كان من المنتظر أن يحل بيننا في تونس فريق من احدى شركات الانتاج السينمائي في أمريكا، لتصوير مشاهد عن شريط للمخرج المعروف سيدني بولاك ولكن إلى غاية كتابة هذه الأسطر لم يصل الفريق بعد. ويتردد في الكواليس ان الشركة الأمريكية منتجة الفيلم قد تكون عزفت عن المشروع مفضلة تصوير كامل مشاهد الفيلم في المغرب، حيث يجري التصوير الآن. وهذه ليست المرة الأولى التي يسعد فيها التقنيون والممثلون التونسيون بالخصوص بتوفر مصدر أجنبي للرزق ولكن سرعان ما تتبخر سعادتهم، ويعودون إلى التحسر على أيام زمان، أيام «حرب الكوكب» و»القراصنة» و»المسيح». **مشاهير مروا من تونس وغير بعيد تحمّس أهل القطاع من تقنيين وممثلين في العام الماضي لمجرد أن منتج شريط «الاسكندر الأكبر» قد يفضّل تونس على المغرب لتصوير مشاهد الفيلم وكانت المغرب وقتها تمسح دماء ضحايا الارهاب.. ولكن كما كلّ مرة تبخر حلم التونسيين. وفي الواقع كانت تونس محل اهتمام العديد من شركات الانتاج السينمائي «الأجنبية» وشهدت تصوير أضخم الأفلام.. ومر بها أشهر النجوم والمخرجين أمثال النجم الأمريكي باستين هوفمان، والمخرج فرانسيس فورد كوبولا والمخرج الايطالي فرانكو زيفريلي، والمخرج فرانكو روسي، والمخرج ستيفن سبيلبيرغ والمخرج بولنسكي وغيرهم. كما احتضنت الصحراء التونسية مشاهد أشهر الأفلام العالمية مثل «حرب الكواكب» لكوبولا و»المريض الانقليزي» الذي حصل على أكثر من أوسكار. ولعل السؤال الذي يطرح بعد سرد كل هذه الذكريات الجميلة، هو لماذا هرب المنتجون الأجانب والحال ان الجغرافيا الطبيعية لتونس لم تتغير؟! **خدمات وتسهيلات الواضح ان المغرب التي كانت في منافسة شديدة مع تونس نظرا لتشابه الجغرافيا الطبيعية بين البلدين افتكت كل المنتجين الأجانب تقريبا وخصوصا الكبار منهم.. وهذا عائد بدرجة كبيرة حسب أهل القطاع والعارفين بطبيعة الحال إلى التسهيلات الكبيرة التي توفرها المغرب لكل من يرغب في التصوير على أراضيها.. ويذكر مثلا ان السلطات في المغرب لا تفرض أي شروط على شركات الانتاج الأجنبية.. كما ان اليد العاملة في المغرب رخيصة ومتوفرة.. هذا إضافة إلى توفر كل المعطيات حول البلد، بفضل الاعلام والدعاية المخصصة لذلك مثل مواقع الانترنت التي تضم كل المعلومات حول المغرب بما في ذلك شركات الانتاج السينمائي، والأستوديوهات ومواقع التصوير التي تتطلبها السينما. **الأمل ويعترف أهل القطاع بعدم توفر هذه الخدمات في تونس، إلى جانب العراقيل على مستوى الإدارة، وخصوصا فيما يتعلق بالتراخيص.. ويأمل العاملون في القطاع، في ان تنتبه السلطات إلى هذه العراقيل.. كما يأملون في أن تكون عودة المنتج طارق بن عمار الذي كان وراء قدوم العديد من المنتجين الأجانب في السبعينات والثمانينات، طالع خير لاستعادة الموقع الذي كانت تتمتع به تونس في مجال تصوير الافلام الأجنبية، خصوصا وانه أنشأ ستوديوهات خاصة للتصوير، ومخابر للتحميض، إلى جانب العلاقات الكبيرة التي يتمتع بها في الأوساط السينمائية العالمية.