بدا قرص الشمس يوم امس اشبه بكثير الى وجه انثوي صبوح تزيّنه شامة او «بوسة خال» مثلما عبّرت بذلك احدى السيدات اللاتي واكبن الظاهرة الفلكية النادرة، نعني الكسوف الجزئي للشمس او مرور كوكب الزهرة امام الشمس، بفضاء مدينة العلوم. «الشروق» واكبت الظاهرة منذ انطلاقها وتحدثت الى احد المنشطين العلميين بالمدينة. كانت الساعة تشير الى الخامسة صباحا و13 دقيقة و33 ثانية حين بدأ كوكب الزهرة يعانق الشمس في مسار مائل لتجدد «حكاية الحب والعشق» بين الابن وامه.. حكاية تكررت يوم امس بعد 122 سنة من الحنين... وهو الحنين ايضا الذي جاء بجمع غفير من الناس الى فضاء مدينة العلوم لمواكبة الظاهرة النادرة. **كسوف عابر عدد لا بأس به من التلسكوبات الكبيرة والدقيقة والمتطوّرة توزعت بفضاء المدينة ووقف الى جانبها منشطون علميون يفسّرون للحاضرين الظاهرة ويجيبون عن تساؤلات الجميع. احد هؤلاء المنشط العلمي السيد هشام بن يحيى طلبنا منه ان يصف لنا الظاهرة فقال: «هو كسوف عابر جزئي مائل لأن مسار كوكب الزهرة مائل عن مسار الارض بثلاث درجات. وتتقابل الارض مع الشمس مع كوكب الزهرة في خط التقاء لمسارين وهو ما يفرز الكسوف، ولا تحجب الشمس عن الكرة الارضية لان الحجم الظاهري لكوكب الزهرة صغير جدا بالمقارنة مع الحجم الظاهري للشمس». **أهمية كبرى ويضيف السيد هشام قائلا ان كوكب الزهرة يمرّ في الاوقات العادية اما تحت او فوق الشمس مختفيا في نور الشمس الساطع لكن هذه المرة الوضعية مغايرة تماما للمعتاد اذ يمرّ كوكب الزهرة في طرف الشمس وعلى شكل قرص صغير اسود اللون. ... ويصل كوكب الزهرة الى نصف مسار عبوره امام الشمس عند الساعة الثامنة و19 دقيقة و43 ثانية صباحا، حينها بدأ فضاء مدينة العلوم يعج اكثر فأكثر بالراغبين في رصد «لوحة الشمس» الجميلة. هذه اللوحة سوف تسعد الخبراء لأنه سيكون بوسعهم اختبار وتحديد الادوات التي يستخدمونها لاكتشاف الكواكب التي تدور حول النجوم البعيدة. وقد كان لهذه الظاهرة اهمية كبرى في الماضي لأن العلماء كانوا يستخدمونها لتحديد المسافة بين الارض والشمس وبالتالي الحصول على مقياس سليم للنظام الشمسي. لكن عبور الزهرة في الوقت الحالي اصبح اكثر قيمة نظرا لأنه ظاهرة فريدة. وقد تواصلت عملية عبور الزهرة امام الشمس حتى الساعة الحادية عشرة و25 دقيقة و53 ثانية. يذكر ان العالم الالماني «يوهانس كيبلر» كان اول من تنبأ بعبور الزهرة عام 1627 لكنه توفي قبل ان يشاهد اي مرة حدثت فيها الظاهرة. وكان الفلكي البريطاني «جيرميا هوروكس» اول من رصدها عام 1639 .