ليس هناك وسيلة محددة ذات خطوات وأساليب منضبطة في كيفية محاسبة النفس، وذلك لأن النفوس البشرية متباينة الطبائع والسجايا، لكن هناك أطرا عامة وخطوطا عريضة يمكن الاشارة إليها والاستفادة منها في هذا الموضوع. والأمر الذي يجب أن يفقهه كل مسلم ومسلمة أنه لابد من الجدية في المحاسبة والحرص الشديد على أخذ النتائج والقرارات التي يتوصل إليها بعد ذلك بمأخذ العزيمة والجدّ. قال الغزالي: (اعلم ان العبد كما ينبغي أن يكون له وقت في أوّل النهار يشارط فيه نفسه على سبيل التوصية بالحق، فينبغي أن يكون له في آخر النهار ساعة يطالب فيها النفس ويحاسبها على جميع حركاتها وسكناتها، كما يفعل التجار في الدنيا مع الشركاء في آخر كلّ سنة أو شهر أو يوم حرصا منهم على الدنيا، وخوفا من أن يفوتهم منها ما لو فاتهم لكانت الخيرة لهم في فواته.. فكيف لا يحاسب العاقل نفسه فيما يتعلق به خطر الشقاوة والسعادة أبد الآباد؟! ما هذه المساهلة إلا عن الغفلة والخذلان وقلة التوفيق نعوذ باللّه من ذلك)، ثم بيّن رحمه اللّه أن المحاسبة تكون على نوعين: النوع الأول: محاسبة قبل العمل، وهي: أن يقف عند أوّل همّه وإرادته، ولا يبادر بالعمل حتى يتبين له رجحانه على تركه. النوع الثاني: المحاسبة بعد العمل وهي على أقسام ثلاثة: محاسبتها على التقصير في الطاعات في حق اللّه تعالى وذلك يكون بأن يديم سؤاله نفسه: هل أديت هذه الفريضة على الوجه الأكمل مخلصا فيها للّه ووفق ما جاء عن رسول اللّه ص ؟ فإن كان مقصرا وأينا يسلم من ذلك؟ فليسدّ الخلل بالنوافل فإنها ترقع النقص في الفريضة وتربي لدى العبد جانب العبادة، وبالمجاهدة وكثرة اللوم يخف التقصير في الطاعات إلى درجة كبيرة.