تتوفر بالجريد آثار تترجم على تعاقب حضارات ومنها بالخصوص الآثار الرومانية المنتشرة في كامل أرجائها ولنا خير دليل على ذلك موقع كستيليا الذي تم اكتشافه على وجه الصدفة منذ الثمانينات وظل إلى يوم الناس هذا قابعا تحت الرمال دون أن تبادر المصالح المعنية بالتنقيب عن مكوناته ولا سيما وأن العارفين في مجال الآثار أكدوا على أن هذه الآثار تمثل قلعة كستيليا الرومانية كما أن الاكتشافات بينت ثراء حامّة الجريد بالمواقع الأثرية من ذلك موقع قباش وهو الآخر من الآثار الرومانية ومنها حمام وأسواق قديمة سارعت جمعية "قباش" للآثار للمطالبة بالمحافظة على هذا المكسب بعد أن طالت أياد عابثة الموقع وحاولت طمسه وغير بعيد عن حامة الجريد وبمنطقة الشبيكة التابعة لمعتمدية تمغزة توجد مدينة رومانية عتيقة لعبت دورا رياديا في مجال استجذاب المولعين بالسياحة الأثرية والثقافية من تونس ومن خارجها إلا أن هذا الفضاء أضحى في حاجة ماسة إلى الترسيم لحماية معالمه التي تعود إلى الحضارة القبصية و"شبيكوت" وهو الاسم القديم للمدينة الأثرية المدرجة ضمن المواقع الأثرية بالجهة مهددة بالاندثار ويمكن أن تنهار لو لم يسارع المعهد الوطني للآثار لترسيمها كما أن المندوبية الجهوية للثقافة التي شهدت تعيين السيد عمر معمري مندوبا جديدا لها مطالبة هي الأخرى بالتدخل السريع لحماية "قباش" و"سبيكوت" وكستيليا حتى لا تعبث بها الأيادي و"يضمحل" هذا الرصيد الهائل من مخزون الجهة الحضاري والثقافي والأثري. ومنذ انبعاث مصلحة جهوية تعنى بالتراث في فيفري 2012 قام محافظو التراث بولاية توزر بضبط قائمات اسمية لمختلف المعالم التاريخية لإبرازها وإحيائها وتتمثل بالخصوص في معالم أثرية ودينية وتاريخية رغم اندثار البعض منها حيث ضبطت 74 معلما تاريخيا بمدينة نفطة تنقسم إلى مواقع دينية كالجوامع والمساجد ومعالم تاريخية مثل المدارس على غرار مدرسة الباي ومدرسة علي داي التي تأسست سنة 1689م/1000ه بالإضافة إلى المدرسة الكيلانية التي شيدت في الفترة الممتدة من 1704 إلى 1734 ومدرسة الحلايمية إلا أن المشكل القائم يتمثل في أن هذه المدارس اندثرت رغم دورها في نشر الثقافة والعلم والمعرفة ولا بد من العمل على رد الاعتبار لها وترسيمها حتى تبقى شاهدا على ثراء المواقع الأثرية على اختلاف أنواعها وحضارتها وهذه الملفات وأخرى ساخنة تنتظر من المندوب الجهوي للثقافة جهودا لإبرازها من جديد وهي مطالب تنضاف إلى مطلب تفعيل المشهد الثقافي الذي أصابه الوهن من ذلك مثلا ما تشهده دور الثقافة من ركود ربما يفسر عزوف الرواد عن ارتيادها.