لا أحب قراءة الصحف في القطارات والحافلات والمقاهي، وأرفض المساهمة في نشر «ثقافة البلوشي» السائدة بقوّة. ويحلو لي أن أحرم المسترقين من لذة قراءة العناوين وبعض السطور رغما عني. ولأن أمثال هؤلاء كثّر، ولايخجلون من طلب استعارة الصحيفة لإلقاء نظرة على محتواها، فإن مجابهتهم بالرفض ضرورية، حتى يضطروا لشراء صحيفتهم أو الإقلاع عن هذه العادة «الأشعبية» المشينة. فليس من المعقول في بلاد أغلب أفراد شعبها متعلمون أن تكتفي أكثر الصحف انتشارا ببيع 70 ألف نسخة لأكثر من 7 ملايين مواطن قادرعلى القراءة أي قرابة 1 فقط. وفي الحقيقة فإن «ثقافة البلوشي» لا تهمّ فقط قراءة الصحف بل أيضا تذاكر ودعوات المقابلات الرياضية والمهرجانات والحفلات الفنية، إذ لا يحلو لهؤلاء ارتياد الملاعب والمسارح إلا اذا كانت الدعوة «مضمونة من عند حبّيب». ويلاحظ العارفون برواد «ثقافة البلوشي» ان قائماتهم ثابتة وأن نفس الوجوه يحضرون في كل التظاهرات اذا توفرت الدعوات ويغيبون بغيابها، فتقفر المدارج والمدرجات. إن هذه «الثقافة» مدعوة الى الاندثار ومطلوب من الجميع التصدّي لها وغلق الباب أمام روادها ومريديها حتى لا يبعث «أشعب» يستنسخ في عصرنا الحداثي.