كأس أمم إفريقيا (المغرب 2025) تنطلق اليوم بطموحات كبيرة ومنافسة مفتوحة    تونس تسجّل عجزًا مطريًا بنسبة 20 بالمائة خلال نوفمبر 2025... خبير مناخ يطمئن بخصوص الموسم والسدود    أمين محفوظ يعكس الهجوم على حبيب خضر: أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامة    أمريكا: انقطاع الكهرباء عن عشرات الآلاف من المنازل في سان فرانسيسكو    المنتخب المغربي يستهل مشواره في كأس إفريقيا بمواجهة جزر القمر    جنوب إفريقيا.. مقتل 10 أشخاص وإصابة 10 آخرين بإطلاق للنار    فنزويلا: احتجاز واشنطن لناقلة النفط الثانية قبالة سواحلنا "قرصنة" ولن تمر دون عقاب    خبراء أمريكيون: ترامب يخفف الرقابة على الماريجوانا لاستمالة الشباب    اختتام الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية: الفيلم المصري "القِصص" يتوج بالتانيت الذهبي (الجائزة الكبرى)    مصر.. شقيق رجل أعمال مشهور يحرق نفسه أمام مطعمه الجديد    افتتاح الشباك الموحد لإتمام إجراءات السفر إلى البقاع المقدسة الخاص بحجيج ولاية تونس    وزير الخارجية يلتقي عددا من نظرائه خلال مؤتمر روسيا-إفريقيا    في تونس: التهاب المفاصل يستهدف النساء في اليدين والساقين والرجال في العمود الفقري    مدوي/ بمشاركة الأم: اغتصاب طفلة 16سنة والتحرش بشقيقتها على يد زوج والدتهما..    زيت زيتون شملالي تطاوين: الأفضل عالميًا...كيفاش؟    حملة أمنية على الشقق المفروشة للكراء بهذه الجهة..#خبر_عاجل    زغوان: العلاج بالمضادات الحيوية ورقمنة القطاع الصحي في صدارة اهتمامات المؤتمر الطبي ال25 للجمعية العلمية للأطباء والصيادلة بزغوان    بني خلاد...لمواجهة أزمة القوارص.. زراعة البطاطا خيار الفلاحين    مستقبل سليمان وشبيبة العمران يتعادلان وديا دون أهداف    مع الشروق : الزّيت ثروة وليست طريقة إثراء    الجامعة التونسية لكرة القدم تكشف عن قائمة الحكام الدوليين لسنة 2026..#خبر_عاجل    غدا: تونس تستقبل شهر رجب    الليلة: أمطار متفرقة بهذه المناطق والحرارة بين 8 و15 درجة    الكأس الممتازة لكرة السلة (أكابر): النادي الافريقي يتوج باللقب    مختصّ يُحذّر التوانسة من السلالة ''K''    صفاقس : "تبع الغرزة" شعار الدورة 11 لمهرجان "الحاجوجة" ... من أجل سليط الضوء على الذاكرة الحرفية وتجذير الهوية الجماعية    تطاوين: أمطار هامّة تنعش آمال الفلاحين وتخفّف من حدّة الجفاف بالجهة    وزارة التربية: أكثر من 6 الاف تلميذ يستفيدون من رحلات تربوية خلال عطلة الثلاثي الأول    الشركة الجهوية للنقل بنابل تعزز أسطولها ب6 حافلات جديدة    اقامة كأس الأمم الأفريقية كل أربعة أعوام بدلا من عامين    بداية من غرة جانفي: خلاص ''vignette ''الكترونيّا    عاجل: منخفض جوي جديد يبدأ في هذا التاريخ وتأثيره أسبوع كامل    عاجل/ تطورات جديدة في قضية رجل الأعمال مروان المبروك..    وليد بن محمد رئيسا جديدا للرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة    عاجل/ هكذا سيكون الطقس حتى نهاية ديسمبر وثلوج مرتقبة..    باجة: زيت زيتون "توكابر" يحصد الميدالية الذهبية الممتازة لأفضل زيت زيتون بيولوجي في العالم للمرة العاشرة على التوالي    وداعًا وليد العلايلي.. النجم اللبناني يغادرنا عن 65 سنة    الليلة هذه أطول ليلة في العام.. شنوّة الحكاية؟    كان 2025 بالمغرب: شكون يشارك؟    تيك توك تعمل كيان أمريكي مستقل بمشاركة هذه الدولة العربية    الإخوان المسلمون في فرنسا: دراسة استقصائية تكشف قاعدة دعم واسعة وتأثيراً متنامياً    عاجل-مدينة العلوم تقول: الأحد 21 ديسمبر هو غرة رجب المحتملة    اختتام عروض الدورة 11 من قسم أيام قرطاج السينمائية بالسجون    مصر.. تفاصيل القبض على نجم الأهلي والزمالك السابق    وزير التجارة يتابع موسم جني الزيتون ومشاغل الفلاحين واصحاب المعاصر وتنفيذ اجراءات تخزين الزيت وترويجه    حجز 5.6 طن من الموز غير صالحة للاستهلاك بسوق الجملة بهذه الجهة..    المرصد: مقتل 5 عناصر من داعش بالضربات الأميركية في سوريا    عاجل : وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي    مركبة نفعية كهربائية بمدى 240 كلم وضمان طويل: DFSK EC75 يدخل السوق التونسية بقوة    كاس امم إفريقيا (المغرب 2025):الكرة الرسمية "إيتري" تكنولوجيا متقدمة بلمسة أصيلة    عاجل: الجزائريون والمغاربة يتصدران قرارات الترحيل من الاتحاد الأوروبي    عاجل/ يهم زيت الزيتون: وزير التجارة يعلن..    انطلقت عروضه في تونس:فيلم"Zootopia 2" يحطم الأرقام القياسية    مهرجان القيروان للشّعر العربي: شعراء من تونس، الجزائر ،ليبيا وموريتانيا يحتفون بعشرية بيت الشّعر القيروانيّ    الدورة 14 للمعرض الوطني للزربية والمنسوجات التقليدية: ارتفاع صادرات الزربية والنسيج بنسبة 50 بالمائة    عاجل/ هذه الدولة تسجل أول اصابة بمرض جدري القردة..    خطبة الجمعة ..طلب الرزق الحلال واجب على كل مسلم ومسلمة    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشروق» تكشف الآثار المنسية ببطرية: رأس بعل حمون ونصب للآلهة تانيت
نشر في الشروق يوم 23 - 10 - 2009

بُطرية، أو «أكولا» هي الأقدم تاريخيا من بقية المدن الساحلية بالبلاد، ومع ذلك بقيت مجهولة بمكوناتها وآثارها ومعالمها التي تمسح 100 هكتار تقريبا...
«الشروق» تحوّلت الى منطقة «بطرية» لتكشف عن مدينة أثرية تامة المعالم لكنها بقيت مجهولة رغم ما تكتنزه المنطقة من آثار مثيرة!
تقع قرية بطرية على بعد 45 كلم شمال شرق ولاية صفاقس وتابعة إداريا لمعتمدية جبنيانة، وهي مدينة ساحلية تحدها شرقا معتمدية الشابة التابعة الى ولاية المهدية. وتمتد المنطقة الاثرية على مساحة تفوق 100 هكتار.
اكتشاف موقع مدينة أكولا Acholla
أكولا هو الاسم الروماني القديم لقرية بطرية، وقع تداوله في المصادر التاريخية القديمة ومن بعض المؤرخين، وفي بداية القرن العشرين عجز المؤرخون عن تحديد موقع مدينة أكولا الى حدود سنة 1947 حين كشفت الحفريات التي أنجزت بقرية بطرية عن حجر أثري نقشت عليه كتابة تحمل عنوان: شعب أكولا Populus Achollitanas.
ومن ناحية زمنية تعتبر أكولا الاقدم تاريخيا من بقية مدن الساحل التونسي وهو ما تؤكد اللوحات الفسيفسائية التي يعود تاريخها الى القرن الاول قبل الميلاد.
تأسيس المدينة في العهد البوني
حوالي القرن الرابع قبل الميلاد تم تأسيس مدينة أكولا من طرف مهاجرين قدموا من جزيرة مالطة وبتأييد من القرطاجيين. وخلال العهد البوني اعتمد سكانها على اللغة والعادات والتقاليد الفينيقية كما عرفت صك العملة المأخوذة عن القرطاجيين وهو ما تؤكد القطع النقدية التي كشفتها الحفريات والتي تحمل صورة رأس الإله القرطاجي بعل حمون يحمل تاجا من الريش الى جانب العثور على نصب تذكارية للآلهة الفينيقية تانيت.
أكولا خلال العهد الروماني
خلال الحرب البونية الثالثة التي امتدت من سنة 149 قبل الميلاد الى سنة 146 قبل الميلاد وقفت مدينة أكولا الى جانب روما في حربها ضد قرطاج.
وبعد تحطيم قرطاج أصبحت أكولا مدينة مستقلة. كما تحالف سكانها مع الامبراطور الروماني يوليوس قيصر عندما نزل سنة46 قبل الميلاد بشمال افريقيا في حربه ضد يوبا الاول ملك نوميديا (شرق الجزائر). وعندما استقر هذا الامبراطور الملقب عصرئذ بملك البحر بجزيرة قرقنة (Cercina) استفاد سكان أكولا من هذا الحدث واستثمروه لتطوير تجارتهم البحرية رغم المنافسة التي تعيشها أكولا مع بقية المدن المجاورة مثل حضرموت ولبدة لتشهد مزيدا من النجاحات خلال القرنين الاول والثاني ميلاديا وتبلغ أوج ازدهارها الحضاري بفضل موانئها التي مازالت آثار أرصفتها على ساحل البحر المتوسط شاهدة على تاريخها العريق.
وعرفت المدينة صك العملة خلال العهد الروماني بداية من القرن الاول ميلاديا وذلك في عهد الامبراطور اغسطوس الذي حكم من سنة 29 ق.م الى سنة 14 ميلاديا. وارتقت في التنظيم الاداري الى مرتبة المدينة البلدية حيث يتمتع سكانها بحق المواطنة الرومانية ويحكمها الدستور الروماني ويدير شؤونها المجلس البلدي المتكون من الحكام البلديين من صنف القناصلة.
وتحتوي مدينة أكولا على عدة وحدات أثرية. آثار الموانئ مازالت قائمة على الشاطئ تصارع الأمواج وتؤرخ لفترة زمنية قديمة. وفي مدخل المدينة الاثرية توجد حمامات الامبراطور الروماني تراجانيوس والتي تحتوي على عدة قاعات أبرزها قاعة مستطيلة الشكل يبلغ طولها 30 مترا وعرضها 13 مترا الى جانب ثلاثة أحواض سباحة.
أما القسط الاكبر من الاثار التي تم اكتشافها فيتمثل في منزل القنصل وهو أحد أعضاء مجلس الشيوخ بروما تم تعيينه قنصلا سنة 184 ميلاديا ليدير شؤون المدينة واسمه «أسينيس ريفينيس Asinius Rufinus وهو ما تبرزه الكتابة الموجودة على النصب التذكاري بساحة الفوروم والذي يروي قصة حياة هذا الحاكم.
أما الفوروم فهو ساحة مبلطة تتوسط المدينة تنتهي بجدران لم يقع الكشف عما وراءها بعد أن توقفت الحفريات الاثرية.
كما يوجد نفق قامت الجهات المعنية بغلقه بأبواب حديدية ضخمة يعتقد أنه يؤدي الى مدينة الجم تحت سطح الارض.
أما الجهة الشمالية فتضم آثار معبد الكابتول الذي يضم تماثيل الثالوث الرسمي للديانة الرومانية وهي الآلهة: يوبيتار ويونو ومينروا.
وفي الجهات الغربية مازالت آثار المسرح الدائري واضحة المعالم حيث يحتوي على حلبة صراع ومدارج محيطة بها. في حين لم يتم الكشف عن الحجرات الموجودة تحت الارض والتي تأوي عادة الوحوش المفترسة، لأن هذا النوع من المسارح الدائرية يختص بالأساس في المبارزة بين مختلف الوحوش الضارية أو المجابهة بينها وبين مصارعين محنكين. ويعكس هذا النمط من العمارة مستوى الرفاهة والازدهار الاقتصادي الذي بلغته مدينة أكولا وتسابق الوجهاء والأثرياء من أجل تشييد هذه المعالم الترفيهية.
اللوحات الفسيفسائية
تعتبر هذه اللوحات من أقدم الفسيفساء الموجودة بالبلاد التونسية وهي عديدة ومتنوعة حيث تم تخصيص قاعة لها بمتحف باردو، وهي آثار تروي حياة الطبقة الأرستقراطية من الأهالي وأصحاب القصور إذ تزين الفسيفساء جدران وأرضية منازلهم. ومن أهمها لوحة الإله ديونوزيوس وقوس النصر للإله نبتون ولوحة جراد البحر وهو ما يقيم الدليل على الأهمية البالغة لهذه اللوحات الفسيفسائية والتي مازالت نسبة هامة منها موجودة تحت أنقاض مدينة بطرية.
أكولا خلال العهد البيزنطي
خلال العهد البيزنطي خضعت مدينة أكولا للديانة المسيحية وهو ما تبرزه الكتابات الموجودة بمجلس المدينة.
وتذكر المصادر التاريخية بعض أساقفة المدينة الذين نالوا شهرة بشمال افريقيا مثل: ريستتيس سنة 484 ميلاديا وقينتيس سنة 641 ميلاديا، كما كشفت الحفريات الاخيرة وجود آثار لبيت العماد قريبة جدا من الشاطئ وبها حوضي سباحة وعدة قبور مسيحية احداها مغطاة بلوحة فسيفسائية تحمل مصطلحات وكتابة دينية.
اختفاء المدينة
في نهاية العهد البيزنطي انعدم الأمن وقاست أكولا كثيرا من بطش شعب الماواريين (قبائل بربرية) الذين نهبوا المدينة فهجرها أهلها قبل الفتوحات العربية الاسلامية لتقوم العوامل الطبيعية بدفن مدينة أكولا تحت التراب.
وقد اندثر هذا الاسم القديم للمدينة وبقي موقعها مجهولا لأنه لم يعثر على اسم أكولا في أي مؤلف لأي مؤرخ أو جغرافي خلال العصر الوسيط.
بطرية الاثار المنسية
لماذا تصر ادارة التراث على غلق أبواب المدينة الأثرية في وجه الزائرين والتلاميذ؟ولماذا توقفت الحفريات منذ أمد بعيد ولم تستأنف؟
ولماذا لا يتم الكشف عن كل مكونات آثار قرية بطرية لعلها تصبح متنفسا او منتجعا سياحيا لأبناء ولايتي صفاقس والمهدية. في وقت نحتاج فيه الى زيارة مواقعنا الاثرية في ظل الاجراءات المشجعة على السياحة الثقافية. ولماذا لم يتم النظر في المشكل العقاري لأراضي سكان قرية بطرية إذ تم منعهم من بيع أو حرث أو استغلال أراضيهم بدعوى أنها على ذمة ادارة التراث. فالحفريات توقفت منذ أمد بعيد وازدادت معها معاناة الأهالي أكثر من اللازم وطال انتظارهم لتبقى آثار بطرية في طي النسيان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.