تشهد وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) حالة من الانقسام العميق بين كبار ضباط الجيش الأمريكي حول مسار الاحتلال الأمريكي للعراق، وسط اعترافات بأن الولاياتالمتحدة تواجه احتمال استمرار الخسائر البشرية لجنودها طيلة سنوات بدون تحقيق هدف إقامة ما تزعم حكومة بوش أنه عراق حر ديمقراطي حيث تفشل الولاياتالمتحدة في كسب تأييد الشعب العراقي. وقال قائد الفرقة 82 المحمولة جوا تشارلس سواناك «أعتقد أننا نخسر من الناحية الاستراتيجية.» فيما قال مدير التخطيط الاستراتيجي لسلطة الاحتلال في العراق العقيد بول هيوز إن مسار كسب المعارك وخسارة الحرب ميز الفشل الأميركي في فيتنام مضيفا أنه «ما لم نضمن تماسكا في سياستنا فإننا سنخسر من الناحية الاستراتيجية.» وعزا ذلك إلى «اننا لا نفهم الحرب التي نخوضها.» الهزيمة القادمة ويقول بعض الضباط العسكريين الكبار أن الخطوة التي تتطلب البدء لإعادة بناء السياسة الأميركية هي طرد وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد الذي يرون فيه مسؤولا عن سلسلة من الأخطاء المحرجة خلال العام الماضي. وترى صحيفة واشنطن بوست أن العديد من هؤلاء الضباط الذين أجرت معهم مقابلات قالوا أن غضبا عميقا ينمو داخل الجيش إزاء رامسفيلد ومن حوله. وقد حمل جنرال أميركي كبير مسؤولية ما اسماه «الهزيمة القادمة» للأميركيين في العراق إلى رامسفيلد ونائبه بول وولفويتز ونقلت الصحيفة عن الجنرال الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته أنه يعتقد أن الولاياتالمتحدة تسير حاليا على طريق الهزيمة في العراق مضيفا «إن من المشكوك فيه أننا نستطيع أن نستمر على هذا النحو لفترة أطول.» وقال «إن الشعب الأميركي قد لا يحتمل ذلك ويتعين عليهم أن لا يتحملوا.» وقال «لا أعتقد أنه كان لدينا استراتيجية حرب محددة، ونهاية أو استراتيجية مخرج قبل أن نبدا غزونا،» واضاف إنه «لو كان هناك شخص ما مثل كولن باول رئيسا لرؤساء هيئة الأركان المشتركة لما وافق على إرسال قوات بدون أن تكون هناك استراتيجية مخرج» وقال إن «المكتب الحالي لوزير الدفاع رفض الاستماع أو الالتزام بالنصائح العسكرية.» وعزا هذا الجنرال المواقف المائعة وغير الحاسمة لبعض كبار الضباط إلى أنهم لا يزالون يعتمدون على كبار المسؤولين في البنتاغون لإقرار جهودهم الحالية وترقياتهم المستقبلية، كما أن بعضهم يعتقد أن رامسفيلد وغيره من كبار القيادة المدنية للبنتاغون يعاقبون الانقسام العلني. ويشير الضباط مرارا إلى المعاملة العقابية لرئيس أركان الجيش الأميركي السابق الجنرال إريك شيسينكي بعد أن قال علنا أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس العام الماضي أن حكومة بوش قللت من أهمية عدد القوات التي يحتاج إليها لاحتلال عراق ما بعد الحرب وقال وولفويتز أنه لا يعتقد أن الولاياتالمتحدة تخسر في العراق إنه ما من ضابط كبير أعرب عن هذا الرأي له أيضا. وأضاف في مقابلة مع واشنطن بوست «إنني متأكد أن هناك البعض ممن يعتقدون في ذلك.» وقال «إنه لا شك أننا نواجه بعض الصعوبات ومشكلة صعبة ومع ذلك فإنني أعتقد أن نهجنا الذي حددناه هو النهج الصحيح وهو يتحرك بالسرعة الممكنة نحو عراق بحكومة ذاتية وبدفاع ذاتي» ورفض وولفويتز بقوة فكرة التراجع عن هدف إقامة عراق حر ديمقراطي وإحداث تغيير في سياسات المنطقة وقال إن التحرك باتجاه الديمقراطية في العراق سيستغرق وقتا ولا أعتقد أن الجواب هو إيجاد بعض جنرالات الحرس الجمهوري القديم وجعلهم يفرضون دكتاتورية أخرى في دولة عربية. انقسام وقال قائد القيادة المركزية التي تقود الحرب على العراق الجنرال جون ابو زيد المحسوب على رامسفيلد، أنه لا يتفق مع وجهة النظر القائلة بأن الولاياتالمتحدة تتجه نحو الهزيمة في العراق وقال «إننا لا نخسر عسكريا وأن الجيش الأميركي يكسب تكتيكيا» ولكنه قال «أما من الناحية الاستراتيجية فأعتقد أن هناك فرصا.» وقال أبو زيد «إن فضيحة الانتهاكات في السجن واستمرار السيارات المفخخة والإصابات في صفوف الأميركيين توجد صورة جيش غير فعال في مجابهة الثوار ولكن حقيقة الأمن هي أن هناك بعض الإشارات الجيدة.» مشيرا إلى ما أسماه استئناف إعادة البناء الاقتصادي والتقدم السياسي في الفلوجة وزيادة التعاون مع الشيعة في عزل الصدر وقال «إنني أنظر الى الوضع وقلت لوزير الدفاع مؤخرا أنني أشعر بارتياح إزاء ما نحن عليه.» وقد انسحبت حالة اليأس من تحقيق تقدم في العراق إلى المؤيدين لحكومة بوش من المحافظين الجدد الذين دافعوا عن الحرب على العراق، حيث باتوا يبحثون الآن عن مخرج. وقال روبرت كاغان أحد منظري المحافظين الجدد في مقال نشره في صحيفة واشنطن بوست «إن الجميع باستثناء المؤيدين بصورة عمياء تقريبا لبوش يستطيعون أن يروا أن المسؤولين في حكومة بوش ليس لديهم سبيل عما سيفعلونه في العراق غدا، ناهيك عن معرفتهم ذلك بعد شهر من الآن.» وقد دعا بعض المحافظين الجدد إلى استقالة رامسفيلد وآخرون يلقون باللوم على وزارة الخارجية والحاكم العسكري الإداري الأميركي للعراق بول بريمر.