علمت «الشروق» أن مصالح الهجرة في بلادنا تتولى الآن دراسة أسواق الهجرة الممكن استغلالها وتوجيه التونسيين من العمال نحوها. وقالت مصادر «الشروق» أن المصالح المختصة تسعى إلى فتح الأسواق الجديدة في اطار الهجرة المنظمة مؤكدة أن الكثير من البلدان تنظر الآن وتراقب بدقة تجربة الهجرة التونسية المنظمة مع ايطاليا والتي تعتبر ناجحة على كل المقاييس بعد اقرارها منذ أكثر من سنتين ومكنت من هجرة الآلاف من العمال والشبان التونسيين قبل أن تتخذ شكلا جديدا يعتمد على تقبل العروض ودراستها من طرف المؤسسات الايطالية عن طريق شبكة الانترنات حيث تم في المدة الماضية التحاق أكثر من 200 تونسي بالعمل في مؤسسات ايطالية. غير أن مصادرنا لا تخفي وجود بعض الصعوبات في فتح الأسواق الجديدة أمام الهجرة التونسية باعتبار الكثير من الظروف التي عرفها العالم في السنتين الأخيرتين الى جانب العديد من العوامل الاقليمية الأخرى. إن الكثير من أسواق الهجرة تعتبر واعدة الآن ومنها بلدان أوروبا الغربية حيث تؤكد المعطيات أنها ستكون مضطرة إلى فتح حدودها لتدفق المهاجرين بسبب الكثير من العوامل أهمها العامل الديمغرافي حيث تتقلص نسبة الأطفال والشبان مقابل تهرم السكان وارتفاع نسبة الشيوخ بشكل مفزع في بعض الأحيان. غير أن أسواق الهجرة صارت تحتاج الآن إلى مقاييس جديدة لاستقبال المهاجرين أهمها استقطاب العمال المهرة وأصحاب الاختصاصات الدقيقة حيث أعلنت بعض البلدان الأوروبية ومنها المانيا في السنوات الأخيرة عن حاجتها لآلاف المختصين في ميدان الاعلامية. ولا تزال البلدان الأخرى البعيدة مثل كندا واستراليا أسواقا هامة جدا للهجرة وهو أمر يجب أن تلتفت اليه مصالح الهجرة في تونس وتوجه جهودها نحو هذه الأسواق ذات الامكانيات الكبيرة جدا. وكان أحد الوزراء الكنديين قد أكد في تصريح في وقت سابق أن عديد المدن الكندية المجهزة الآن بكل المرافق من مساكن وطرقات ومستشفيات ومدارس قد تكون بلا سكان وهو ما يعني أن كندا ستكون بحاجة الى تدفق آلاف المهاجرين الجدد لتعمير تلك المدن. وتقول المصادر أن السعي إلى فتح الهجرة أمام التونسيين لا يجب أن يقتصر على الأسواق التقليدية للهجرة والمقصود بها بلدان أوروبا الغربية التي ستواجه الآن تدفق آلاف المهاجرين الجدد من بلدان أوروبا الشرقية التي انضمت حديثا الى الاتحاد الأوروبي وهو ما يعني أن فتح الأسواق التقليدية الأوروبية سيكون صعبا مما يجعلنا نوجه جهودنا بقوة نحو الأسواق الجديدة والبعيدة ذات الامكانيات الهائلة لاستقطاب المهاجرين خاصة من دول الجنوب. وتوصف تلك البلدان والأسواق بالمجتمعات المتحركة أي أنها تعتمد في نهضتها الاجتماعية والثقافية خاصة على الهجرة وتدفق المهاجرين الذي يعزز تنوعا ثقافيا. وتضيف المصادر أن تونس بامكانها استغلال الفرص المتاحة الآن باعتبار امتلاكها للقدرات البشرية التي لها تكوين عال في الاختصاصات الدقيقة اضافة الى قدرة التونسيين على الاندماج في مجتمعات الهجرة على غرار البلدان الأوروبية التي تضم جاليات كبيرة من التونسيين.