ليس من حقنا كجماعة أدبية ولا من مهامنا أن نضع دستورا ولا مجلة التزامات وعقود لتنظيم حركة المرور في الساحة الثقافية المحلية والعربية والعالمية، ولكن من حقنا المقدس بل من أوكد واجباتنا أن نرى الأشياء كما نراها. هل في هذا ما يزعج أحدا؟ قد يكون اتفاقنا على النظر المشترك للظواهر والمستجدات رغم اختلافاتنا الجوهرية أحيانا هو الذي أزعج الكثيرين أو البعض من الذين لا يستسيغون الصفاء، ولكن ذلك لا يعنينا لا كثيرا ولا قليلا فعادة ما نرى الطائرة تطير والكلاب تنبح. ليس من مهامنا أيضا أن نتبادل السباب والشتائم مع الآخرين، ولكن من مهامنا أن نقف ضدّ هذه الظاهرة. ليس من مهامنا كذلك أن نزاحم الآخرين في مواقعهم (ولذلك اخترنا مقهى بسيطا) ولكن من مهامنا أن نثبت وجودنا الأدبي بالنص الجميل والموعظة الأدبية والفكرة النيّرة. هل في هذا ما يزعج أحدا، أي أحد؟ فلماذا إذن تتجه السهام الصدئة نحونا محاولة جرّنا الى الانخراط في لعبة الرداءة التي أفرطوا في ممارستها حتى صارت عارا على الثقافة التونسية؟ لقد خبرنا الساحة جيّدا ونعرف كل أركانها وخفاياها، وندرك كما يدرك الجميع أننامتواجدون فيها بالفعل لا بالانفعال منذ عقد ونصف أو أكثر وأصبحنا واعين بضرورة اعمال المكنسة لتطهيرها والغربال لفرز محتوياتها. إننا لن نجامل مستقبلا ولن نخجل من القول للمحسن أحسنت وللرديء ما أردأك! لم قراطيسك وابحث لك عن موطن رزق آخر غير الحقل الثقافي فكونك حال اجتماعية لا يشرع لك الصهينة على هذا الحقل لأن الثقافة مجال مقدس يستمد قدسيته من قدسية الوطن والمشهد الثقافي صورة البلاد ولن نسمح لك بتشويهها. هكذا نحن، نؤمن بالعمل المشترك من أجل مشهد ثقافي نقيّ خال من الشوائب. نؤمن بأن السماء تتسع لكل النجوم بشرط أن تكون النجوم نجوما حقيقية وليس مذنّبات. نقول لبعضنا دائما وللآخرين: لماذا لا توجّه أصابع التشكيك والاتهام ومحاولات الاقصاء الى أولئك المتضلعين في «الترسكية» الثقافية، والى «الكتاب بالثقة» الذين لا يملكون من المكتوب الا التقارير التي يحبّرونها الى الذين لا يهمهم الأمر وغير الورقات التي يقرؤون منها بالأجر في الأمسيات شعرا وفي الندوات نقدا؟ نتساءل دائما: الى متى يشيع بيننا النفاق الأدبي والزيف الثقافي؟ أليس من واجبات المثقف الوقوف ضد ذلك والعمل على فضح مكرّسيه تنظيرا وممارسة وتشجيعا. نحن لا نريد أن نكون ظاهرة اعلامية مثلما يفعل البعض ولكننا نريد أن نسجل موقفا للتاريخ. وحتما ستكون لنا مواقف ثابتة من كل القضايا والاشكاليات الثقافية المطروحة.