كشفت مصادر عراقية ان الحاكم الامريكي السابق بول بريمر سلم رئيس الحكومة المؤقتة في بغداد 97 «وصية» امريكية تتيح لواشنطن الاحتفاظ بوصايتها على العراق. والزم بريمر حكومة اياد علاوي بتنفيذ هذه الوصايا وهو ما ينزع عن السلطة العراقية المؤقتة اي قدر من «السيادة» التي تحدث عنها الجانبان في اطار ما سُمي نقل السلطة. وقبل قليل من مغادرته العراق كان بريمر قد سلم علاوي خلال مراسم نقل السلطة ملفا يحتوي حسب الادارة الامريكية على الوثائق القانونية التي «تثبت» عودة السيادة المزعومة للعراقيين. «وصايا» بريمر غير أن مصادر من الحكومة المؤقتة في بغداد كشفت ان «الملف الازرق» الذي سلمه بريمر لعلاوي يتضمن 97 قرارا اداريا وسياسيا وقضائيا، ستظل سارية حتى بعد ان تسلمت الحكومة المؤقتة السلطة. وكشفت المصادر ذاتها ان بريمر كبّل حكومة اياد علاوي بعدد من القرارات التي لا يحوز له الغاؤها او نقضها لأنها خارج صلاحياته اصلا. ويعني هذا ان بريمر لا يزال بالفعل صاحب السلطة على الرغم من تسلم علاوي رسميا مسؤولية ادارة ا لشؤون العامة بشكل مؤقت. وذكرت المصادر العراقية ان بريمر اصدر قبل تسليم السلطة وتحديدا خلال الفترة من 14 الى 28 جوان الماضي مجموعة من القرارات عدّل بها العديد من القوانين وعين اكثر من 10 عراقيين في وظائف حكومية لسنوات طويلة. وتظل هذه القرارات سارية الى ان تتسلم السلطة في العراق حكومة منتخبة من قبل الشعب العراقي. ومن بين قرارات بريمر التي وصفت بانها مثيرة للجدل سن قانون انتخابي يمنح لجنة مؤلفة من 7 أشخاص سلطة حرمان بعض الشخصيات والقوى والأحزاب السياسية من المشاركة في الانتخابات. وتشمل «وصايا» بول بريمر احتفاظ عديد الشخصيات التي تحظى ب»عطف» أمريكي خاص بمناصبها لمدة لا تقل عن 5 سنوات ومن بينها «مستشار الأمن القومي» موفق الربيعي ورئيس ما يسمى «هيئة النزاهة» راضي الراضي. وعلى سبيل المثال لن يكون بوسع علاوي أن يستبدل موفق الربيعي بشخص آخر حتى لو استدعت الضرورة عزله. وعين بريمر عراقيين اختارهم مساعدوه في مواقع مهمة في صلب الحكومة العراقية المؤقتة ومن بينهم مفتشون عامون في كل الوزارات (معينون لمدة 5 سنوات). كما عين بريمر لجانا لتنظيم قطاع الاتصالات والمؤسسة العامة للاذاعة والتلفزيون وفي مجالات أخرى. ووفق مراقبين عراقيين فإن ملف بريمر الأزرق ينطوي على بذور أزمات سياسية حيث أنه يتضمن قرارات قضائية صادرة بحق أحمد الجلبي (الذي انقلبت عليه واشنطن) وضد عضو مجلس الحكم المنحل عبد الكريم المحمداوي وضد مقتدى الصدر وكذلك ضد 3 من علماء الدين في الفلوجة. وفي حال اقدام حكومة علاوي على تنفيذ تلك القرارات القضائية فقد تندلع أزمات سياسية حسب المراقبين. وبخصوص عملية نقل السلطة التي تمت بشكل مخالف للتوقعات اعتبرت مصادر أوروبية أن العملية تمت بصورة فعلية قبل أيام من الاعلان عنها يوم الاثنين الماضي. وحسب المصادر ذاتها فإن الإدارة الأمريكية سعت من خلال تقديم موعد العملية إلى تفويت الفرصة على جماعات المقاومة ولتأمين رحيل بول بريمر والاتفاق مع حكومة اياد علاوي على «مهام الحكم» التي سيقوم بها السفير الأمريكي الجديد في بغداد جون نغروبونتي الذي ينظر إليه على أنه سيكون امتدادا لعهد بريمر