المرصد الاجتماعي التونسي: تصاعد خطير للعنف في تونس... والمدرسة تتحول إلى ساحة هشاشة اجتماعية    قافلة صحية مجانية بالمدرسة الابتدائية 2 مارس قصر السعيد الثاني    تحسّن العجز الجاري إلى 1،6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في 2024    عاجل/ المرحلة الثانية من اتفاق غزة: إسرائيل خارج غزة وحماس خارج الحكم.. مصادر تكشف التفاصيل..    كأس العرب: مواجهة حاسمة بين عُمان والمغرب في المجموعة الثانية    شويا ثوم وطماطم وبرشا بصل...وصفة من دكتورة تونسية    تظاهرة علمية لتسليط الضوء حول التحديات الحالية وآفاق مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية في تونس    عام سجناً مع تأجيل التنفيذ لفتاة تواصلت مع خطيبها المنتمي لتنظيم داعش الإرهابي    عاجل: ماشي 'للحج'' في 2026..رّد بالك تعمل الحاجة هذه    تزامنا مع موجة البرد..لجنة مجابهة الكوارث بولاية تونس تجتمع..وهذه أبرز التوصيات..#خبر_عاجل    الرابطة الثانية: تعيينات حكام مباريات الجولة الثانية عشرة    مونديال كرة اليد للسيدات: المنتخب الوطني ينهزم أمام نظيره الهولندي    حلا شيحة: "القرآن هو السبيل الوحيد للنجاة"    باش تفهمها مليح: كان شهريتك مليون...الإقتطاع بش يكون 5 دينارات    عاجل: 12 فصل إضافي في قانون المالية..أعرف التفاصيل    المنسنتير: المؤتمر الدولي الثاني للتغذية الدقيقة في هذا الموعد    بشرى سارة للحوامل المصابات بالسكري.. تقنية جديدة تعيد الأمل..    حاتم الطرابلسي: تحميل لاعب واحد مسؤولية الإخفاق غير مقبول... والمنتخب هو المتضرّر الأكبر    عاجل: اليوم.. 18 ولاية تحت اليقظة الصفراء... أمطار، رعد ورياح قوية    قد تتسبّب في فيضان الأودية: قائمة الولايات المعنية بالأمطار اليوم    رحيل ساحر "مورتال كومبات"    تواصل البحث عن البحارة المفقودين..ساسي علية يوجه هذا النداء..#خبر_عاجل    طقس اليوم..أمطار رعدية وغزيرة..#خبر_عاجل    أمطار وتقلّبات اليوم... والشمس ترجع النهار هذا    وزير الصحة يبحث سبل توسيع الشراكة مع جامعة هارفارد: التفاصيل    سعيد يفجرها: "البعض ما زال يتوهّم أنّه بإمكانه زرع اعوانه في كل مكان، كلهم مكشوفون.."    مصر.. مرشح يفوز في انتخابات النواب رغم وفاته    قرعة كأس العالم 2026: متى تُقام؟ وكيف يمكن متابعتها؟    من بعد إيقاف الهجرة من 19 دولة... قرار جديد يشدّد أكثر على المهاجرين    بعد إهانات ترامب.. اعتقال صوماليين في "حملة مينيابوليس"    الرابطة: استئصال اضطراب نظم قلبي لرضيع بتقنية Cartographie électro-anatomique 3D    كأس العرب 2025: السعودية أمام مهمة سهلة والمغرب في اختبار قوي أمام عُمان    خليفة "أبو شباب": سترى حماس الوجوه الحقيقية التي كان يجب أن تراها منذ وقت طويل    فانس يتهم الاتحاد الأوروبي ب"مهاجمة حرية التعبير" بسبب غرامة على "إكس"    تفكيك شبكة دوليّة لترويج المخدرات وحجز 420 كلغ من "الزطلة"    الندوة الصحفية لأيام قرطاج السينمائية..3،8 ملايين دينار ميزانية الدورة 36    الأمين السعيدي الرواية في أزمنة الغواية    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    احتياطي تونس من العملة الصعبة يغطّي 104 أيّام توريد    خطبة الجمعة .. التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة    شركة النّقل بتونس تعلن عن توقف الجولان كليا على الخط الحديدي تونس/حلق الوادي/المرسى (ت.ح.م) نهاية الأسبوع    جائزة البابطين للإبداع في خدمة اللغة العربية : يوم 31 ديسمبر آخر أجل للترشح للدورة الثانية    كأس العرب قطر 2025: منتخب جزر القمر يتمسك بآمال التأهل في مواجهة نظيره السعودي غدا الجمعة    حفل تقديم الكتاب الجديد للدكتور محمّد العزيز ابن عاشور "المدينة في زمن الباشا بايات" بقصراحمد باي بالمرسى الاحد 7 ديسمبر 2025    تفاصيل برنامج الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية..    تشكيلة المنتخب التونسي في مواجهة فلسطين..#خبر_عاجل    إتحاد الفلاحة يكشف عن حجم صابة البرتقال المالطي لهذا العام..#خبر_عاجل    عاجل: تونس تتعرّف على منافسيها في المونديال في هذا التاريخ    توقيع مذكرة تفاهم بين جامعة تونس المنار والشبكة العربية للإبداع والابتكار    الجزائر: وفاة طفل وإصابة 15 شخصا في انقلاب حافلة    وزير التجارة يؤكد حرص الدولة على مساندة المؤسسات الناشطة في مجال زيت الزيتون والدور الهام للبحث العلمي في القطاع    عاجل/ نشرة استثنائية: أمطار غزيرة ورياح تتجاوز 70 كلم/س حتى هذا الموعد..    بعد صدمة وفاة ابنها.. شوفوا شنوا صاير لفيروز والشائعات اللي تحوم عليها    مناظرة هامة: إنتداب 90 عونا وإطارا بهذه المؤسسة..#خبر_عاجل    قابس: البحث عن 3 بحارة غرق مركبهم بالصخيرة بعد ان انطلق من قابس    فخر لكل التوانسة: تونس تتوّج وجهة سياحية جذابة وممتعة عالميًا!    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدينة «جاما» الأثرية بسليانة:شهدت انهزام حنبعل وهيمنة روما على المتوسط
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

في عام 202 قبل الميلاد دارت معركة «زاما» الشهيرة التي انهزم فيها القائد حنبعل امام عدوه اللدود «شيبيون» لتنفرد روما آنذاك بالسيطرة على ضفاف البحر الابيض المتوسط، المكان الذي شهد الفصل الاخير لملحمة حنبعل ظل لسنوات عدة محل خلاف بين العلماء والمؤرخين والباحثين في التاريخ القديم. فمنهم من أكّد دون تقديم أدلة قاطعة أن «زاما» ليست سوى مدينة جاما الاثرية الموجودة بولاية سليانة، بينما قدم آخرون مجموعة من الافتراضات وذكروا مواقع مثل مدينة 7 أبيار ومنطقة سيدي عمر الجديدي.
ولحل الاشكال القائم والعثور على أدلة كافية تحسم الخلاف قرر الباحث احمد الفرجاوي (من معهد التراث) اجراء حفريات على عين المكان بمساعدة فريق بحث متكون من طلبة ينتمون الى المعهد.
وبعد دراسات وبحوث وحفريات انطلقت رسميا عام 1996 ولا تزال متواصلة الى الآن تم العثور على نقيشة تثبت أن موقع جاما الحالي (بولاية سليانة) هو بالفعل زاما الملكية التي ارتبط اسمها بمعركة حنبعل ضد شيبيون الافريقي.
لماذا هذا الاهتمام بزاما؟ والى ماذا توصلت الحفريات؟ وما هي القيمة التاريخية للموقع ذاته؟
تقع مدينة جاما على بعد 9 كيلومترات شمال سليانة وتحديدا على الطرف الشمالي لجبل «مسوج». وقد تعرض اسم المدينة لعديد التغييرات.
ففي العهد القديم وحسب نقيشة موجودة بالموقع الاثري كان يطلق على المكان اسم زمن ثم حذفت النون ليصبح اسمها زاما. وذكرت النصوص الاغريقية والرومانية اسم «زاما ريجيا» اي زاما الملكية. أما في اللغة العربية فقد تم استبدال الزاي بحرف الجيم لتتحول «زاما» الى «جاما».
وكان الظاهر في الموقع قبل الحفريات صهاريج عمومية لتخزين المياه وعين ماء قديمة وبقايا حصن بيزنطي وجدران بنايات. وبعد القيام بالحفريات برزت الى العيان عدة مواقع وآثار منها منزل روماني ومعبد يعود تاريخه الى القرن الثاني قبل الميلاد وقسم من الحصن البيزنطي ومنازل بيزنطية في أروقة المعبد. اضافة الى حي من العهد الوسيط (الزيري والحفصي)، وبقايا آثار تعود الى القرن الرابع قبل الميلاد (نوميدية).
سد مقوس
ولاحظ الباحث احمد الفرجاوي ان هذا الموقع يحتوي على آثار ترجع الى الفترة ما بين القرن الخامس قبل الميلاد والعهد الحالي. فكل الفترات التاريخية متواجدة في الموقع الاثري. كما يوجد في المدينة حي سكني صغير يقطنه مجموعة من «الجاميين» نسبة الى «جاما» أو زاما الملكية. وساهمت الحفريات في الكشف عن عدد 2 من الحنايا لجلب المياه أضيفت الى الحنايا الثلاث التي كانت موجودة من قبل. كما كشفت الحفريات التي يشرف عليها الأستاذ احمد الفرجاوي سدا مقوسا هو الوحيد في شكله الحالي بضفاف البحر الابيض المتوسط.
وتستمد جاما أهميتها التاريخية من ارتباط اسمها بمعركة حنبعل ضد «شيبيون». فعندما يذكر حنبعل تذكر «زاما الملكية» التي شهدت نهاية ملحمة حنبعل وهيمنة روما على ضفاف المتوسط. وتأتي المدينة بعد قرطاج مباشرة من حيث الشهرة وميل السياح الى زيارتها. وهي معروفة في امريكا واوروبا ومدرجة في الكتب المدرسية.
وتؤكد النصوص التاريخية أن «جاما» كانت المدينة الرئيسية لكامل الجهة (المقاطعة النوميدية) في ولاية سليانة وقسم من الكاف. ثم أصبحت مدينة ملكية يسكنها الملك وحاشيته وكانت تضم قصر الملك نفسه. وأضافت النصوص ان الملك «يوبا الاول» كان يقطن في جاما (45 قبل الميلاد) وقد جمع فيها عائلته وأمواله وخرج منها لمحاربة قيصر عندما جاء الى تونس.
ومن المؤرخين من يرجح ان «جاما» هي عاصمة أفريكا نوفا المقاطعة الرومانية المشهورة اي افريكا الحديثة. وقد التصق اسم المدينة بمعارك غيرت تاريخ تونس مثل معركة «يوبا الاول» ضد يوليس قيصر لتصبح بعد انهزامه مقاطعة رومانية ثم معمرة يتمتع سكانها بحقوق واجبات سكان روما أنفسهم وفي العهد الوسيط تواصل العيش بالمدينة وخاصة في العهدين الزيري والحفصي.
أسطورة الولي الصالح
وبفضل هذه المعطيات يمكن ان تلعب المدينة كما يقول الاستاذ احمد الفرجاوي دورا ثقافيا وسياحيا بحيث تثري الرصيد الهام الذي تتمتع به ولاية سليانة وتعطيها البعد التاريخي الذي تستحقه عن جدارة.
والى جانب هذا الدور لا تزال المدينة تحتفظ بصورة مشرفة عن القائد حنبعل الذي يوجد قبره بها. فقد أكّد الاستاذ احمد الفرجاوي ان سكان المدينة رفعوا القائد القرطاجني الى مرتبة القداسة وصنفوه في مرتبة ولي صالح تحت اسم «سيدي النبيل». ويقال ان اسم الولي الصالح هو تحريف لاسم حنبعل باللاتينية (هانيبال). وجاء في الاسطورة ان ذئبا وهو رمز روما اقترب ذات مرة من الضريح وسرق زيت المصباح الموجود به. وهذا تأكيد لقيمة الرجل في عيون اعدائه وخوفهم الازلي منه حتى بعد وفاته.
ورغم النجاحات التي حققها بهذه الحفريات لا يزال امام فريق الاستاذ أحمد الفرجاوي الكثير من العمل للوصول الى نتائج اكثر دقة وشمولية، ويعود الفضل في هذا العمل الجليل الى الفريق العلمي والى الاطراف التي ساهمت في انجاحه وديمومته ونذكر بالخصوص معهد التراث ووكالة حماية التراث وولاية سليانة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.