بدأ في مطلع هذا الأسبوع، تقديم مشاريع التخرج لطلبة المعهد العالي للفن المسرحي، وهي أعمال مسرحية أكاديمية لامتحان الطلبة للحصول على الأستاذية في المسرح وكشف المواهب والطاقات التي ستؤثث البيت المسرحي في المستقبل. وبلغ عدد المشاريع المعدة في هذه الدورة (دورة جوان 2004) 12 مشروعا تم توزيعها علىامتداد الفترة الفاصلة بين 21 جوان و02 جويلية المقبل.. واختار أصحاب المشاريع مقر المعهد في العمران وتحديدا قاعة العقربي لتقديم أعمالهم باستثناء عمل واحد سيقدم في دار الثقافة والشباب بمقرين يوم 29 جوان. مفاجأة وكانت المفاجأة الأولى بين المشاريع المبرمجة في الأسبوع الأول مشروع بعنوان «أربعة على أربعة» أعدته الطالبات هاجر حمودة وحياة عثمان وسعيدة ساسي تحت اشراف الأستاذة ان ماري سلامي. ولأن المشروع هو عمل أكاديمي مخبري توفرت تقريبا كل عناصر العرض المسرحي من سينوغرافيا واخراج وإضاءة وموسيقى وأزياء.. إضافة بطبيعة الحال إلى الأداء أو اللعب. وتم توظيف كل هذه العناصر في تجسيد النص في أربع شخصيات نسائية تسرد كل منها واقعها المأساوي انطلاقا من ماضي أليم، مليء بالتناقضات. واحدة متزوجة من رجل ماجن وأخرى فقدت زوجها وأما الثالثة فعزباء تحلم بالزواج السعيد، والرابعة في غيبوبة. أربع شخصيات تجمع بينها نقطة لقاء واحدة كما في السينوغرافيا المتقاطعة وهي الشعور بالحزن والاحباط. شخصيات تبدو في الظاهر سعيدة، ولكنها في الباطن حزينة، وخنوعة يعكس شعورها تغير الاضاءة في المواقف المأساوية وتبدل الاداء من المرح إلى الانقباض. وعموما يجمع العمل عددا من الشخصيات والأحداث والمواقف في خطاب واحد يفضح واقع المرأة الذي يبدو مشرقا ولكنه في الواقع مظلم نتيجة تعسر الافلات من الماضي، وتناقض الأفكار بين النظري والممارسة. أفضل من الأعمال المحترفة والمشروع كما يبدو محاولة لتأسيس عمل متكامل، وهو بصراحة أفضل بكثير من الأعمال المحترفة الدارجة هذه الأيام، وخصوصا على مستوى الحفاظ على قواعد المسرح ومحاولة التأسيس لمشروع مسرحي وثقافي واضح. وعلى عكس ما يروّج عن طلبة المعهد العالي للفن المسرحي فإنهم بهذه المحاولة، أثبتوا أنهم قادرين على تقديم البديل والتأسيس لمسرح يحظى على الأقل بالاحترام والتقدير.. وندعو بالمناسبة كل المسرحيين والمخرجين في التلفزة والسينما للاطلاع على هذه المشاريع التي مازال عرضها متواصلا إلى غاية 02 جويلية.. ففي هذه المشاريع هناك طاقات ومواهب كثيرة ندعو إلى اكتشافها واستغلالها في الأعمال المحترفة. كما ندعو إدارة المعهد إلى اخراج هذه المشاريع من فضاء المعهد الضيق إلى الفضاءات الأخرى، والدعاية لها حتى يقبل عليها الجمهور، ويدرك أن هناك محاولات جادة في التأسيس لمسرح جدي وحقيقي أبطاله من الطلبة.