي التأسيسي الذين تولوا في ذلك الوقت، إعداد نص الدستور، وبادروا بوعي عميق ووطنية فياضة، بتثبيت استقلال تونس وسيادتها ضمن أول فصل منه. فوضعوا بذلك أسس الدولة التونسية، وبنوا
مقومات الدولة الحديثة ونظامها الجمهوري، وأقروا الحقوق والحريات التي تستجيب لطموحات الشعب التونسي.
وما مبادرتنا بعد التحول بتصحيح بعض الانحرافات التي طرأت على هذا الدستور، إلا تكريس أمين لسيادة الشعب، إضافة إلى الإجراءات الأخرى التي اتخذناها لتعزيز هذه السيادة، وتطوير الحقوق والحريات، وإحداث المجلس الدستوري خاصة، ترسيخا لدولة القانون.
إن الذكرى الخمسين لإصدار الدستور تبعث فينا النخوة وتستحثنا لاستجلاء العبرة من هذا الحدث، عبر ما سينتظم بالمناسبة من تظاهرات وندوات فكرية تلقي الأضواء على الظروف التي نشأ فيها الدستور التونسي، وعلى ما اشتمل عليه من مبادئ وقيم تشكل اليوم الوثيقة المرجعية الرسمية التي يحتكم إليها التونسيون والتونسيات كافة.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات،
إن النماء الاقتصادي هو أساس قوة الشعوب، ولا سبيل إلى إثبات الذات والحفاظ على الكرامة، في ظل تبعية اقتصادية تمس من استقلالية القرار الوطني.
لذلك بادرنا على امتداد العشريتين الماضيتين، بإدخال عدة إصلاحات هيكلية على اقتصادنا. وحرصنا على تطويره وتحديثه وإكسابه ما يلزم من مقومات الصمود والنجاعة، لمواكبة الأنساق الاقتصادية العالمية وكسب رهان المنافسة والتصدير.
وأمكن لنا بفضل هذه الإصلاحات العميقة، أن نحقق نتائج إيجابية على صعيد التنمية الاقتصادية، يعكسها التطور المتواصل للنمو في بلادنا، كما تشهد بذلك المؤسسات والهيئات المختصة في العالم. وقد سجلنا هذا النجاح رغم محدودية الإمكانيات ورغم الصعوبات الناجمة عن عولمة الاقتصاد، وتقلبات الأسعار في الأسواق العالمية.
لكن هذا المكسب المتميز، يجب ألا يحجب عنا حجم الصعوبات المتوقعة والتحديات المرتقبة، وما يتطلبه منا من يقظة وجد واجتهاد، للمثابرة على التقدم دائما إلى الأمام، واجتياز كل مرحلة بأوفر حظوظ النجاح.
وإذ توفقت بلادنا إلى أن تحد أكثر ما يمكن من ثار الأزمة المالية العالمية الراهنة، بفضل سلامة خياراتها وصواب توجهاتها، فإن الانعكاسات الاقتصادية لهذه الأزمة تستدعي منا تعميق التفكير، لاستشراف أبعادها، وبلورة البرامج والخطط اللازمة للوقاية من انعكاساتها على اقتصادنا الوطني. لذلك دعونا مؤخرا إلى فتح حوار وطني معمق حول الإنتاجية ودورها في كسب التنافسية الاقتصادية.
وقد حاولنا بالتوازي مع ذلك، أن نجعل من التنمية الاجتماعية مدخلا لبناء مجتمع متضامن ومتماسك، إذ لا شيء يعصف بالمجتمعات ويخل باستقرارها، مثل اختلال التوازن بين فئاتها، وتفكك أواصر الحوار والتكامل بينها.
وهو توجه نجسمه باطراد، من خلال ما نرصده من اعتمادات ضخمة في مجال التحويلات الاجتماعية لفائدة قطاعات التربية والتعليم والسكن والصحة العمومية، وكذلك من خلال سياسة العمل الاجتماعي التي نستهدف بها الفئات الأحوج من غيرها للإحاطة والمساعدة، فضلا عما نقره من إجراءات وبرامج لتعزيز الطاقة الشرائية للمواطن، وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى، وإذكاء روح التآزر والتكافل بين مختلف مكونات مجتمعنا.
وسنواصل العناية بتنمية مواردنا البشرية، عبر منظومة تربوية وتعليمية وتكوينية مترابطة الحلقات، نتولى دوما تقويمها وتطويرها، لتتماشى مع أحدث المستجدات المعرفية والتكنولوجية في العالم، اعتقادا منا بأن مواردنا البشرية هي رأس مالنا الوطني الذي نراهن عليه لتنمية بلادنا، والحفاظ على مكاسبها، وتعزيز مناعتها.
وسنعمل على أن تكون بلادنا في صميم العصر، ماسكة بكل الأدوات التي تدعم منزلتها على الساحة الدولية، وتؤكد قدرتها على مواكبة الحضارة البشرية والاستفادة من تطورها والإسهام في إثرائها.
وما تعميق قيم الحداثة وترسيخها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا حقيقة ثابتة ببلادنا، تجسمها اليوم المرأة التونسية تجسيما رائعا، بما تتمتع به من حقوق ومكاسب، وما تمارسه من حضور فاعل في شتى المواقع والمؤسسات والمجالس وداخل مكونات المجتمع المدني عامة، علاوة على انخراطها في العمل السياسي الذي هو جزء لا يتجزأ من حقوق المواطنة والالتزام بخدمة الصالح العام.
وإن ما تحظى به المرأة التونسية من منزلة فضلى في الأسرة والمجتمع تميزها عن نظيراتها في عدة بلدان أخرى على الصعيدين الإقليمي والدولي، من شأنه أن يحمّلها واجبات أكثر ويلقي عليها مسؤوليات أكبر، في البيت والإدارة والمصنع والحقل والعمل الجمعياتي عامة، لترتقي بأدائها وإسهاماتها إلى مستويات أفضل، في مرحلة تتهيأ فيها بلادنا إلى قطع خطوات أخرى حاسمة على درب النماء والرفاه.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات،
تحتفل بلادنا غدا بعيد الشباب بعد أن جعلنا هذا العيد مقترنا بذكرى الاستقلال، حرصا منا على تأمين الترابط بين الأجيال ومواصلة مسيرتنا التنموية الشاملة بالتعاون والتكامل بين كل الفئات في كل الأوقات، أسوة بالأجيال السابقة التي ضحت من أجل تحرير البلاد وناضلت في سبيل بناء دولة الاستقلال.
ونحن إذ نعتز بشبابنا وبتمسكهم بهويتهم وتراثهم وخصوصياتهم، وبتجذرهم في أصالتهم الثقافية والحضارية والدينية دون قطيعة مع عصرهم وفي تواصل مع غيرهم، فإننا ندعو شبابنا إلى مزيد التحلي بالمثابرة والاجتهاد، سواء في مدارج العلم والمعرفة والتكوين، أو في مجالات العمل بمختلف أنواعها، لأننا نريده شبابا واعيا ومقداما، واثقا بقدراته، وفيا لوطنه، يتوق دائما إلى التفوق والتألق في جميع الميادين.
وإن لشباب تونس في ميثاقهم التاريخي غير المسبوق الذي تم إمضاؤه يوم 7 نوفمبر 2008 بمناسبة الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين للتحول، ما يحفزهم إلى الالتزام الدائم بالولاء للوطن دون سواه، والمشاركة في تنمية بلادهم والدفاع عنها وإعلاء شأنها بين الأمم.
وتجسيما لخيارنا الاستراتيجي في الإحاطة بالشباب والاهتمام بقضاياه ودعم الحوار معه في سائر الميادين وعلى كل المستويات، حرصنا على تشريك المجموعة الدولية في تعزيز هذا التوجه وإثرائه، وذلك بالدعوة إلى وضع سنة 2010 تحت شعار : «السنة الدولية للشباب»، واقترحنا بأن يعقد خلالها مؤتمر عالمي للشباب بإشراف منظمة الأمم المتحدة وبالتعاون مع المنظمات الدولية المعنية.
وإذ أذنا بضبط استراتيجية وطنية للشباب بالنسبة إلى الخماسية القادمة في ضوء النتائج التي أسفرت عنها سنة الحوار مع الشباب، فإننا سنعمل على أن تلبي هذه الاستراتيجية حاجيات الشباب وطموحاته، وتجعل منه شريكا كامل الحقوق والواجبات في كل ما يهم شؤون وطنه.
وإذا كان تشغيل الشباب عامة وحاملي الشهادات العليا منهم خاصة، ما يزال يستأثر باهتماماتنا، فإننا لن ندخر أي جهد لإيجاد الحلول الملائمة للسيطرة على هذه الظاهرة، والتقليص من حدّتها، بفضل ما نضعه من برامج وآليات، وما نتخذه من مبادرات وإجراءات لفائدة جميع الفئات. وأؤكد مجددا أن كسب هذا الرهان موكول إلى سائر مكونات المجتمع التونسي لتوفير أكثر ما يمكن من الفرص التي تفتح أمام شبابنا آفاقا أوسع للحصول على مواطن الشغل وموارد الرزق.
وإذ نؤكد كذلك اعتزازنا بنخبنا في مختلف الاختصاصات، وتقديرنا لانخراطها في خياراتنا الوطنية، فإننا نجدد التعويل على هذه لنخب، لاسيما على أهل الفكر والثقافة والإبداع، ليواصلوا الاضطلاع بمهامهم في مجال ترسيخ الوعي بثوابتنا وقيمنا، وإبراز عراقة تونس وعمق مخزونها الحضاري، وتقديم أفضل الصور لعطائها ومساهمتها في الحضارة الكونية.
ولئن كنا مرتاحين لما تشهده الحياة الثقافية ببلادنا من حيوية متواصلة ونشاط مستمر في شتى الميادين، فإننا مرتاحون كذلك لما تتميز به السنة الحالية من أحداث ثقافية كبرى تعبر عما تزخر به تونس من تراث حضاري عريق، وما تحتضنه من أعلام أفذاذ في مختلف العلوم والمعارف، وذلك بالخصوص من خلال برامج الاحتفال بمدينة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية، والاحتفاء بالذكرى المائوية لميلاد الشاعر الخالد أبي القاسم الشابي، والذكرى المائوية لميلاد العلامة الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور.
وفي نطاق حرصنا على إثراء المشهد الإعلامي والثقافي التعددي، ودفع المبادرة الخاصة في هذا المجال، نأذن اليوم بانطلاق البث للقناة التلفزية الفضائية الجامعة «نسمة TV» تواصلا مع ما يتطلبه التنافس الإعلامي الوطني والعالمي اليوم، من توسيع مجالات المشاركة والإبداع أمام أصحاب المبادرات، وإضفاء المزيد من الحرية والتنوع والتطوّر على المادة الإعلامية، والاستجابة لتعدد الميول والأذواق، وتأهيل بلادنا لمواكبة الثورة الاتصالية في العالم.
ونحن إذ نهنئ أصحاب المبادرة بهذه القناة الثانية للقطاع الخاص في المجال المرئي، نرجو أن تكون هذه القناة، رافدا جديدا من روافد المشهد الإعلامي والثقافي والفني بتونس، وسندا إضافيا للارتقاء به إلى أفضل المستويات.
وأريد بهذه المناسبة أن أؤكد للأسرة الإعلامية كافة، أن المادة الإعلامية الناجحة هي التي تكون مستمدة من حياة المواطنين ومن مشاغلهم، وتتميز في شكلها بالجدية والطرافة وحسن الأداء، كما تتميز في مضمونها بروح التثقيف والإرشاد والتوعية. ذلك أن الإلحاح على إبراز الأخطاء والتجاوزات، وتعمد الإثارة والتشكيك والإساءة، هي ممارسات لا تليق بمجتمعنا وليست من الحرية والديمقراطية في شيء.
ونحن ندعو إلى ضرورة التحلي بأخلاقيات المهنة واحترام القانون وحرمة الأشخاص، وعدم المس بهيبة المؤسسات والهيئات ولإدارية والمهنية والاجتماعية والقضائية، وأن يكون التواصل مع اهتمامات المواطنين قائما على الصراحة والصدق في عرض الأفكار والمواقف، قصد إصلاح الأخطاء والتجاوزات، بنقد نزيه، يجمع ولا يفرق، يبني ولا يهدم، يصلح ولا يفسد.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات،
إن حرصنا على تعزيز مناعة تونس وصون حريتها، ودعم مقومات سيادتها، يتكامل لدينا مع تعلقنا باستتباب الأمن والسلم والاستقرار في العالم، على أساس احترام مبادئ الشرعية الدولية، وتوفير أسباب التنمية المتضامنة، وترسيخ الحوار بين الحضارات والثقافات والأديان، والقضاء على أسباب العنف والتطرف في العالم.
وعلى هذا الأساس، أقمنا تصورنا للعلاقات الدولية، وبنينا مواقفنا إزاء سائر القضايا، وسعينا إلى تكريس تضامننا المغاربي والعربي والإفريقي، وتوسيع دائرة الشراكة والتعاون مع محيطنا الإقليمي والدولي.
وإذ احتفلت شعوبنا المغاربية يوم 17 فيفري الماضي بالذكرى العشرين لقيام اتحاد المغرب العربي، فإننا نؤكد مجددا تعلقنا بهذا البناء المشترك، باعتباره خيارا استراتيجيا لا محيد عنه، متطلعين إلى تجاوز الصعوبات الظرفية التي حالت إلى حد الآن، دون دفع مسيرته وتسريع وتيرة بنائه.
وبهذه المناسبة، ندعو إلى الإسراع بإقامة المنطقة المغاربية للتبادل الحر وإنجاز المشاريع المغاربية الكبرى، لاعتقادنا أنها محرك أساسي لدفع مسار الاتحاد المغاربي، وتحقيق الاندماج الاقتصادي بين بلدان المنطقة.
كما نؤكد مجددا مساندة بلادنا للقضية الفلسطينية، ومناصرتنا للشعب الفلسطيني الشقيق في كفاحه المشروع من أجل إقامة دولته المستقلة، مذكرين بما اتخذناه من مواقف ومبادرات تضامنية إثر الاعتداءات الأخيرة على غزة. وندعو كذلك الأطراف الفاعلة في العالم، إلى توحيد الجهود من أجل إعادة إعمار غزة، وإيجاد حل عادل وشامل ودائم يمكن الأشقاء الفلسطينيين من استرجاع حقوقهم، ويوفر لبلدان المنطقة بأسرها ظروف الأمن والاستقرار.
ونحن نعمل دائما على تكريس التضامن العربي، وعلى تفعيل علاقات التعاون والاندماج العربيين، مثلما نعمل على تعزيز أسس العمل الإفريقي المشترك في إطار هياكل الاتحاد الإفريقي ومؤسساته.
وإن سعينا متواصل إلى تعزيز العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف مع أوروبا، على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، لاسيما بعد دخول اتفاقية منطقة التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ. وهو ما يتكامل مع استعدادنا إلى الانخراط في كل المبادرات التي تهدف إلى ترسيخ الأمن والسلم في الفضاء المتوسطي، وتعزيز روابط التعاون والشراكة داخل هذا الفضاء، وتوثيق علاقات الصداقة والتعاون مع بلدان القارتين الأمريكية والآسيوية.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات،
إن ولاءنا لتونس نابع من تعلقنا بها، واعتزازنا بأمجادها، ووفائنا لشهدائها. وسنواصل الحرص مع جميع التونسيين والتونسيات في الداخل والخارج، على التفاني في خدمتها، والمحافظة على سيادتها، ودعم استقلالها، والارتقاء بها إلى أسمى مراتب التقدم والمناعة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.