مكتب الساحل الشروق أون لاين محمد علي خليفة: "من تاريخ القضاء الاستثنائي بتونس: محكمة امن الدولة واليسار الجديد، بين ليّ الذراع وكسر العظام" هو عنوان الكتاب الجديد الذي أصدرته مؤخرا دار آفاق برسبكتيف للنشر بتونس للدكتور المؤرخ عبد الجليل بوقرة. الكتاب تم تقديمه ضمن فعاليات صالون سوسة الدولي للكتاب في لقاء أداره الأستاذ علي اللطيف، وتحدث فيه عن الاهتمام بتاريخ اليسار كمبحث اشتغل عليه بوقرة منذ ثمانينات القرن الماضي، معتبرا أنّ الكتاب "دليل منهجي وتمرين منهجي لمن يريد أن يدرس التاريخ الراهن، وهو تمرين جاء استجابة لحاجة اجتماعية لأنه يُعلّمنا كيف نتفاعل مع ما يُعرض علينا اليوم في ظروف تتسم بغموض الرؤية واختلاط الحابل بالنابل" في إشارة إلى ما يُثار اليوم من تفاعلات مع ما طُرح في جلسات الاستماع التي تنظمها هيئة الحقيقة والكرامة. وأكد اللطيف أنّ المطلوب اليوم ليس مصالحة الضحية مع الجلّاد بل تصالح الذاكرة مع التاريخ، وهذا ما حاول عبد الجليل بوقرة القيام به وقد نجح في ذلك". وفسّر بوقرة أسباب احتيار العنوان والتنصيص على عبارة "بين لي الذراع وكسر العظام" موضحا أن لي الذراع كان من جانب اليسار وكسر العظام كان من جانب السلطة، فاليساريون تعرضوا خلال سبع سنوات (من 1968 إلى 1975) إلى ثلاث محاكمات كبرى نالوا فيها أحكاما ثقيلة وقد كانوا شبانا في طور الجامعة، حتى أنّه تم إحداث "محكمة أمن الدولة" خصيصا لمحاكمة نشطاء اليسار، الذين رغم ضعف حيلتهم واجهوا المحكمة ووصلت المواجهة إلى القمة سنة 1975 عندما اتهم هؤلاء المتهمون المحكمة مباشرة بأنها أداة بيد السلطة التنفيذية وأنها غير مستقلة وأنّ الاحكام جاهزة، ومن ثمة نالوا أحكاما إضافية (بتهمة التطاول على المحكمة)، ومن هنا كان ليّ الذراع من جانب نشطاء اليسار وكسر العظام من جانب السلطة التي أصدرت أحكاما قاسية عليهم. وأوضح بوقرة أنه "حين نعود إلى هذه الأحداث ليس من باب محاسبة بورقيبة وإبراز عيوبه ولكن نسلّط الضوء على إخلالات التأسيس، وأساسا توظيف السلطة القضائية وإخضاعها للسلطة التنفيذية واستخدامها اداة لضرب الخصوم.