قالت مديرة عام صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد إنه لا يوجد ما يبرر الاستمرار في انتهاج سياسة دعم الطاقة في الدول العربية, في ظل تكلفته المرتفعة بمتوسط 4.5% من إجمالي الناتج المحلي في البلدان المصدرة للنفط و3% من إجمالي الناتج المحلي في البلدان المستوردة للنفط, رغم انخفاض أسعار النفط العالمية. وذكرت لاغارد - في كلمة خلال افتتاح المنتدى الثالث للمالية العامة في الدول العربية الذي عقد في دبي اليوم السبت أن هذا الدعم يفتقر إلى الشفافية, كما يتسم بدرجة عالية من عدم التكافؤ, حيث يعطي أفضلية للأثرياء الأكثر استهلاكا للطاقة. وأوضحت أنه في حال لم تكن سياسة المالية العامة على مسار مستدام, فسيصبح تصاعد المديونية عبئا على كاهل الشباب ولن يتاح حيز كاف لتمويل الإنفاق اللازم للنمو الاحتوائي. وأضافت لاغارد أن مستوى الإنفاق في الدول العربية يبلغ أعلى بكثير من المتوسط السائد في الاقتصادات الصاعدة, ويقترب من 55% من إجمالي الناتج المحلي في بعض بلدان المنطقة. وقالت إنها تتفهم كون الوظائف الحكومية "صمام أمان اجتماعي" كبير, لكن حين يكون القطاع العام هو الجهة التي تؤمن وظيفة من كل خمس وظائف, فبذلك يكون القطاع العام يتحمل تكاليف هائلة تؤثر على استدامة المالية العامة, والقدرة على إقامة قطاع خاص ديناميكي, وتحقيق الحوكمة الرشيدة. وفسرت مديرة عام صندوق النقد الدولي أن هذه التحديات لا تقتصر على الشرق الأوسط, فقد كان إصلاح فاتورة أجور القطاع العام الكبيرة أو المتنامية بسرعة ضرورة واجهت كثير من بلدان العالم, حيث كان التصميم الدقيق للإصلاحات أتاح لبلدان مثل إيرلندا تخفيض هذه الفاتورة بنسبة 4 نقاط مائوية من إجمالي الناتج المحلي. وأوضحت أن نمط الإنفاق الحالي لا يزال يفتقر إلى الكفاءة في مختلف القطاعات, بما في ذلك الصحة والتعليم والاستثمار العام, حيث أن الأجور المرتفعة لم تتمكن من تحسين جودة الخدمات العامة, كما أن مردود الاستثمار العام لا يرقى لمستوى التوقعات مثلما يشير العديد من "تقييمات إدارة الاستثمار العام".واختتمت لاغارد كلمتها أن كل ذلك يقود إلى نتائج اجتماعية دون المتوسط, فالعمر المتوقع في البلدان العربية أقل بنحو عشر سنوات من المتوسط السائد بين أعضاء "منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي" (دإأؤ), ولا يزال الالتحاق بالتعليم دون مستوى التغطية الشاملة, وعدد كبير من الفتيات ما زال يفرض عليهن البقاء في المنزل, كما أن أداء الطلاب في الاختبارات القياسية من بين أدنى مستويات الأداء في العالم, وبالإضافة إلى ذلك, فإن معدل الفقر مرتفع نسبيا وعدم المساواة لا يزال مصدرا للقلق.