يعتمد الرجل الشرقي سياسة المكيالين في تعامله مع الزوجة الشرقية والاجنبية. فهو مع الاولى غير مستعد للتنازل عن أي شيء يعتبره من مقومات رجولته. فتراه يعاملها على أساس خلفية ورثها عن الاجداد، لدرجة تجعله يفقد التلقائية مخافة فقدان هيبته. وفي المقابل نجد أن ذلك الرجل الشرقي نفسه يتحوّل الى زوج في غاية النعومة والحنان مع زوجته اذا كانت من بنات عيسى، فهو لا يتوانى في القيام بأي شيء في سبيل إرضائها وإسعادها. ويتحول الى زوج متعاون ومتفهم وعلى استعداد لمشاركتها كل أعباء الحياة داخل المنزل وخارجه. فلماذا هذه الازدواجية في شخصية الرجل العربي بشكل عام؟ وهل المرأة العربية هي السبب الذي يدفعه الى التصرف معها على تلك الشاكلة؟ أم أن في الامر محاباة لكل ما هو أجنبي قادم من الضفة الاخرى؟ «الشروق» طرحت هذا الموضوع للنقاش مع مجموعة من الازواج والزوجات، فجاءت الاجابات في شكل اتهامات متبادلة بين الطرفين، الرجل يتهم المرأة، والمرأة تتهم الرجل، ليبقى الجدال بلا حسم في النهاية. ** المرأة هي السبب بشيء من الحدة أجابنا السيد «لسعد» متزوج منذ ثماني سنوات بأن المرأة العربية والتونسية على وجه الخصوص هي السبب الذي يدفع الرجل الى التصرف معها بطريقة غير مرضية. ويواصل لسعد قائلا: «ان المرأة العربية لا تحسن التصرف مع زوجها، فهي إما تكون من النوع الحاد الذي يستفزّه ويتحداه، وتحاول أن تثبت له بأنها الاقوى خاصة اذا كانت على درجة من الثقافة والعلم. وهنا تتحوّل الحياة بينهما الى صراع متواصل. كما هناك من النساء ضعيفات الشخصية، اللواتي يعتقدن أن الطاعة العمياء والخنوع هما مفتاح السعادة الزوجية وهذا النوع من الزوجات حسب السيد «لسعد» يصيب الزوج بالملل ويحوّل حياته الى روتين قاتل. ويوافق «توفيق» على ما ذهب اليه مرافقه «لسعد»، ويضيف الى ما قاله نموذجا ثالثا من النساء العربيات ويمثل السواد الاعظم حسب اعتقاده. هذا النوع هو الزوجة الماكرة التي تستعمل الدهاء والخبث في التعامل مع زوجها في كل أمور حياتهما، وهو ما يدفع الزوج الى رد فعل سلبي في التعامل معها فتصبح تصرفاته معها خالية من الصدق والتلقائية. ويوضح توفيق أن هذا النوع من الزوجات يعاملن أزواجهن انطلاقا من نصائح الجدات والامهات، وهي نصائح كلها تطلب من الزوجة التصرف بحذر وأن لا تمنح ثقتها لزوجها وأن لا تأمن له جانبا مهما أبدى لها من ولاء. أما الزوجة الاجنبية فإنها غالبا ما تكون صادقة وتتصرف مع زوجها بتلقائية ودون عقد مما يجعلها أكثر وضوحا وصدقا في عيون الزوج مما يضفي على حياته الكثير من الاريحية فيجد نفسه هو الآخر مدفوعا للتعامل معها بنفس الصدق والتلقائية. ** حالة استنفار رغم أن عمر حياته الزوجية لم يتجاوز ثلاث سنوات فقد تحدث «هشام» بطريقة تنم عن خبرة في التعامل. فبعد ذكره لكل السلبيات السابقة يضيف اليها كون الزوجة العربية بشكل عام ترنو الى السيطرة على زوجها باستغلال نقاط ضعفه، وهو ما يجعله في حالة استنفار دائم تجاهها، فيشعر بالتردد قبل القيام بأي تصرف أو نطق أي كلمة مخافة أن تفهمها الزوجة على أنها علامة ضعف، وهو ما يفسر عزوف نسبة كبيرة من الازواج العرب عن قول الكلام الحلو لزوجاتهم أو مساعدتهن في بعض المهام. عندما طرحنا المسألة على معشر الزوجات فوجئنا بسيل الاتهامات الجارف للازواج العرب، بأنهم يستأسدون على بنات جلدتهم بينما يتحوّل الواحد منهم الى حمل وديع أمام زوجته الاجنبية. تقول «سهام» التي تحدثت من منطلق تجربة عايشتها عن قرب من خلال شقيقها. تقول «سهام» كان شقيقي متزوجا من امرأة أجنبية لمدة فاقت العشر سنوات قبل حصول الطلاق بسبب رفضها الاستقرار بتونس. وبعد سنتوات من الوحدة تعرف على شابة تونسية مثقفة وجميلة وحصل الزواج. وبعد السنوات الاولى للزواج بدأت المشاكل تدب بينهما بسبب معاملة أخي القاسية لها حتى أنه كان لا يتورع في الاعتداء عليها بالعنف اللفظي والبدني. فقد أصبح شقيقي يتصرف مثل «سي السيد» مع زوجته، يتحكم في ملابسها وحتى لون شعرها ويحسب عليها كل تحركاتها... ويطالبها بالعناية بكل شيء يتعلق به رغم أنها كانت تعمل خارج البيت». تقول «سهام» عندما كانت زوجة أخي تشتكي من تصرفاته أمامي، كنت أنا أراجع شريط بعض تصرفاته مع زوجته الاجنبية. فقد كان لا يتردد في غسل الصحون والقيام بتنظيف أركان البيت صباح كل أحد بينما تكون زوجته نائمة، بل انه كان يقوم بكي ملابسه وملابسها بنفسه، وعندما تقوم يغدق عليها بمسعول الكلام والقبلات على مرأى من الجميع، وبعدما أنجبت طفلتها تحوّل أخي الى حاضنة حقيقية حيث يقوم بكل المهام من التنظيف وتغيير الحفاظات وإعداد الرضاعة، وكان يقوم بكل ذلك الى جانب عمله عن طيب خاطر ولم يتأفّف يوما، لكنه انقلب الى «سيد السيد» مع زوجته التونسية. كلام «سهام» دعمته السيدة رشيدة التي أكدت ان الرجل الشرقي يتعمّد الخشونة مع زوجته العربية لكنه يتحول الى شخص غاية في التفهم اذا كان مع زوجة أجنبية... وهذا النوع من الانفصام الذي يعاني منه الرجل العربي بصفة عامة، وهو نتيجة للتربية وتراكم الافكار الخاطئة. ** سوء الفهم السيدة «هادية» أستاذة جامعية تقول ان المسألة سببها جهل كل طرف للآخر، لان الرجل ينظر الى زوجته العربية من خلال الموروث الذي كوّنه نتيجة نشأته وعلاقته بوالدته، وكذلك الشأن بالنسبة للزوجة التي لا تعرف بعض الجوانب الخصوصية في شخصية الرجل نتيجة قلة التجارب والموروث الاجتماعي» وهو ما يولّد سوء الفهم الذي قد يصل الى التصادم» فالرجل والمرأة بحاجة الى معرفة بعضهما أكثر حسب «هادية» التي تدعو كل واحد منهما الى التقرب من الآخر حتى يتم التعايش بسلام.