بدأ العد التنازلي لمهرجانات الصيف وارتفاع نسق الاستعدادات لتنظيم مهرجان قرطاج الدولي الذي اختارت له وزارة الثقافة والشباب والترفيه مديرا جديدا من الاطارات الادارية للوزارة على غرار مهرجان الحمامات الدولي ومن المعروف ان المهرجانين تداول على ادارتهما عدد من أبرز الوجوه الثقافية مثل علي اللواتي ورجاء فرحات وسمير العيادي وفرج شوشان.. فهل تنجح الادارة الجديدة في اعادة مهرجانقرطاج الى مداره؟ إن الإدارة الجديدة مطالبة بإعادة النظر في تصور المهرجان الذي يجب ان تكون برمجته متناسقة مع قيمة المكان التاريخية فقرطاج ليست مهرجانا ترفيهيا لكنها مدينة راسخة في التاريخ ولها إرث حضاري ودور كبير في الثقافة الانسانية من المفروض ان يكون مهرجان قرطاج معبّرا عن هذا الارث فكل المدن التي لها عمق تاريخي في أوروبا شمال المتوسط، تنظم مهرجانات تحترم هذا الإرث وهذا ما لاحظنا غيابه عن مهرجان قرطاج في السنوات الاخيرة اذ تحوّل الى مجموعة من السهرات الفنية لنجوم الغناء وسوق للاشهار في حين ان مسرح قرطاج الذي كان شاهدا على أمجاد قرطاج العظيمة التي نافست روما وأشعّت بأنوارها على المتوسط من المفروض ان لا يدخله هؤلاء خاصة ان الذاكرة تحتفظ بأصوات عمالقة الفن الانساني ويكفي ان نذكر ميكيس تيووراكيس ومريام ماكيبا والرحابنة ويول فيري وجاك برال... فصحيح ان هذا النمط من الغناء لم يعد له جمهور في زمن «ستار أكاديمي» لكن هذا ليس مبررا للسقوط في التسويق التجاري بتعلة الشعار المصري الشهير «الجمهور عاوز كده». ان مهرجان قرطاج الدولي لا يمكن ان يتحول الى مهرجان تجاري بل عليه ان يكون في مستوى أمجاد قرطاج بما تمثله من عمق حضاري واشعاع فني فهذا المهرجان ليس مطلوبا منه ان يكون مهرجانا رابحا بل المطلوب منه ان يعبّر عن تونس... تونس وريثة قرطاج العظيمة بكل أبعادها ومخزونها وسمعتها الدولية ولا اعتقد ان هذا سيتحقق ببرمجة عروض «واحدة ونص» ونجوم كليبات غرف النوم!