في إطار حملة التوعية حول الزراعة المحافظة على الموارد التي جرت مؤخّرا, واكبت "الشروق أون لاين" عملية مسح بمنطقة الطبابة من جهة نفزة التابعة لولاية باجة, شملت المزارعة هدى البوغديري. ويدعم تنفيذ هذا المشروع برنامج دعم السياسات العامة لإدارة الموارد المائية للتنمية الريفية والزراعية المموّل من الإتحاد الأوروبي ضمن الية "تثمين نتائج البحث في مجال المياه. وتندرج عملية المسح التي واكبتها "الشروق أونلاين" في إطار المشروع التجريبي الذي تديره شركة منصف بنحمودة الزراعية تحت إشراف مؤسسة البحوث الزراعية والتعليم العالي الفلاحي والمدرسة العليا للفلاحة بالكاف بشراكة مع المعهد الوطني للزراعات الكبرى ببوسالم. والفلاحة الحافظة هي بديل للفلاحة التقليدية, وتعتمد البذر المباشر دون حرث الأرض. ويهدف المشروع إلى تطبيق منهج جديد لنقل نتائج الأبحاث في المجال, و تدريب وكلاء التنمية, بالإضافة إلى إشراف المزارعين على التقنيات الجديدة التي تمّ تحديدها, والتي من شأنها أن تسهم في تحسين إدارة الموارد المائية المتاحة. وتم اختيار وتأطير المزارعين المعنيّين بهذا المشروع على أساس المسح العلمي, مع الأخذ بعين الإعتبار البارامترات الرئيسية المحددة مسبقا. وفي هذا الإطار, أفاد منصف بنحمودة, الأستاذ الجامعي بالمدرسة العليا للفلاحة بالكاف والمدير المشرف على مشروع الفلاحة الحافظة في المطري (المشروع يخصّ تكنولوجيا الفلاحة الحافظة في ولايتي باجةوالكاف), بأن بلدان العالم تشتغل منذ سنة 1972 على إكتساب وتفعيل تقنيات التعامل مع التغيّرات المناخية. وأوضح بنحمودة أن الفلاحة الحافظة ترتكز بالأساس على عدم حرث الأرض والمحافظة على غطاء نباتي مستمرّ يكون جافّا أو أخضر. ولفت إلى أن الفلاحة الحافظة تعني ببساطة الفلاحة السانحة, أي إنتاج محاصيل مستمرّة طيلة فصول السنة ضمن الية التداول الزراعي. وعن المعوقات التي تعرقل انتشار الفلاحة الحافظة في بلادنا, قال بنحمودة إن الإشكال يكمن في عدم وجود إستراتيجية وطنية في هذا الخصوص, بالإضافة إلى ضعف التكوين العلمي والأكاديمي في تقنيات التعامل مع المناخ. هدى البوغديري, مزارعة بجهة الطبابة من منطقة نفزة التابعة لولاية باجة, انتفعت بمشروع الفلاحة الحافظة في جهتها, أفادت لنا بأنها سعيدة بهذه التجربة. وأكدت هدى أنها ستواصل تجربتها في الفلاحة الحافظة, لاسيّما وأن هذه التجربة حقّقت منافع لأرضها, من ذلك وفرة الإنتاج والمحافظة على جودة التربة والغطاء النباتي. في المقابل, أشارت هدى إلى وجود بعض الإشكاليات التي تعترضها في الغرض, من بينها غياب التأطير من مصالح الإرشاد الفلاحي بالجهة. يشار إلى أن المشروع في مراحله النهائية حاليا, حيث من المنتظر أن ينتهي مع موفّى شهر جوان 2018, ويشمل في الواقع أربعة مزارعين ينتشرون في باجة و 4 آخرين في الكاف. وتتّبع الفلاحة المحافظة على الموارد ثلاث تقنيات رئيسية تتمثّل في عدم الحرث, أو الحد الأدنى منه, وغطاء التربة الدائم, ومزيج من الأنواع التي تنمو على مرّ الزمن (دوران) أو في الفضاء (الجمعيات) أعمال التربة (الحرث, إزالة الأعشاب الضارة, التلال) غائبة أو استثنائية ( قد يتكون الغطاء النباتي من بقايا الحصاد السابق أو النباتات التي جلبت وانتشرت على الأرض). غالباً ما يشار إلى الفلاحة المحافظة على الموارد على أنها حالة "مكسب للجانبين" لأن لديها العديد من الفوائد للمزرعة والمجتمع المحلي والكون ككلّ. وتساهم الفلاحة الحافظة بشكل فعّال في استدامة نظم الإنتاج, ليس فقط عن طريق الحفاظ عليها, ولكن أيضا من خلال المساهمة في تنمية الموارد الطبيعية وزيادة التنوع في الحيوانات والنباتات في التربة, دون التأثير على مستويات الإنتاج أو الإنتاج. فلاحة المحافظة على الموارد تسمح بتثبيت الكربون في المواد العضوية المتراكمة في التربة من مخلفات المحاصيل ومحاصيل التغطية. كذلك يمكن للمزارعين الذين يستخدمون أنظمة عدم الحراثة تحقيق وفورات بنسبة 30-40٪ من حيث وقت العمل والعمالة والطاقة الأحفورية (في حالة النظم الميكانيكية). تعمل الفلاحة المحافظة على الموارد على تسهيل تسرّب المياه, ممّا يقلّل بشكل كبير من الجريان السطحي والتآكل, كما أنها تحمي الأرض من الإنجراف و الإنجراد. بالنسبة للمنتج, فإن الفلاحة المحافظة على الموارد مهمّة للغاية, خاصة أنها تخفض تكاليف الإنتاج ووقت العمل, مما يسهّل إدارة قمم العمل التي لوحظت أثناء عمليات إعداد الحقول وصيانة المحاصيل. في النظم الميكانيكية, بشكل أكثر تحديدا, يتم تخفيض تكلفة الإستثمار وصيانة المعدّات على المدى الطويل. في بعض الأحيان ، تكون السنوات الأولى من تنفيذ ممارسات الزراعة المحافظة على الموارد صعبة نوعا ما, إلى جانب ضرورة توفّر فترة من التعلّم والمهارات الجديدة في عملية صنع القرار على وجه الخصوص. ومع ذلك, تظهر التجارب من مختلف أنحاء العالم, خاصة في الولاياتالمتحدةالأمريكية والبرازيل, أن الزراعة المحافظة على الموارد لا تخلق قيودا إضافية على المنتجين, ولكنها في المقابل تطرح مشاكل تقليدية مختلفة يمكن حلها. جدير بالذكر أن نظام الفلاحة الحافظة تطوّر تطوّرا لافتا في العالم, لكن في تونس لا يزال هذا المشروع النموذجي الرائد في خطواته الأولى في انتظار تبنّيه ودعمه من طرف الدولة.