تحصلت على شهادة الباكالوريا شعبة الآداب ثم التحقت بالجامعية أين أحرزت الاجازة في الحقوق وبعدها حازت على شهادة المرحلة الثالثة لتلتحق مباشرة بسلك المحاماة وقضّت حالي 15 سنة بهذه المهنة تولت خلالها المرافعة في عدد كبير من القضايا كانت أغلبها من القضايا المدنية. تلك هي أهم مراحل مسير ة المحامية الناجحة الاستاذة نرجس بوعلاق التي تمكنت بفضل مثابرتها وتفانيها في العمل واحترامها لمهنتها من ارتقاء سلم النجاح وتحقيق الامتياز الذي تطمح اليه. وتعتبر الاستاذة نرجس بوعلاق نفسها محظوظة لانها تتلمذت على أيدي أساتذة أكفاء في مهنة المحاماة كانت ومازالت أسماءهم تتمع بصدى كبير لدى جل التونسيين ومن بين هذه الاسماء تذكر السيدة نرجس الاستاذ المرحوم الهادي الهرام وهو مؤطرها الذي أعطاها من وقته واهتمامه الشيئ الكثير، والاستاذين عبد الرحمان الهيلة والازهر القروي الشابي وهما من الاساتذة الذين تعلم واقتدى بهم جيلا كاملا من المحامين في تلك الفترة، وتعتبر السيدة نرجس من الجيل النسائي الاول الذي امتهن المحاماة ووجد الحضوة والاهتمام الجيد من قبل الاساتذة في المحاماة آنذاك حيث كان عدد النساء المنتميات الى هذه المهنة قليلاجدا ومحدودا. * لهذه الاسباب نجحت تقر الاستاذة نرجس بوعلاق (المحامية بمحكمة التعقيب) أن نجاحها يبقى نسبيا ولا يمكن للفرد أن يدرك النجاح المطلق لكن عليه أن يسعى ويطمح الى بلوغ ذلك. وترى أن تحقيق النجاح ليس بالمهمة السهلة فقد اقتضى منها المثابرة والتمسك بقناعاتها الشخصية والتغلب على الخجل والخوف الذي كانت تحس به منذ بداية مباشرتها للعمل كمحامية وتضيف السيدة نرجس أن عدم تمييزها بين القضايا وعدم تبجيلها لقضية على أخرى وبذل نفس المجهود والعمل بجدية في معالجة كل القضايا مكنها من كسب عدد هام من القضايا، كما أن السعي الى كسب ثقة الحريف والاقتناع بالقضايا المطروحة على المحامي تدفع به الى تحقيق النجاح المطلوب وهو المبدأ الذي يجب أن يتبعه كل فرد يريد لنفسه النجاح والتميز في مجال عمله. وتؤكد السيدة نرجس بوعلاق ان الابتعاد عن التفكير والهوس المفرط في المردود المادي الذي يمكن أن يجنيه المحامي من عمله يجعله يتمتع بالتركيز والجدية في مرافعاته ومدافعته عن موكله وبالتالي كسب القضية وإثراء رصيده المهني. بالاضافة الى ذلك تعتبر ضيفتنا حبها للمهنة والتضحية بوقتها وجهدها من أجلها على حساب اهتمامها بعائلتها. * المحامون والحرفاء في مواجهة الدخلاء تواجه مهنة المحاماة كغيرها من المهن مشكل الدخلاء الذين يتسببون في عديد الاشكالات سواء بالنسبة للمحامين المهنيين أو الحرفاء وقد ركزت الاستاذة نرجس بوعلاق على هذه النقطة خلال حديثها عن أهم الصعوبات التي يواجهها المحامي في الوقت الراهن حيث بينت أن ارتفاع عدد المحامين أفرز فئة جديدة من المحامين الذين يحملون عقلية مختلفة عن عقلية الجيل السابق من المحامين تدين بأهمية المكسب المادي على حساب أخلاقيات المهنة وجودة الخدمات المطلوبة. فهناك عدد من هؤلاء لا يجوز أن تطلق عليهم صفة محامي لانهم لا يحملون بداخلهم المبادئ الاساسية وقواعد ممارسة المهنة وبالرغم من رداءة الخدمات التي يقدمونها إلا أن الحرفاء يتجهون اليهم بعد أن يقع إغراؤهم بانخفاض الاجور التي يطالبون بها وبهذه الطريقة استطاعت فئة جديدة من المحامين الشبان من افتكاك الحرفاء من المحامين المهنيين لكن الحريف سرعان ما يكتشف أنه أخطأ الاتجاه بعد أن يكون قد ضيّع ماله ووقته بغير جدوى ويشترك بعض القضاة المتقاعدين مع المحامين الشبان في تهديد (إن صح التعبير) مستقبل المحامي المهني عندما يقوم بفتح مكتب للمحاماة إثر تقاعده، فبعض هؤلاء يستغلون أسماءهم ومناصبهم السابقة وعلاقاتهم الجانبية في جلب الحريف وافتكاكه من المحامين المهنيين. وتشير السيدة نرجس في هذا الصدد الى أن الحريف هو المتضرر الاول في هذه «اللعبة» فهو يبقى عرضة للتحيّل من قبل الدخلاء في هذه المهنة. أما عن الصعوبات التي واجهت الاستاذة نرجس بوعلاق في بداية مسيرتها المهنية فتقول: «لقد كان قصر مدة تربصي وعدم امتلاكي لأرضية وقاعدة من الحرفاء جعلتني أتعب وأحس بالصعوبة لكنني استطعت بفضل عزيمتي واجتهادي وبفضل مساعدة استاذي المرحوم الهادي الهرام تجاوز هذه الصعوبات والمضي قدما نحو النجاح والتألق. * قضايا لا تنسى يزخر سجل الاستاذة نرجس بوعلاق بعدد هائل من القضايا التي تناولتها ودافعت عن اصحابها بكل ثقة بالنفس وبكل اجتهاد وتفان، لكن تبقى بعض القضايا عالقة بذهن المحامي ولا يمكن بأي شكل من الاشكال نسيانها وتجاوزها. وترى الاستاذة نرجس بوعلاق أن أصعب قضية تولتها هي قضية شاب أقدم على قتل كهل من أقاربه فالمتهم لم يصرح بالاسباب ا لتي دفعته لفعل ذلك رغم كل المحاولات المبذولة آنذاك من قبل المحامين والقضاة وقد حكم عليه بالاعدام وقبل أن يعدم من دون أن يسعى لتبرير فعلته أو يحاول الدفاع عن نفسه. فبقيت هذه القضية بمثابة اللغز المحير. أما القضية الثانية فتمثل في موت زوجة شابة بعد الاسبوع الاول من زواجها مختنقة بالغاز، والمحير في الامر هو أن الزوجين كانا في المنزل لكن الزوجة توفيت وبقي الزوج على قيد الحياة، وقد وقع اتهام الزوج بقتل زوجته لكنه لم يعترف بالاسباب التي دفعته لفعل ذلك وواجه عقوبة السجن بسبب القتل العمد بصمت. هاتان القضيتان أثرتا بصفة كبرى في نفسية السيدة نرجس وتركتا أثرا عميقا بداخلها نظرا لغرابة سلوك المتهمين اللذين فضلا الصمت ومواجهة العقوبة على الافصاح عن الاسباب التي دفعتهما لارتكاب الجرم. * إعداد: ناجية المالكي