صرّح الدكتور نورالدين عاشور مدير عام مرصد الأمراض الجديدة والمتجددة أنه باستثناء حالة الوفاة المعلن عنها أول أمس والناجمة عن الإصابة بفيروس "كورونا" والتي جدت يوم 10ماي لم تسجل إلى حد الآن أي إصابة ثانية بهذا الفيروس الغامض داخل حدودنا،فيما تتواصل اليقظة المكثفة والمتابعة الحينية لشتى المستجدات على الصعيد العالمي المتعلقة بهذا المرض النادر إلى الآن والغامض في نفس الوقت.حيث لم تتوصل "الصحة العالمية" إلى اليوم إلى تحديد دقيق ونهائي لتركيبته الجينية ولمصدر منشئها الحيواني. ولئن يعد الفيروس المستجد خطيرا" فإن انتشار عدواه ليست بالسهلة أو السريعة- يقول محدثنا- وذلك خلافا لفيروسات القريب المتعارف عليها وهو ما يفسر انحصار عدد الإصابات في العالم منذ ظهوره بمنطقة الخليج قبل نحوثمانية أشهر في41إصابة تسبت في وفاة 20مريضا وتعافي البقية." ورغم أنه من الأصناف الفيروسية القاتلة بالنظر لعدد ضحاياه مقارنة بالحجم المحدود للإصابات يرى د عاشور أن الفيروس الجديد الذي ينتمي إلى عائلة كورونا وهي نفس العائلة التي ينتسب إليها فيروس ال"سارس" الذي كان برز في سنة2003 يبقى أقل انتشارا وأكثر صعوبة على التفشي. ودلّل على ذلك بأن فيروس سارس كان تسبب في ظرف ثمانية أشهر من التفشي العالمي في تسجيل نحو8ألاف إصابة،فيما لا تتجاوز الإصابات- بكورونا- البضع عشرات. غير أنه شدد على أن التعكرات الصحية التي تترتب عن التهاب حاد للجهاز التنفسي وما تفرزه من مضاعفات هي التي تمثل خطرا قد يؤدي إلى الوفاة. وبالنظر إلى صعوبة العدوى بالفيروس الغامض والتي تنتج أساسا عن الاتصال المباشر بالمريض تنتفي في نظر مصدرنا مبررات الفزع و التوجس لكنه أكد على وجوب الحذر واليقظة وتوخي الاحتياطات الوقائية المتعارف عليها في التعامل مع المصابين في المحيط العائلي من استعمال للكمامة الواقية وغسل اليدين والحرص على احترام شروط حفظ الصحة والنظافة. ودعا إلى المبادرة بنقل المريض أو من تظهر عليه أعراض قصور التنفس من القادمين من منطقة الخليج العربي إلى المركز الصحي للمتابعة الصحية، والتثبت من صحة انتماء الفيروس لصنف كورونا.وأفاد بأن التعهد العلاجي للمصابين يقتصر على معالجة الأعراض لعدم توفر أدوية خاصة بالفيروس في حد ذاته. حالة وافدة وبالعودة إلى حالة الوفاة المسجلة في تونس أوضح د. نورالدين عاشور أن الحالة كان مشتبه فيها لأن صاحبها قدم مباشرة من قطر بعد أن قام بأداء العمرة بالمملكة العربية السعودية وقد برزت عليه أعراض القصورالتنفسي عند وصوله وأخضع للتحاليل التي لم تثبت إصابته بفيروس كورونا. لكن بتتبع الحالة الصحية لعائلته بعد وفاته تبين أن إثنين من أبنائه أصيبا بالفيروس فتم حينها الاستنتاج بأن الصنف الفيروسي للأب من نوع كورونا. علما أن المصابين يتماثلان للشفاء وفي حالة مستقرة. وباعتبار أن الأشخاص المتقدمين في السن تكون حالتهم الصحية هشة وأكثر عرضة للإصابة بالأمراض الفيروسية عموما فقد شدد المتحدث على أهمية توخي الحذر لا سيما بالنسبة للمعتمرين المتواجدين حاليا بالبقاع المقدسة أو المقبلين على العمرة بتجنب الأماكن التي يوجد بها مصابين ممن تظهر عليهم أعراض الفيروس وحمل الكمامة الواقية. وتبقى الوقاية من المرض الوسيلة الأفضل حاليا لتفادي العدوى في غياب تلقيح مضاد لهذا الفيروس . فهل هي لعنة الفيروسات التي صارت تلاحق سكان المعمورة؟حتى أنه ما أن يخمد بعضها ويقع السيطرة عليها تبرز أصناف جديدة أكثر شراسة واستبسالا في المقاومة؟. وهل من تفسير لموجة الفيروسات المتجددة على مدى العشرية الماضية؟ استنادا إلى التفسير العلمي لرئيس المرصد الوطني للأمراض الجديدةوالمستجدة تبقى التحولات الفيروسية وتطور تركيبتها الجينية السبب الرئيسي وراء ظهور أصناف جديدة. يساهم ارتفاع درجة اليقظة الوبائية وانتظام ترصد حركة تنقل الفيروسات وطنيا ودوليا في التعريف بها وتسليط الأضواء عليها لتعزيز الوعي بأسباب التوقي منها.