خاص بأوتار تحيي مجلتنا مع كامل أطياف المشهد الثقافي التونسي والعربي الذكرى الأولى لوفاة واحد من كبار الرسامين والنحاتين التونسيين ومن كبار رواد الفن التشكيلي في تونس والعالم ألا وهو زبير التركي. فعندما تفارق الروح جسد الفنان تسكن أجساد الآخرين ووجدانهم و تظل حياة الفنانين الكبار حية بعد موتهم في قلوب الخاصة والعامة. الفنان المقاوم ولد زبير التركي في مدينة تونس العتيقة عام 1924 بمدينة تونس في عائلة تركية الأصل، درس بجامع الزيتونة، ثم بمعهد الدراسات العليا وبمدرسة الفنون الجميلة بتونس. عُيّن أستاذًا للغة العربية بالمدارس الفرنسية أثناء الاستعمار الفرنسي لتونس، غير أنه دعا للإضراب أثناء الأحداث العنيفة عام 1952 مما جعله يُطرد من عمله. سافر إثر ذلك زبير التركي إلى السويد، حيث التحق بأكاديمية الفنون الجميلة بستوكهولم، ليتم فيها دراسته، ثم عاد بعد الاستقلال إلى تونس. زبير التركي : المبدع اشتهر بانتمائه للمدرسة التشخيصية وسرعان ما أصبح الرائد التونسي لفن الرسم وأخذت لوحاته شهرة واسعة، كما كانت تظهر رسوماته في الكتب المدرسية والطوابع البريدية وغيرها. يمثل تمثال العلامة التونسي ومؤسس جذور علم الاجتماع - عبد الرحمان ابن خلدون - المنتصب في قلب العاصمة التونسية خير شاهد على براعة الفنان زبير التركي في فن النحت. امتاز زبير التركي بانتاجاته الغزيرة وابدعاته الفنية الرائعة وما تميزت به من أصالة وتنوع وخصائص تعبيرية بليغة وأقام التركي معارض كثيرة فردية وجماعية باستكهولم وباريس وروما.ويعد معرضه الشخصي الذي أقامه عام 1982 برواق القرجي بتونس من أهم معارضه إذ احتوى على 184 لوحة. ولهذا الفنان الذي يوصف بأنه من ابرز مبدعي البلاد في المجالات الثقافية تجربة طويلة في الرسم الكاريكاتيري للمجلات والصحف. كما كانت له انجازات كثيرة في الرسم الجداري رجل الثقافة المؤسس في 11 نوفمبر 2008 وسمه الرئيس زين العابدين بن علي, متحصلا بذلك على جائزة رئيس الجمهورية 7 نوفمبر للإبداع. وقد شغل زبير التركي لفترة طويلة منصب مسؤول كبير للفنون في وزارة الثقافة التونسية. وأسس الاتحاد الوطني للفنون التشكيلية بتونس، الذي ترأسه حتى مغادرته الطوعية، كما أسس الاتحاد المغاربي للفنون. وفي يوم الجمعة الثالث والعشرين من أكتوبر ألفين و تسعة أعلن في تونس عن وفاة الرسام التونسي زبير التركي أحد رواد الفن التشكيلي في البلاد لتتوقف مسيرة الإبداع لهذا الفنان بعد عقود من العمل الثقافي المؤسس لبعض جوانب المشهد الفني والثقافي التونسي والعالمي. وبذلك تكون تونس ودعت أحد أبنائها المبدعين ولكنها نحتت اسم زبير التركي في لوحة تاريخها المليئة بالعباقرة و المتألقين .