عرفت ضاحية المرسى دائما بأنها منطقة الارستقراطية والمجتمع الراقي منذ عشرات السنين، وما القصور، والمنازل والمعالم، المتناثرة في كل ركن منها الا دليل قاطع على ثراء المنطقة الحضاري ومحافظة أبنائها، وروادها على خصائصها الرومانسية، والطبيعية ذات الروح الاندلسية، والتونسية الأصيلة. ومن الاقامات التي تعد مثالا حيا لهذا الغنى التاريخي والحضاري والمعماري إقامة دار كاميليا المقر العام لسفارة فرنسابتونس أين سيقام من 14 الى 26 جوان الجاري لاول مرة معرض لفن النحت المعاصر بمشاركة 10 مبدعين من فرنساوتونس. *مكان ملكي بدأت قصة الدار المعروفة بمنزل الملوك في أواخر القرن الثامن عشر، فقد بنيت في عهد حمودة باشا، واستقر بها حسين الثاني ثم اشتراها محمد باي في بداية عهده، وأهديت بعد ذلك الى مصطفى خزندار الذي باعها الى اسماعيل السني، وأصيبت الدار في فترة ما بداء الاهمال الذي يعتبر العدو اللدود لهذه النوعية من الاقامات الارستقراطية والملكية، وذلك قبل انتقالها عن طريق الكراء الى القنصل الفرنسي «ليون روش» لتصبح الاقامة الصيفية الدائمة لسفارة فرنسا ببلادنا. ورغم تواجد عدد لابأس به من القصور بالقرب منها فان دار كاميليا تمتاز عنها بحدائقها الغناء والجميلة بزهورها، وورودها، وياسمينها ذي الاصل التركي، كما تضم الدار ذات المعمار المتفرد، والعجيب عدة فضاءات وأركان منها فضاء للموسيقى، وعين ماء رقراقة، وأركان أخرى تحكي تفاصيل الحديقة الراقية لهذه الدار. *عروس وتبدو الدار وهي تتوسط مجموعة من الاقامات والقصور التاريخية كعروس حالمة ومزدانة بشتى ألوان الفرح والسعادة، اذ يوجد بجانبها ومن حولها قصر الكردينال «لافيجري»، وقصر عل باي، والطيب باي، اضافة الى منازل وإقامات ديبلوماسية، وتراثية ذات رونق خاص. وكانت الدار ولا تزال رمزا للأناقة والجمال سواء في المعمار أو طريقة الترتيب والتنسيق ين أجزائها، ويقول «جون أنتوارد» عن هذه الدار: «القاعة الكبرى أو ما يسمى بفضاء الحريم يوحي للزائر أو المتواجد بداخلها بجمال المكان حيث يتابع الشخص ظهور المساء، ويسمع في هدوء تام ضجيج الاطفال الذين يمرحون بعيدا عن الضوضاء». هكذا كانت الدار عندما كان يسكنها «بول غومبان» خاصة في أيام الشتاء وكان يستخدم يوميا قطار الضاحية الشمالية الصغيرة للذهاب الى العاصمة. *الموريسكية ويعود الجزء القديم من الاقامة الى القرن الثامن عشر بمخزنه، وباحته المكشوفة من فوق بينما يوجد الفضاء الخاص بالنساء والجواري في الجزء المقابل، ويصف «شارل لا لمون» ساحة القصر بالقول: «الساحة جذابة وهي من أجمل التحف المعمارية التي تعود الى العهد الموريسكي بتونس». كما يشير معمار الدار الى اللمسات الأندلسية الساحرة التي عرفتها تونس في فترات تاريخية مختلفة، وتعبر الى الآن عن الثراء الحضاري لهذه البلاد.