مع ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف يهجر الناس المدن باتجاه الشواطئ لينعموا بقليل من الهدوء والسكينة بعيدا عن ضوضاء السيارات وأصوات المنبهات المصمّة للآذان ويصبح البحر واحة الأمان ومرفأ الواحة والتمتع بالنسيم العليل. لكن هذا الهروب حتما لن يكون مجانيا خاصة إذا ما اختار الفرد الخروج من العاصمة وأحوازها والتنقل نحو المدن الساحلية للاصطياف والاستجمام لتصبح العملية ليست في متناول الجميع نظرا لارتفاع تكاليف التنقل والإقامة باعتبار ان أسعار الكراء تتضاعف خلال الصيف إلى حدّ الشطط. وهذه المصاريف المرتفعة كما أشرنا تحتاج إلى ضبط ميزانية مسبقة وادخار مبلغ محترم يمكن المصطاف من قضاء اجازة الصيف في أحسن الظروف لكن لنتساءل هل يخصص التونسي ميزانية خاصة للاصطياف؟ وهل يقبل أصلا على «الخلاعة» حاليا في ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة؟ تحرص السيدة حليمة الصخيري على الاصطياف سنويا وزيارة المناطق الساحلية لقضاء اجازة الصيف معتبرة لأن «الخلاعة» الصيفية مهمة جدا بالنسبة للانسان الذي يظل طيلة سنة كاملة مقيدا بالعمل أو الدراسة ولكي يخرج من هذه الرتابة يصبح الاصطياف الحلّ الأمثل للتخلص من تعب سنة كاملة. وعن الادخار وتخصيص ميزانية للاصطياف تقول السيدة حليمة الصخيري أنها لا تدخر ولا تعد برنامجا خاصا لذلك وانما يقع استغلال المال الذي كانت في العادة تنفقه على أبنائها خلال راستهم المتمثل في معلوم الدروس الخصوصية والتنقل إلى أماكن دراستهم في التنقل إلى بعض المدن الساحلية كطبرقة وبنزرت والحمامات. وتقر السيدة حليمة أن تكاليف الاصطياف تصل أحيانا إلى ألف دينار. **برمجة مسبقة يرى السيد محسن أن التونسي الذي يقطن بمناطق بعيدة عن البحر عادة ما يفكر في «الخلاعة» ويسعى إلى ادخار مبلغ مالي لذات الغرض. ويقول نحن سكان العاصمة لا نحتاج إلى مبلغ مالي كبير باعتبار اننا لا نحتاج إلى كراء منزل على شاطئ البحر لكن يبقى المبلغ الذي تنفقه العائلة ذهابا وإيابا إلى البحر هاما وعادة ما يتراوح بين 200 و250 دينارا. سمية طالبة جامعية تقول أنها تذهب كل صيف إلى ولايتي سوسة والمنستير رفقة عائلتها للاصطياف والترفيه عن النفس بعد سنة كاملة من التعب والسهر من أجل التحصيل العلمي والدراسي. **ميزانية خاصة لا يمكن مواجهة السعر المرتفع للكراء خلال الصيف إلا بالادخار وتخصيص ميزانية مستقلة لمن يرغب في الهروب من ضوضاء العاصمة والتمتع بجمال الشواطئ ولهذا السبب تسعى دائما ربات البيوت بصفة خاصة إلى ادخار مبلغ مالي لمواجهة مصاريف «الخلاعة» كما تؤكد ذلك السيدة فاطمة التي تدأب على الشروع في التفكير في العطلة الصيفية مباشرة بعد عيد الاضحى وتضيف زميلتها آمال انه لابدّ من تخصيص ميزانية لا بأس بها إذا ما أرادت العائلة بقاء شهر أو أكثر في احدى المدن الساحلية لأن سعر الكراء يرتفع في هذه المناطق خلال فصل الصيف كما أن المعيشة بصفة عامة تكون أسعارها مشطة عكس ما يوجد في المدن الداخلية. وتضيف السيدة آمال قائلة عموما يمكن القول أن التونسي قد تراجع عن عادة «الخلاعة» بعدما أثقلت الديون وغلاء المعيشة كاهله. أما السيد ابراهيم فإنه يرى أن ارتفاع أسعار الكراء لا تسمح للتونسي بالتفكير في الاصطياف و»الخلاعة» ويؤكد أن المصاريف ترتفع بشكل كبير خلال فصل الصيف وهذا الشيء سوف ينعكس سلبا على ميزانية التونسي ويجعله غير قادر على مواجهة مصاريف العودة المدرسية. * ن المالكي