كشفت مجلة نيويوركر الامريكية امس النقاب عن وجود مئات من الإسرائيليين من بينهم عاملون في جهاز المخابرات الإسرائيلية «الموساد» يعملون في كردستان العراق التي تخضع لسيطرة الحزبين الكرديين الرئيسيين: الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برازاني والاتحاد الوطني لكردستان العراق بزعامة جلال طالباني. ويقول التقرير الذي كتبه الصحفي الأمريكي البارز سيمور هيرش ان رجال الموساد في شمال العراق، الذين يقدمون أنفسهم بوصفهم رجال أعمال يعملون من أجل جمع المعلومات عن برنامج إيران النووي حيث يقومون بعمليات تسلل لمحيط المنشآت النووية الإيرانية، ومتابعة الأحداث في سوريا، حيث يحاولون مساعدة أكراد سوريا، كما يقومون بتدريب فرق كوماندوز كردية. وقال هيرش إن عملاء الموساد دخلوا إلى الأراضي الإيرانية من شمال العراق في محاولة لوضع لواقط وأجهزة حساسة قرب ما تشتبه إسرائيل بأنه منشآت نووية إيرانية. ويشير التقرير إلى علاقات إسرائيل السابقة مع الأكراد والتي جرى تجديدها حاليا عقب الاحتلال الأمريكي للعراق. ويقول هيرش إن هناك علاقات اقتصادية بين الأكراد العراقيين وإسرائيل مشيرا إلى وجود الكثير من الأكراد العراقيين الذين هاجروا إلى إسرائيل. ويقول التقرير ان إسرائيل ليست واثقة من الخطة الأمريكية لنشر الاستقرار والديمقراطية في العراق، لذلك فإن على إسرائيل إيجاد خيارات أخرى بإقامة علاقات مستقلة في المنطقة. وقال هيرش في مقابلة مع شبكة التلفزيون الأمريكية «سي إن إن» يوم الأحد ان الإسرائيليين في شمال العراق «يريدون خلق المشاكل للسوريين» ويقول هيرش في تقريره بأنه في شهر جويلية 2003 أي بعد شهرين من إعلان الرئيس الأمريكي جورج بوش الانتصار في العراق، فإن الحرب والتي هي أبعد ما يكون عن الانتهاء وصلت الى مرحلة حرجة. وقد بدأت إسرائيل التي كانت من أشد المتحمسين للحرب على العراق، بتحذير حكومة بوش بأن احتلالها سيواجه مقاومة متصاعدة -حملة من التفجيرات والاغتيالات- في وقت لاحق من ذلك الصيف. وكانت الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية في العراق ترسل تقارير عن أن رجال المقاومة يتمتعون بتأييد أشخاص في المخابرات الإيرانية ومقاتلين أجانب آخرين كانوا يعبرون الحدود غير المحمية بين إيران والعراق على هواهم. وحثت إسرائيل الولاياتالمتحدة على إغلاق الحدود التي يبلغ طولها 900 ميل بأي ثمن. ويقول باتريك كلاوسن، نائب مدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني، وهو المؤسسة الفكرية للوبي اليهودي الإسرائيلي بواشنطن، «لم تكن الحكومة الأمريكية تتجاهل المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية عن إيران، اذ لا يوجد شك بأننا لم نتخذ أي خطوات في الصيف الماضي لإغلاق الحدود ولكن موقفنا كان يقوم على أساس أنه من المفيد أكثر بالنسبة للعراقيين أن يكون لهم اتصالات مع الإيرانيين العاديين القادمين عبر الحدود، وأن الآلاف منهم يأتون كل يوم، على سبيل المثال لزيارة العتبات المقدسة» واضاف «إن المشاكل التي جابهناها كانت تتعلق فيما إذا كانت الاتصالات مفيدة، وهل سنعزل العراقيين؟ وكان ردنا على ذلك هو أنه طالما أن الإيرانيين لا يحملون الأسلحة ويطلقون النار علينا، فإن هذه الاتصالات مجدية.» ويقول كلاوسن «إن الإسرائيليين اختلفوا بقوة معنا بهذا الشأن في الصيف الماضي، وكان قلقهم مباشرا وهو أن الإيرانيين سيوجدون منظمات اجتماعية وخيرية في العراق وتستخدم لتجنيد أشخاص ينخرطون في هجمات مسلحة ضد الأمريكيين.» وذكر هيرش أن الإسرائيليين كانوا متفائلين في الشهور الستة الأولى من الاحتلال الأمريكي للعراق، حيث بدأوا بالتخلي عن ذلك التفاؤل في الصيف الماضي. إذ يرى هيرش أن اشتداد أعمال المقاومة المتزايدة أثبت ذلك. فمع بداية شهر اوت انفجرت المقاومة ضد الاحتلال الأمريكي بتفجيرات في بغداد، في السفارة الأردنية ومكاتب الأممالمتحدة والتي أدت إلى مقتل 42 شخصا. ونقل التقرير عن مسؤول سابق في المخابرات الإسرائيلية قوله «إن القيادة الإسرائيلية كانت توصلت إلى استنتاج آنذاك بأن الولاياتالمتحدة غير راغبة في مجابهة مع إيران وذلك من أجل إنقاذ الوضع في العراق. فالولاياتالمتحدة لا يمكن هزيمتها عسكريا، بل سياسيا.» مؤكدا أن الأمر قد انتهى سياسيا وأنه لا بد من الانتقال إلى الخطة «ب». ونقل هيرش عن رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود باراك قوله إلى نائب الرئيس الأمريكي ريتشارد تشيني «إن المسالة الوحيدة الآن هي مقدار الإهانة التي ستجمعها.»