هو لاعب صاعد في صمت وبعيدا عن الأضواء و»الاشهار» التحق بالافريقي منذ سنوات فقط قادما من دار شعبان الفهري عرفت مسيرته بعض الصعوبات واضطرّ الى قضاء موسم «أبيض» قبل أن يلتحق بالافريقي وتفيد الأرقام أنه كان أحد أبرز اللاعبين في بطولة الموسم الحالي أو ربما الأفضل اذ سجل في اللقاءات الثلاثة في نهائي السوبر بلاي أوف 80 نقطة كاملة (29 في اللقاء الأول 24 في الثاني و27 في الثالث) ولذلك رأى الفنيون في كرة السلة أن السلة العجيبة التي سجلها في اللقاءالأخير لم تكن مجرد صدفة.. استضفناه في «الشروق» ليتحدث عن مسيرته وعن بطولة هذا الموسم. * يقال أن النجاح في السلة الأخيرة كان مجرد صدفة؟ الآن البطولة في باب الجديد وهم يقولون ما يشاؤون وهم أحرار.. أريد أن أقول أني بعد كل حصة تمارين أراهن هشام الزاهي على التصويب من المسافات البعيدة وتحديدا قبل منتصف الميدان وقد وجدنا متعة وتشويقا في هذا الرهان، ولذلك اقتربت من اسكندر النابلي عندما كان عاطف موة ينفذ الرمية الحرة وطلبت منه أن يسرع في توجيه الكرة اليّ وكنت مستعدا للتصويب. * وكم كانت نسبة النجاح قبل أن تصل الكرة الى السلة؟ التوفيق قبل كل شيء من اللّه ولكن صدّقني كانت نسبة النجاح 100 لأني كنت أشعر أني طائر مع الكرة أو على الأقل روحي معها تحميها وتداعبها وتطلب منها السقوط في السلة. * وبماذا شعرت بعد النجاح؟ شعرت بفرحة لا يمكن أن أصفها بالكلام.. تلك الكرة أنصفتني وأنصفت الافريقي حتى يفوز بالبطولة الأولى في تاريخه. * وهل كان الافريقي جديرا بالبطولة؟ بالتأكيد نحن واجهنا الشبيبة 9 مرات خلال هذا الموسم وفاز الافريقي في 6 لقاءات وانتصرت الشبيبة في 3 لقاءات فقط والأرقام وحدها تحدد الأجدر بالفوز بالبطولة. * ولكن يقال أن تلك السلة جاءت بعد نهاية اللقاء؟ احدى نقاط قوة الافريقي الهامة هي الإيمان بالحظوظ الى آخر لحظة في المقابلة في تلك اللحظة طلبت الكرة من الجهة اليمنى وهيثم السيد من الجهة اليسرى وهذا يعني أننا لم نيأس وعندما صوبت التفت إليّ الحكم ووجدت أنه رفع احدى يديه الى أعلى وهذا يعني أنه سيحتسب السلة إذا سجلت. * ولكن التصويب من بعيد ليس من نقاط قوة الافريقي؟ كل فريق له نقاط قوة خاصة والافريقي يركز كثيرا على اللعب الداخلي واللعب على أخطاء المنافس مع صلابة في الدفاع وهذه اختيارات المدرب وربما كذلك بالنظر الى نقاط قوة لاعبي الافريقي ولكن في تلك اللحظة ليس هناك خطط وتكتيك كانت أمامي ثانية واحدة وحاولت استغلالها بأسرع ما يمكن. * الافريقي كان بإمكانه أن يحسم البطولة منذ البداية فلماذا كانت في آخر لحظة؟ أنهينا المرحلة الأولى في المركز الأول الى جانب الاتحاد المنستيري ومرحلة البلاي أوف في المركز الأول بمفردنا وهذا يعني أننا الأجدر وفي اللقاء الأول في السوبر بلاي أوف كان بالامكان أن ننتصر ولكن الضغط الجماهيري هو الذي أربكنا.. كان هناك ضغط على كرة السلة لأن الجمهور كان يقول أن على كرة السلة انقاذ موسم الافريقي. ورغم الهزيمة الأولى في القرجاني كنا مقتنعين بالقدرة على الفوز في القيروان وهذه من عاداتنا وفي اللقاء الأخير لم يكن مسموحا لنا بالتفريط في اللقب. * لو نتحدث عن مسيرتك؟ بدأت ممارسة كرة السلة عندما كان عمري 10 سنوات في الاتحاد الرياضي للأنصار بدار شعبان الفهري وأذكر أن المدرب سليم عمار هو الذي رعاني وغرس بداخلي حب كرة السلة وحب النجاح والمبادئ الأولية للرياضي مثل التفاني في التمارين وعدم اليأس واحترام المنافس والاقدام على التضحية لأن رياضة كرة السلة صعبة جدا وأذكر عندما كنا أطفال كان يشجعنا على التصويب من بعيد بعد التمارين ويخصص لنا مكافأة كنا نراها كبيرة جدا وكانت تتمثل في «البانان» وفي نهاية الموسم كان ينظم لنا مسابقات فردية ويقدم لنا كؤوسا لأفضل مصوب من مسافات مختلفة. وأذكر أيضا أنه وقف الى جانبي عندما اضطررت الى قضاء موسم بدون نشاط. وكنت حولت في تلك السنة احدى غرف المنزل الى قاعة تقوية العضلات، وفي الحقيقة شقيقي قيس هو الذي شيّد هذه القاعة وكان المدرب سليم عبد الغفار يوجه لي الدعوة الى صفاقس في العطل (لأني كنت تلميذا) لأتدرب مع الحديد الصفاقسي وقد وقف الى جانبي عندما بدأ اليأس يتسرّب الى معنوياتي وأكد لي أني لاعب ممتاز وبإمكاني أن ألعب مع أفضل الفرق. * وكيف التحقت بالافريقي ؟ أنا أحبّ هذا النادي كثيرا وبعد أن تحول عاطف موة الى القيروان وهو أيضا من دار شعبان الفهري قررت أن أتحول الى الافريقي وأريد أن أشير أني أتابع لقاءات كرة القدم باستمرار لأن لقاءات كرة السلة يوم السبت وهذه ليست مسألة شخصية بل ربما كل لاعبي كرة السلة وخاصة كريم بن صالح الذي يجلس مع جماعة «الفيراج» وجمهور الافريقي هو الذي يعطينا الشحنة لأننا نشعر ما يشعر به». * ماذا تقول في النهاية؟ أشكر كل عائلة الافريقي وجمهوره الذي كان وراءنا وأريد أن أؤكد أن الشبيبة فريق ممتاز ويستحق الألقاب ويكفيه فخرا أنه فاز بالبطولات الثلاث السابقة وتلك هي الرياضة. * ماذا قال المدرب سليم عمار الذي كان وراء نجاحه؟ كنا في دار شعبان الفهري نركز في التمارين على تكوين نجوم للمستقبل وتكوين لاعب في كرة السلة أمر صعب جدا والمدرب الناجح والممتاز هو الذي ينجح في تغريم الأطفال بكرة السلة وكنت دائما أنظم دورات ومسابقات خاصة بالشبان وهذا أهم بكثير من التمارين والمدرب ليس مجرد أجير، وأذكر أنه منذ ثلاثة أشهر زار المدرب العالمي (مدرب منتخب فرنسا) تونس وقال ليس هناك مدرب كبير لا يدرب الشبان وفي تونس لنا فكرة أن من يدرب الشبان هو مدرب صغير والكبير هو من يدرب الأكابر ولن تستقيم كرة السلة التونسية بهذه العقلية، ونعيم ضيف اللّه دربته عندما كان طفلا وكنت أعرف أنه موهوب وأذكر أن ذات موسم في الجلسة العامة لاتحاد الأنصار طلبت انشاء قاعة مغطاة لأنه أصبحت لنا العديد من المواهب ولكن لم يقع ذلك وتحول عاطف موة الى القيروان ونعيم ضيف اللّه الى الافريقي، ونجاح هذا الأخير ليس ضربة حظ وكان أفضل لاعب دون منازع في السوبر بلاي أوف أي في الثلاث مقابلات.