هو كرنفال بأتمّ معنى الكلمة ذلك الذي أنجزه الترجي والافريقي مساء الأحد في أمسية كروية رمت بظلالها على البطولة الوطنية لتمحو بعض الصور البشعة وترسم خطوطا بالطول والعرض شعارها الجمال والروعة.. هذان اللذان يكادان لا يلتقيان في دربيات العاصمة بمجرّد أن سقطت الكرة في مستنقع الحسابات. الكرنفال لم تنظمه أرجل اللاعبين بل كانت امتدادا إليه.. فالذي برمج العرس هي نتائج الفريقين ووضعيتاهما الحاليتان.. فالأول طائر في مدار خاص والثاني أجرى عملية تجميلية وصار يتباهى بجماله.. وإذا كان هناك من «بطل» لكل ما حصل فإن البطولة كانت هذه المرة جماعية بداية بالجمهور الأحمر والأبيض الذي فجّر المدارج بصور ولقطات ولوحات ستظلّ حيّة لا تموت داخل ذاكرتنا.. ونفس الشيء بالنسبة للجمهور الأحمر والأصفر الذي حوّل الأماكن التي يجلس فيها الى فضاء للأفلام الهوليودية اختلطت فيها روعة المشاهد بالرسائل الموجهة والتي برع فيها هذا الجمهور وذاك بطريقة تنمّ عن ذوق رفيع في الاختيار.. الجماهير لم تكن لوحدها بطلة الكرنفال فالذين سهروا عليه يستحقون أيضا نفس شهادة الامتيازلأن العرس كان ساحرا من بدايته الى نهايته بفضل ما توفر من شروط لحفظ سلامة الجميع رغم الكثافة الجماهيرية. على صعيد الكرة لم يكن اللاعبون قادرين على تقديم الأفضل بالنظر الى تخطيط المدربين الذي كان في بعض الأحيان مكبّلا لأرجل أكثر منه محرّرا لها لتكون النتيجة عادلة ومتعادلة من حيث اللعب والفرص أدارها بامتياز الحكم الفرنسي «اريك بولا».. وهذا التعادل يجعل الترجي يواصل الزعامة دون خشية « انقلاب» من مجموعة غير جاهزة ذهنيا لفعل ذلك. * أكبر المرشحين دوما للقيام بانقلاب على الخارطة الكروية التونسية هو النجم الساحلي لكن هذا الأخير كثيرا ما يسقط في مطبّات غير منتظرة مثلما حدث له مساء الأحد في المنستير فرغم أخطاء الحكم ومساعديه لم يجد النجم منفذا يمرّ منه الى الفوز.. وكأنه كان ينتظر التصفيرة النهائية ليبرّر فشله بأخطاء التحكيم في وقت كان فيه مطالبا بعدم اضاعة فرصة الاقتراب. * النادي البنزرتي وجد ضالّته في الأولمبي الباجي الذي واصل سباته فيما ابتعد زملاء السحباني رسميا عن دائرة «الحسابات الضيّقة» ونفس الشيء فعله الملعب التونسي مع النجم الخلادي القابع في المركز الأخير والذي لم يغادر «غرفة الانعاش» منذ الجولة الأولى شأنه شأن الأولمبي للنقل المنهزم في صفاقس والباحث عن قشة نجاة وأمل في زمن غابت فيه «الرحمة الكروية». على جناح الألم هم بعض «الشواذ» يحفظ ولا يقاس عليهم أولئك الذين غادروا مدارج ملعب رادس ليصبّوا جام «فرحتهم» على كراسي وبلور الحافلات المقلّة لهم.. وهم بذلك يعضون اليد التي امتدّت إليهم وأنقذتهم من العودة مشيا على الأقدام..