تحتفل تونس يوم الاحد 22 مارس 2009 باليوم العالمي للمياه الذى ينتظم هذه السنة تحت شعار “المياه المشتركة” وكذلك اليوم الوطني للاقتصاد في المياه تحت شعار “اقتصاد وتثمين مياه الرى” . وتكتسي تعبئة الموارد المائية بعدا تنمويا استراتيجيا هاما باعتبار ندرة هذه الموارد في تونس التي تتواجد ضمن منطقة مناخية تتراوح بين جافة وشبه جافة فضلا عن هشاشة هذه الموارد بفعل تاثرها بنشاط الانسان المستنزف لها “فلاحة وصناعة واستعمالات يومية وتلوث...” وكذلك بالنظر الى انعكاسات التغيرات المناخية المتوقعة على هذه الموارد. وسعت تونس وعيا منها بجسامة تحدى تحقيق الامن المائي وحسن التصرف في الموارد المتاحة الى اقرار استراتيجيات عشرية وطنية لتعبئة الموارد المائية “1990-2000′′ و “2001-2011′′ ساهمت في تعبئة هذه الموارد وتثمينها والمحافظة عليها. ومكنت هذه السياسات من تركيز شبكة متكاملة من المنشات المائية من سدود كبرى وسدود تلية وبحيرات جبلية ساهمت في تحكم افضل في المياه السطحية. علما وان الجهود متواصلة لربط السدود ببعضها البعض قصد التحكم في نقل المياه وتعديل توزيع الموارد المائية بين المناطق. واتاح هذا التمشي الرفع في نسبة تزويد المناطق الريفية بالماء الصالح للشراب الى 93 بالمائة بعد ان كانت اقل من 35 بالمائة في سنة 1987 فضلا عن تامين التزود بالماء الصالح للشرب لكل المناطق العمرانية والريفية حتي في فترات الجفاف والتوسع في المناطق السقوية واحكام التصرف فيها والرفع من مردوديتها. وتولى تونس اهمية خاصة للموارد المائية المشتركة مع البلدان المجاورة اذ حظيت الخزانات المائية الجوفية الصحراوية المشتركة بين تونس والجزائر وليبيا والخزان الجوفي للجفارة المشترك بين تونس وليبيا بمتابعة دقيقة. وافضت نتائج اخر الدراسات الى تقييم مدقق للموارد المائية في هذه الخزانات بالاعتماد على نماذج معلوماتية ووضع قاعدة معلومات موحدة بين البلدان المعنية مع دراسة مختلف سيناريوهات استغلال استشرافي يبين مدى تاثير هذا الاستغلال على المنسوب المائي بمختلف مناطق هذه الخزانات. وتوجت الجهود بوضع الية مشتركة للتشاور والتنسيق بين البلدان الثلاثة لضمان التصرف المحكم في هذه الموارد المائية المشتركة. ويعكس اختيار تونس شعار “اقتصاد وتثمين مياه الرى” للاحتفال بهذه التظاهرة وطنيا اهمية المياه المستخدمة في مجال الفلاحة المروية والتي تصل الى حوالي 80 بالمائة من الحجم الجملي للمياه المستعملة. وقد حظي القطاع الفلاحي واساسا قطاع الرى باهتمام خاص تجسم في اقرار عدة تشريعات وبرامج ولا سيما البرنامج الوطني للاقتصاد في الماء الذى انطلق منذ اوائل التسعينات مع وضع حوافز مالية هامة لفائدة الفلاحين منذ سنة 1995 وبلغت في هذا الصدد المساحات المجهزة بالمعدات للاقتصاد في مياه الرى حوالي 340 الف هك اى ما يعادل 83 بالمائة من مساحة المناطق السقوية العمومية. وتم علي نطاق جهوى واسع انجاز المرحلة الاولي من مشروع تحسين مناطق سقوية بواحات الجنوب “قفصة وقابس وقبلي وتوزر” علي مساحة 14500 هك. كماانطلق مشروع المرحلة الثانية بواحات توزر وقابس وقبلي خلال سنة 2008 . وتعددت البرامج والاستراتيجيات الرامية الى احكام استغلال الموارد المائية ومنها الاستراتيجية وطنية لتثمين الموارد المائية غير التقليدية وخاصة استعمال المياه المعالجة في الرى الفلاحي حيث قدرت المساحات المجهزة لاستغلال هذه المياه بنحو 8100 هك. كما اقرت برامج التعصير والتوسع في المناطق السقوية على غرار مشروع الوسط الغربي “القيروان وسيدى بوزيد والقصرين” ومشروع تعصير مناطق مجردة السفلى علي مساحة جملية تناهز 15 الف هك الى جانب برنامج النهوض بالمجامع المائية الذى بلغ عددها حاليا 2227 مجمعا منها 1253 مجمع ماء صالح للشراب يزود 250 الف عائلة و974 مجمع للرى يتصرفون في حوالي 500 187 هك . وشرعت تونس من جهة اخرى في اعداد خطة متكاملة حول التصرف المندمج للموارد المائية علي المدى المتوسط والطويل. ووقع في هذا الاطار انجاز دراسات تخص ولايتي نابل وبن عروس للتصرف في الموارد المائية السطحية والجوفية والمياه المعالجة التي ستستخدم مباشرة في الرى او عن طريق التغذية الاصطناعية للموائد الجوفية المستنزفة وذلك لسد الحاجيات المائية لرى لمناطق السقوية بالولايتين المعنيتين. وستعمل الدولة علي تدعيم المسيرة التنموية وتعزيز المكاسب المسجلة ومواصلة تجسيم الاهداف المرسومة ضمن البرنامج الرئاسي “لتونس الغد”لتنمية الموارد المائية وتثمينها بالاستغلال المحكم والرشيد. يذكر ان وزارة الفلاحة والموارد المائية تنظم بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للاقتصاد في الماء عديد التظاهرات التحسيسية والتنشيطية وطنيا وجهويا خلال الاسبوع الممتد من 22 الى 28 مارس 2009.