حوار الحضارات والتبادل الثقافي والفكري، منظومات لغوية، وشعارات تعرف في العديد من بقاع العالم، وتستعمل من قبل بعض القوى الدولية لطمس ارادات الهيمنة والسيطرة على ثروات ومقدرات الشعوب. هذا واقع مكشوف ومعروف، لكنه لا يلغي بعض المحاولات الصادقة لتجسيم هذه المقاولات وهذه الشعارات على أرض الواقع، ولعل معرض النحت الفرنسي التونسي الذي يقام بحدائق اقامة سفير فرنسابتونس يندرج ضمن هذا التمشي الحضاري. **لأول مرة بداية من يوم 14 والى 26 جوان 2004، تفتح حدائق «دار الكاملة» اقامة سفير فرنسابتونس بضاحية المرسى، ولاول مرة أبوابها للعموم وتحتضن معرضا للنحت من الفن المعاصر، يجمع عشرة مبدعين من فرنساوتونس، المعرض تنظمه سفارة فرنسا، وأنجزه المعهد الفرنسي للتعاون، ويقام تحت اشراف الدكتور عبد الباقي الهرماسي وزير الثقافة والشباب والترفيه، وبمساهمة عدة جهات منها بلدية المرسى والجمعية الفرنسية للعمل الثقافي، ومقاطعة «بروفانس كوت دازور» وبدعم من عدة شركات تونسية وفرنسية. هذا المعرض يجمع ثلة من خيرة النحاتين في تونسوفرنسا، بل من بين هذه الاسماء من له شهرة عالمية، على غرار المبدع العالمي «برنار فوني» و»برنار باجيس» و»سارج بوتا» و»ميشال فولفاهرت». أما من تونس فان القائمة تضم علامات في الفن التشكيلي التونسي، مثل الفنان عبد العزيز القرجي والفنان خالد بن سليمان والفنان الطيب بالحاج أحمد، والفنان عبد الرزاق الساحلي والفنانة صديقة كسكاس، وامال بنيس... **متحف مفتوح واذا كانت الاسماء المشاركة على درجة كبيرة من الأهمية الفنية في المشهد التشكيلي التونسي والفرنسي والدولي، فان الأعمال لا تقل أهمية بنسب متفاوتة طبعا وحولت حدائق اقامة سفير فرنسابتونس الى متحف مفتوح للفن العالمي المعاصر، ينافس من خلال ما يتضمنه من اعمال فنية أكبر متاحف العالم... فأعمال مثل عمل «برنار فوني» (خطوط بلا نهاية) أو عمل برنار باجيس او (الارض الرحالة) للمبدع ميشال فولفاهرت، من الجانب الفرنسي او اعمال الفنان عبد العزيز القرجي والطيب بالحاج أحمد وصديقة كسكاس، تبحر بنا في عوالم جمالية تبهر واحيانا تصدم على اختلاف اساليبها والمادة المستعملة في تشكيلها. تنوع في الاشكال تنوع في المواد تنوع في الجمالية وتنوع في الأحاسيس لكنه تنوع يثري وفي طعم التنوع الحضاري، أفليس هذا هو الحوار الثقافي والحضاري في أبهى مظاهره؟! معرض النحت «بدار الكاملة» حدث متعدد الابعاد فهو حدث فني وثقافي لكنه ايضا حدث حضاري يؤسس لعلاقة تقوم على التبادل والتعاون والتضامن، تقطع مع العلاقات السائدة في عالم اليوم والتي تقوم على صراع الحضارات. فدعوة للجميع لزيارة المعرض والمعلم ايضا باعتباره القيمة الاثرية والحضارية لهذا القصر وحدائقه. (المعرض مفتوح من يوم الاثنين الى يوم السبت من منتصف النهار الى السادسة مساء).