بقلم: عبد الرحمان مجيد الربيعي استأثرت باهتمام المعنيين أحداث العراق الأخيرة (معارك كربلاء، والنجف والكوفة) والحضور القوي لجيش المهدي والزعيم الديني الشاب مقتدى الصدر وصولا الى تعيين رئيس للجمهورية ونائبيه اضافة الى تشكيلة وزارية. وبدأنا نستمع للتعليقات من الوجوه نفسها التي الفناها في فضائياتنا التي لا تعد ولا تحصى وتتوالد كالفطر بحيث تعذّر على المرء ان يعرف لمن هذه ولمن تلك؟ لكن علينا قبل كل هذا ان نبدأ بسؤال بسيط وبديهي هو: هل ان هذه الحكومة التي ذكر انها حكومة تصريف اعمال فقط حتى اجراء الانتخابات اواخر العام قادرة على أن تقوم بالمعجزات وان تحقق ما لم يحققه مجلس بريمر وحكومته؟ ثم أليست هذه الحكومة كاملة بدءا من رئيس الدولة فرئيس الوزراء والوزراء هم اعادة ترتيب لاشخاص كانوا موجودين اصلا في مجلس بريمر سواء من (الاصلاء) أو من بدلائهم؟ رئيس الجمهورية سواء كان الشيخ الياور او الباجه جي او اي عضو ثالث ما الذي بامكانه ان يفعله والبلد محتل؟ ثم انهم جميعهم كانوا اما أعضاء في مجلس بريمر او في مجلس وزراء مجلسه الشيخ الياور، الجعفري، زياد علاوي وهلمّ جرا. فما الذي تغيّر وما الذي تبدّل؟ ألم يزل العراقي يراوح في مكانه؟ ألم يزل الاحتلال جاثما؟ لقد ذكر أن السيد الابراهيمي جاء ومعه صلاحيات أممية (من الأمين العام للامم المتحدة ومجلس الأمن) وليس بصلاحيات امريكية، وأنه سيرتب اوضاع العراق من ارض الواقع وبالانصات لجميع الاطراف لتكون خياراته صائبة، وقد كانت بداياته تحمل شيئا من هذا التوجه ثم اذا به يركز حواراته مع مجلس بريمر وينصت اليهم كل الانصات، ولا يتصرف خارج ارادتهم. لقد استطاع الابراهيمي ان يؤثر (وهذا يحسب له) ان بعض الاشخاص ممن ارادوا دورا اكبر في (العراق الجديد) ومنهم الجلبي لا قيمة لهم ولا تأثير ولا يملكون اي رصيد شعبي، ثم تسارعت الاحداث لتضعنا امام حقائق جديدة ربما لا تتوقف عند ركن هذا الجلبي جانبا بل ومحاسبته على جرائم كانت الادارة الامريكية تحميه منها (عقوبة السجن باثنين وعشرين عاما من الاردن). المعلومات الكاذبة التي قدمها للادارة الامريكية مما ورّطها في (داهية) لا يعرفون للخروج منها وسيلة، ثم ما بدأ يظهر من ازدواج علاقاته ما بين امريكا وبلد مجاور للعراق، وان تأكد هذا سيقسم ظهره حتما، وأبسط عقوبة بل وارحم عقوبة ان (ينعم) بقضبان السجن الاردني. وتطاول هذا الجلبي على الابراهيمي وعقد المؤتمرات للرد عليه والتنديد به، ثم انكفأ الى ما هو أصغر الى الطائفة وما يسمى ب(البيت الشيعي) الذي بدأ يظهر في العلن عن طريق وسائل الاعلام، ووجدنا ان هذا الشخص المرفوض والمنبوذ هو الذي يحاول ان يرد الاعتبار لنفسه من خلال (البيت الشيعي)، وما الهجوم الذي تعرضت له احدى عضوات مجلس بريمر ونجت بأعجوبة بينما قتل ابنها ومرافقاها الا هجوما استهدف به الجلبي وليست هذه المرأة (قيل انها طبيبة اسنان) التي انضمت الى (البيت...) وتتوسط ما بين السيد مقتدى الصدر والمحتلين. خلاصة نقول هذا الخبز من ذاك العجين، لا شيء تبدل، كل شيء في مكانه. رئيس الجمهورية السني منصبه فخري، ولنائبيه حق الاعتراض عليه وهما (كردي وشيعي)، ولا ندري كيف ستسير الامور خلال الشهور المتبقية. ثم ان السلطة على هذه التشكيلة بيد رئيس الوزراء اياد علاوي وهو شيعي كذلك، ويقال انه علماني ولكنني لا أقرّ بهذا شخصيا، علماني او غير علماني، لا فرق مادام قد جاء باسم طائفة، وضمن تشكيلة ستظل معمولا بها، وستصبح نهجا، حتى لو أصبحت هناك انتخابات فستكون ضمن المحاصصة ووفق التشكيلة الهجينة المرفوضة التي ظهرت علينا وباركتها الادارة الامريكية التي أعلن رئيسها انهم لم يتدخلوا في تشكيلها (تصوروا هذا). امر ايجابي واحد يتعلق بشخص الشيخ الياور هو انه رجل عربي ليس بلباسه (على فكرة هو مهندس ورجل أعمال) ولكن بخطابي وبانتمائه لقبيلة عربية كبيرة لها امتدادها في العراق وسوريا والخليج (السعودية بشكل خاص) خاصة وان من وضعهم الاحتلال في المواجهة في الفترة الأولى ارادوا انتزاع العراق من عروبته ولكن ظهر لهم ان هذا هو المستحيل، فالعراق عربي وبغداد قلب العروبة ثم ان الأيام حبلى، وبعد (غفوة) اعلان هذه التركيبة الحكومية، سيأتي ما لم يكن متوقعا!