ينظر التونسيون بكثير من التوجس والخوف لانتشار فيروس «كورونا» في السعودية حيث يتوجه عشرات الآلاف من التونسيين لأداء مناسك العمرة خوفا من يعودوا مصابين بهذا الفيروس الذي يقتل نصف ضحاياه ولا يوجد له لقاح بعد. وبسبب غموض أعراض هذا المرض وطرق انتقاله، فقد أصيب السعوديون بحالة من الهلع وتدفق الآلاف منهم إلى المستشفيات للفحص إثر أي عارض من عوارض الحمى وارتفاع الحرارة خوفا من الإصابة في ظل غياب تلقيح أو مضاد لهذا الفيروس الذي أدى إلى وفاة قرابة النصف من المصابين به، وامتنعت العديد من الأسر عن إرسال أبنائها إلى المدارس خوفا من العدوى. كما انتقلت مشاعر الخوف إلى العديد من دول العالم بسبب ظهور حالات قليلة تدعو إلى الحذر الشديد في ظل غياب أية معلومات صحيحة وواضحة عن الفيروس الذي كل ما يعرف عنه أنه من عائلة فيروس آخر فتاك زرع الرعب في العالم منذ بضعة أعوام وهو فيروس «سارس». ودعت المنظمة العالمية للصحة كل الدول إلى الحذر والحيطة تجاه المسافرين العائدين من الدول التي انتشر فيها الفيروس وخصوصا السعودية التي أعلنت عن وفاة 15 شخصا مصابين بهذا الفيروس منذ الصيف الماضي، كما يتم الإعلان دوريا عن حالات إصابة جديدة آخرها ممرضتان في أحد مستشفيات محافظة الأحساء شرق السعودية. أما في تونس، فقد جاءت رحلات العمرة التي تحمل آلاف التونسيين إلى السعودية لتكشف عن المخاوف الجدية من احتمال إصابتهم بالعدوى هناك، والعودة إلى تونس بما يفتح على بلادنا باب محنة كبيرة. وكان السيد عبد اللطيف المكي وزير الصحة قد دعا المواطنين يوم الثلاثاء في تصريح إذاعي إلى الحذر تجاه العدوى بالابتعاد عن المصابين والتزام السلوك الصحي، كما نفى تسجيل أية حالة إصابة بفيروس كورونا في تونس، وكشف أن السلطات الصحية تتعامل بحذر مع هذا الموضوع. بيد أن الوضع الصحي، في ظل الوضع الحالي يدعو إلى أكثر من الحذر، بحكم احتمال إصابة المعتمرين بالفيروس في البلد الذي يشهد أكبر نسبة انتشار له وأكبر عدد وفيات. كما أن تدفق السياح من مختلف جهات العالم على بلادنا كل صيف وعودة عمالنا بالخارج سواء من أوروبا أو الخليح، يطرح عدة تحديات وقائية حول احتمال دخول أشخاص مصابين بالفيروس إلى تونس. ومما يزيد الأمر تعقيدا هو غياب معلومات طبية دقيقة عن الفيروس وعن طرق انتشاره، وغياب التلقيح المناسب له مما يجعل السلطات الصحية عاجزة إزاء انتشاره المحتمل. كما يعاني المعتمرون التونسيون من التقدم في السن، بما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، ذلك أن المتقدمين في السن هم أكثر الفئات المهددة بفيروسات الحمى. وعلى المستوى العربي، اتخذت العديد من دول الشرق الأوسط إجراءات وقائية للكشف المبكر عن أية حالة إصابة بهذا الفيروس، واستنجدت العربية السعودية بخبراء أوروبيين عديدين لمراقبة الوضع ودراسة حالات الإصابة، كما أعلنت عدة دول عن اتخاذ إجراءات ما قبل «حالة الاستنفار الصحي»، ذلك أن منظمة الصحة العالمية ما تزال تعتبر الوضع لم يتحول إلى وباء عالمي، رغم تأكيدها في ندوة صحفية يوم الثلاثاء عن وجوب الحذر الشديد ومتابعة الوضع بكل يقظة. الفيروس الغامض أخطر ما في فيروس «كورونا» هو أن العلماء يجهلون هويته الطبية، ولا توجد معلومات عن مصدره أو طرق انتقاله، ولا يوجد له بالتالي أي لقاح، وكل ما يعرفه العالم عنه هو أنه من مشتقات «سارس» القاتل الرهيب الذي جعل العالم يرتجف خوفا منذ بعضة أعوام. أول ضحايا كورونا شيخ سعودي عمره 60 عاما، تلاه كهل قطري 49 عاما، واحتاج العلماء إلى تحاليل معمقة في مخابر بريطانية متخصصة لكي يدركوا أنهم إزاء فيروس جديد أطلقوا عليه اسم: »متلازمة الالتهاب الرئوي التاجي الشرق أوسطي» واختصاره العلمي «MERS-CoV». طرق العدوى مثل كل فيروسات الحمى، ينتقل كورونا بالعطاس والسعال عبر الهواء والمصافحة، رغم أن الأبحاث الأولية تؤكد أنه لا يعيش أكثر من 24 ساعة خارج جسم الإنسان وهو ما يفسر عدم تحوله إلى وباء رغم مرور قرابة عام على وفاة أول المصابين به. لكن لا أحد من خبراء الصحة ينفي أن يشهد الفيروس تحولا في جيناته تطور العدوى به، خصوصا وهو قريب في بنيته من فيروس «سارس» الذي يعرف بالعدوى الشديدة. أعراض الإصابة أغلب الأعراض متشابهة مع أعراض الأنفلونزا، أي ارتفاع الحرارة والسعال مع صعوبة في التنفس، وفي حالات كورونا التي تم تأكيدها، عانى المصابون من ارتفاع مفرط في الحرارة وخصوصا تعقد صعوبة التنفس، كما أن استمرار الأعراض عن معدل فترة الإصابة بالأنفلونزا العادية يعد علامة حرجة تتطلب المسارعة بالفحص. العلاج لا يوجد أي علاج حاليا خاص بفيروس كورونا، لأن العلماء لا يعرفون هويته العلمية، وكل ما يمكن تقديمه حاليا هي المضادات الحيوية وعلاج صعوبة التنفس.