عائدات تونس من تصدير التمور ترتفع بنسبة 19،1%    سلطنة عمان: ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيء إلى 21 حالة    رابطة أبطال أوروبا...الريال «ملك» وأنشيلوتي يهزم غوارديولا بالضربة القاضية    يعرف ما له من حقوق وما عليه من واجبات...لماذا غاب المسلم القدوة عن مجتمعنا!    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    دعوة إلى مراجعة اليات التمويل    في كمين لقوات الجيش و الحرس ...القبض على أمير كتيبة أجناد الخلافة الإرهابي    القصرين: الداخلية تنشر تفاصيل الايقاع بعنصر ارهابي في عمق جبل "السيف"    بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين    ولاية بنزرت تحيي الذكرى 68 لقوات الامن الداخلي وتكريم الشهيد فوزي الهويملي    أخبار النادي الصفاقسي .. غضب بسبب عقوبات الرابطة وتجاهل مطالب الأحباء    رياح قوية    لأول مرّة في تونس وفي القارة الإفريقية ...شاحنة سينمائية متنقلة تتسع ل 100 مقعد تجوب ولايات الجمهورية    تم جلبها من الموقع الأثري بسبيطلة: عرض قطع أثرية لأول مرّة في متحف الجهة    احداث لجنة قيادة مشتركة تونسية إيطالية للتعليم العالي والبحث العلمي    فيما آجال الاحتفاظ انتهت .. دائرة الإتهام تؤجل النظر في ملف التآمر على أمن الدولة    خلال الثلاثي الأول من 2024 .. ارتفاع عدد المشاريع الاستثمارية المصرّح بها    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    معرض تونس الدولي للكتاب: شركة نقل تونس توفّر حافلة لنقل الزوار    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    أنس جابر خارج دورة شتوتغارت للتنس    نقابة الصحفيين التونسيين تُدين الحكم بالسجن في حق بُوغلاب    سيدي بوزيد.. تتويج اعدادية المزونة في الملتقى الجهوي للمسرح    توزر.. افتتاح الاحتفال الجهوي لشهر التراث بدار الثقافة حامة الجريد    سوسة: الاستعداد لتنظيم الدورة 61 لمهرجان استعراض أوسو    عاجل/ محاولة تلميذ طعن أستاذه داخل القسم: وزارة الطفولة تتدخّل    الرصد الجوّي يُحذّر من رياح قويّة    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    عاجل : هجوم بسكين على تلميذتين في فرنسا    كأس تونس لكرة القدم: تعيينات حكام مقابلات الدور السادس عشر    بعد حلقة "الوحش بروماكس": مختار التليلي يواجه القضاء    حملات توعوية بالمؤسسات التربوية حول الاقتصاد في الماء    جلسة عمل مع وفد من البنك الإفريقي    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    انخفاض متوسط في هطول الأمطار في تونس بنسبة 20 بالمئة في هذه الفترة    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    عاجل/ فاجعة جديدة تهز هذه المنطقة: يحيل زوجته على الانعاش ثم ينتحر..    عاجل : نفاد تذاكر مباراة الترجي وماميلودي صانداونز    عاجل/ تلميذ يطعن أستاذه من خلف أثناء الدرس..    ضربة إسرائيل الانتقامية لايران لن تتم قبل هذا الموعد..    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    زلزال بقوة 6,6 درجات بضرب غربي اليابان    عاجل/ هذه الدولة تحذر من "تسونامي"..    تركيبة المجلس الوطني للجهات والأقاليم ومهامه وأهم مراحل تركيزه    اجتماعات ربيع 2024: الوفد التونسي يلتقي بمجموعة من مسؤولي المؤسسات المالية الدولية    الحماية المدنية: 9 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    سيدي بوزيد: حجز مواد غذائية من اجل الاحتكار والمضاربة بمعتمدية الرقاب    الحماية المدنية تنتشل جثة الشاب الذي انهار عليه الرّدم في بئر بالهوارية..    ريال مدريد يفوز على مانشستر سيتي ويتأهل الى نصف نهائي رابطة أبطال أوروبا    مصر: رياح الخماسين تجتاح البلاد محملة بالذباب الصحراوي..    اليمن: سيول وفيضانات وانهيارات أرضية    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    الكاف: تلقيح اكثر من 80 بالمائة من الأبقار و25 بالمائة من المجترات ضد الأمراض المعدية (دائرة الإنتاج الحيواني)    وزير الصحة يعاين ظروف سير العمل بالمستشفى الجهوي بباجة    جراحة فريدة في الأردن.. فتحوا رأسه وهو يهاتف عائلته    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسرح في سوسة... إلى أين؟
نشر في الشروق يوم 05 - 11 - 2009

لم يكن ظهور الفن المسرحي بسوسة وليد الصدفة بقدر ما كان إفرازا طبيعيا حتمته حاجة اجتماعية لا كشكل من أشكال التعبير الثقافي فحسب بل انعكاسا لوضع اجتماعي ككل بمختلف مؤثراته فتجلّى هذا الفن في شكل مبادرات من طرف شخصيات آمنت بالثقافة كضرورة اجتماعية فاعلة ومتفاعلة بنيّة إرساء ثقافة الفن وترسيخ فن الثقافة ومن بين المبادرات الأولى في هذا الشأن تلك التي قادها المرحومان محمد الزرقاطي وعبد الحفيظ بوراوي.
وقد أفضت جملة المبادرات والمجهودات في المشهد الثقافي بسوسة وفي القطاع المسرحي بالأخص الى إرساء قواعد الابداع الجماعي من خلال تكوين عدة جمعيات وفرق مسرحية صنعت مجد الفن الرابع بسوسة نذكر منها: الاتحاد المسرحي بسوسة. فرقة ابراهيم الأكودي بأكودة جمعية الاشراق المسرحي بالقلعة الكبرى جمعية الشباب المسرحي بحمام سوسة وغيرهم ثم كانت هدية سيادة الرئيس زين العابدين بن علي المتمثلة في إنشاء مركز للفنون الدرامية والركحية قريبا.
المنعرج...
كان لتأسيس الفرقة القارة بسوسة سنة1967 تأثيرا هاما على المشهد المسرحي بولاية سوسة ككل من طرف الذين تداولوا على إدارتها وهم: محمد الزرقاطي 1967، محمد الصالح السماتي 1969نور الدين القصباوي 1970 علما وأن الفرقة توقفت وعادت مع العزيز بن يوسف 1976، عبد الغني بن طارة 1978، العجمي حويج 1981، ثم رضا دريرة 1991، بعدها حلّت الفرقة 1994، وتفرق الممثلون الذين احتضنتهم واستقطبتهم ونذكر على سبيل المثال: حامد زغدان، الصادق الطرابلسي، المولدي الزرماطي، أحمد دودش، محمد القبّودي، أمال البكوش، مراد كرّوت، كمال العلاّوي، الطاهر القروي، محمد الجدي، مليكة الحبلاني، الحبيب بن ذياب، علي ساسي وغيرهم كثر.
منعرج آخرولكن...!
شهد المسرح بعد حل الفرق الجهوية وككل الولايات منعرجا آخر بترسيخ البعد الأكاديمي وإرساء آليات أخرى سواء عبر أنشطة مراكز الفنون الدرامية أوعبر تدعيم البنية التحتية لهذا الفن ودعمه أيضا ماليا وتشريعيا، وانعكس هذا التحول الايجابي على مدينة سوسة التي تطور فيها عدد الجمعيات المسرحية الى 13 وبلغ عدد الشركات المسرحية 9 إضافة الى نوادي المسرح المنتشرة في تسع دور ثقافة جهّزت كل واحدة بركح ووحدات ضوئية وأجهزة صوتية كما تدعّم الفن الرابع بسوسة من خلال تنظيم عدة تظاهرات مسرحية بمبادرة من مسرحيي الجهة وصلت بحلول 2009 الى ثماني تظاهرات موزعة على 4 مناطق بأكودة وبحمام سوسة، تظاهرة بمساكن وثلاث بمدينة سوسة.
ورغم هذه النقلة النوعية لهذا الفن في مختلف مكوّناته إلا أن الآراء أجمعت على تراجع الفن الرابع في سوسة.
بين الحنين والطموح
حول هذه المفارقة اتصلت «الشروق» ببعض الوجوه المسرحية الفاعلة بالجهة بمختلف مسؤولياتهم: إداريين، رؤساء جمعيات أصحاب شركات مسرحية ممثلين محترفين وهواة مخضرمين وشبان، قدماء، وفيما أقبل العديد منهم على ابداء آرائهم بشفافية خيّر آخرون التعبير باحتراز فيما حرص شق آخر على عدم إبداء الرأي والامتناع عن التصريح وعدم مدّنا ببعض الأرقام والمعطيات.
عموما هذه تفاصيل مختلف الاراء حول وضعية المسرح بسوسة وهي مواقف تلزم أصحابها:
البداية كانت بالسيد لطفي بن صالح رئيس مصلحة بالمندوبية الجهوية للثقافة والمحافظة على التراث بسوسة والمؤلف والمخرج المسرحي والفنان التشكيلي والذي أشار الى الفترة الزاهية التي عاشتها بسوسة أيام الفرقة القارة للمسرح والاتحاد المسرحي اضافة الى جمعيات أخرى تكوّنت في تلك الفترة معتبرا في أن لكل حقبة خصوصياتها وظروفها فالأعمال المسرحية السابقة كانت تنبني بالأساس على النص فيما أصبحت للصورة في وقتنا الحاضر القيمة الأساسية في العمل المسرحي من خلال الاجتهاد والابداع في مجال السينوغرافيا.
تصريحه تضمّن أيضا استياء من مستوى الأعمال المقدمة من طرف عدة جمعيات وشركات مسرحية في سوسة رغم الامكانيات المتوفرة مرجعا ذلك الى الغاية التجارية الصرفة التي تحكم العديد من هذه الجمعيات والشركات والتي منها من لا يعمل ومنها ما يفتقد الى الجودة والمواصفات الفنية التي تمسّ المتفرج وكحلول بديلة نقترح أن يقتدي المسرحيون بالتجربة الأوروبية التي تكرّس تشريك الجمهور في انتاجاتهم من خلال الطريقة المخبرية حيث يبنى العمل على مراحل يواكبها الجمهور ودعا الى ضرورة إيلاء جانب التكوين والمتابعة والتقييم الاهتمام اللازم والتنسيق بين مختلف التظاهرات المسرحية المبرمجة بالجهة ضمن أهداف ورؤية تندرج ضمن ثقافة المشروع والابتعاد عن الارتجال والعشوائية في تنظيم هذه التظاهرات على حدّ تعبيره.
الشاذلي الورغي من قدماء المسرح بسوسة حيث انطلقت رحلته المسرحية سنة 1966 تكوّن في فرقة الكاف وفي فرنسا ثم حطّ الرحال بسوسة، اعتبر أن المسرح تراجع في سوسة بسبب حلّ الفرقة القارة للمسرح والتي كانت تضمن للممثل وللمسرحية المنتجة الظروف المادية المناسبة كما أرجع أسباب تراجع و«انحراف المسرح» على حدّ تعبيره الى القطاع السياحي بسوسة والذي برأيه شتّت الاهتمام بهذا الفن وحمّل الشاذلي الدخلاء على الميدان وتواضع النصوص المكتوبة مسؤولية تقهقر الفن الرابع بسوسة حيث طغت المواضيع التافهة على جلّ المسرحيات المنتجة وأصبح الجمهور أكثر ثقافة من العديد من المسرحيين على حد تعبيره.
أما محمد الجلاصي وهو من قدماء الفرقة القارة بسوسة حيث بدأ التمثيل سنة 1967 فأكد بدوره على قيمة ودور هذه الفرقة في لم شمل المسرحيين داخل وخارج سوسة ونوّه بمستوى النصوص التي كانت تجسّم على الركح والتي تستقطب مختلف الشرائح في تلك الفترة حيث كان المسرحي من خلال جولاته العديدة والمكثفة لعرض أعماله باتصال دائم مع المتفرج يستمع الى مشاغله ويستوحي منها مواضيع متجددة عكس ما يحدث اليوم حيث أصبح أغلب المسرحيين يعيشون في برج عاجي يروّجون للابتذال ويتهافتون على المادة على حساب القيمة الفنية ويقرّ محمد بالهوة الكبيرة الفاصلة بين جيله والجيل المسرحي الجديد والتي قد تصل درجة القطيعة كما استاء الجلاصي من اندثار أرشيف الفرقة القارة للمسرح، ومن الوضعية الحالية التي يعيشها المسرحيون القدماء الذين يواجهون اقصاء من عدة جمعيات وشركات مسرحية بالجهة مما جعلهم في حالة بطالة أثرت على ظروفهم الاجتماعية.
عبد الغني بن طارة بدورة كانت له تجربة مسرحية بسوسة من خلال اضطلاعه بخطة مدير الفرقة القارة للمسرح بسوسة سنة 1978 واعتبر من جهته ان مدينة سوسة سياحية أكثر منها مسرحية أو ثقافية محملا السياحة مسؤولية تراجع الفن الرابع بالجهة حيث ضعف اهتمام الجمهور بهذا الفن رغم قيمة الممثلين والاعمال التي أنتجت في تلك الفترة حيث كان الاقبال على مشاهدتها ضعيفا عكس الولايات الاخرى، واستغل عبد الغني الفرصة ليعبّر عن استغرابه لعدم تكريمه في سوسة رغم اسهامه المسرحي الواضح ووقوفه وراء تحويل فضاء سيدي الظاهر الى مسرح للهواء الطلق اضافة الى أنه أول من أسس فرقة مسرحية محترفة بسوسة.. (الشيء الذي فنّده مراد كروت!).
ماذا قدّمت الفرقة القارة للمسرح؟!
اتصلت «الشروق» ايضا بالناقد المسرحي يوسف البحري الذي يساهم في تأليف كتاب حول تاريخ المسرح بسوسة فصرّح قائلا: «ماذا قدّمت الفرقة القارة للمسرح بسوسة حتى يتحسّر عليها البعض..
كانت لهم لمّة حول بعضهم وليس حول مشروع فني تنكر العديد منهم لمهنهم الاصلية والتحقوا بالفرقة القارة للتمعش والكسب السهل، هذه الفرقة مشكلتها انها لم تؤسس حقيقة لا أرى مقياسا لتراجع او تطور المسرح في سوسة، اعتقد ان المقياس الحقيقي يكمن في التوظيف والخروج من منطقة التكتّلات والمصالح الشخصية للانخراط الفعلي في منطق المشروع الذي يستوجب التأسيس وهو تمش تفعّله مجموعة المسرح الحي بسوسة من خلال استراتيجية محكمة وواضحة المعالم والأهداف، أما بقية الجمعيات والشركات بالجهة، فعليها بتعديل الأمور نحو هذا ا لمسار.
تحول الجمعية الى ناد ترفيهي
حاولنا أن نستمع الى رأي أحد رؤساء الجمعيات فكان لنا لقاء مع المسرحي نجيب زڤام رئيس جمعية مسرحية عريقة يرجع تأسيسها الى سنة 1948 وهي الاشراق المسرحي بالقلعة الكبرى وقد اعتبر ان الفترة الزاهية للمسرح كانت في الثمانينات مؤكدا في نفس الوقت ان مسرحيات اليوم أكثر حرفية من السابق ومتهما الشركات المسرحية بقتل مسرح الهواية مما يستوجب تحويل الجمعيات المسرحية الى نواد ترفيهية مسرحية لا غير لأن الانتاج أصبح أمرا مستحيلا لضعف التمويل على حد تصريحه.
المسرح المدرسي والجامعي يئنان!
اعتبارا لأهمية دور المسرح المدرسي والجامعي اغتنمت «الشروق» فرصة اللقاء بنجيب زقام الذي يضطلع ايضا بدور مكون ومنشط بعدّة نواد مسرحية في معاهد ثانوية وأحياء جامعية وبالمركز الثقافي الجامعي يحيى بن عمر وسألته في هذا الموضوع فنوّه بكثافة اقبال التلاميذ والطلبة على ممارسة المسرح معتبرا ان القيمة الفنية للعمل المنجز تحكمها عدّة ظروف منها عامل الوقت وانضباط الناشطين بحكم العطل وضغوطات دراستهم اضافة الى تواضع الظروف المادية التي لا تسمح للمنشط ببذل مجهود كبير لضعف المنحة ويبقى الحافز الكبير لممارسة هذا الدور هو البحث عن ممثلين بارعين لالحاقهم بأعماله المسرحية وتجريب بعض المسرحيات قبل تفعيلها في الجمعية وعرضها للدعم المالي ... وهذا هو الدافع الذي يجعله يشرف على هذه النوادي التي تصبح في خدمة جمعيته على حد تصريحه.
للتجربة صوت اَخر
يعتبر مراد كرّوت قيدوم المسرح في سوسة حيث مر بكل المراحل في الفرقة القارة للمسرح بسوسة وتعامل مع اغلب مديريها اضافة الى دوره في الاتحاد المسرحي وعدة جمعيات مسرحية سواء بالتمثيل او التأليف او الاخراج صرح للشروق قائلا «لقد تراجع المسرح في سوسة الى حد التقهقر وذلك لعدة اسباب منها حل الفرقة القارة للمسرح بسوسة اضافة الى التكتلات وظهور «لوبيات» في القطاع المسرحي بسوسة تعتمد سياسة الاقصاء وتحطيم تجارب المبدع الصادق وأصبحت هاته اللوبيات تستحوذ على المسرح كنشاط تجاري لا غير يدعّمونه بالتواجد في الندوات والتظاهرات المرئية لخدمة مآربهم المالية ومصالحهم الشخصية الى جانب ذلك غابت استراتيجيات التكوين الناجعة داخل دورالثقافة بالجهة وأصبحت نوادي المسرح لسد الفراغ لا غير لا تحظى بالمتابعة او التقييم وتكاثر الدخلاء واصبحوا يطالبون بنفي حقوق المبدع فطغت الرداءة على جل الاعمال المسرحية او المنجزة من طرف الجمعيات او الشركات المسرحية بسوسة واستثنى مجموعة المسرح الحي بسوسة التي يديرها رضا دريرة والذي يسعى الى بناء تجربة مسرحية راسخة القدم. كمال العلاوي بدوره كانت له تجربة طويلة في ممارسة المسرح بسوسة .. عاش عدة تجارب وقد أكد على تنوع المؤثرات في قطاع المسرح في مختلف الولايات داعيا الى تحديد استراتيجية واضحة الأهداف والمراحل باشراف أهل الاختصاص انطلاقا من المسرح المدرسي وصولا الى المسرح المحترف كما أكد العلاوي على حتمية المتابعة والتقييم لكل نشاط مسرحي بالجدية اللازمة.
شباب في مفترق الطرق
استمعت الشروق الى بعض الهواة في مجال المسرح فكانت الآراء لا تقل «تشاؤما» من اَراء المحترفين حيث صرّح الشاب مراد مطير بأن ممارسة المسرح في سوسة تتخللها بعض الصعوبات بدءا بتواضع مستوى الاطار المكلف بتنشيط نوادي المسرح والذي عادة يقف حجر عثرة أمام المواهب فيحوّل رغبتهم الى عزوف وانقطاع عن ممارسة النشاط أو يضعهم إطار بعيد عن طموحاتهم وانتظاراتهم وقياسا بالحركة المسرحية بتونس العاصمة اعتبر مراد ان الفرق شاسع ولا يمكن المقارنة مع واقع المسرح بسوسة حيث يسيطر الركود وتقل الأعمال المعروضة مما يجعل الشباب يعزف عن مواكبة او ممارسة الفن المسرحي وهذا دون اعتبار غياب الدورات التكوينية والورشات وتهافت الدخلاء على الثقافة والمسرح للربح المالي، دون مراعاة الطموحات الكامنة لدى الشباب .
وعلى خلاف ذلك اتسمت نظرة الشاب شمس الدين بوزعبية بالتفاؤل حيث عبّر عن رفعة مستوى بعض الأعمال المسرحية المنتجة في سوسة خاصة من طرف مجموعة المسرح الحي فيما انتقلت ظروف الممارسة المسرحية بالنوادي والتي تنعدم فيها المراقبة والمتابعة والقيمة الفنية الدنيا وكحلول بديلة دعا شمس الدين الى مزيد العناية بنوادي المسرح ماديا ومعنويا وفنيا والتكثيف من التظاهرات والدورات التكوينية المسرحية الناجعة والاهتمام بها شكلا ومضمونا.
ومن الممثلين الشبان الذين كانت لهم عدة تجارب مع فرق هاوية وأخرى محترفة اتصلنا بالممثل اسكندر بن علي الذي وصف الفن المسرحي بسوسة ب «التاعب» معتبرا ان الآفاق محدودة بالنسبة للممثل مقارنة بتونس العاصمة مؤكدا على مسألة التكتلات التي أضرّت بالقطاع وخلقت ركودا مسرحيا بالجهة كما اعتبر ان كل الجمعيات المسرحية بمدينة سوسة في حالة جمود وتكاسل والعمل بالشركات أصبح يتضمن شروطا تعجيزية اضافة الى التفاوت الكبير في المستوى الفني للأعمال المقدمة كما طالب اسكندر بضرورة تشريك الشباب في التظاهرات المسرحية سواء بالمساهمة او بالحضور.
وضوح ولكن..
هذه مجمل الآراء التي تعبّر عن مواقف اصحابها وإن نفضت الغبار عن أشياء فإنها في الجهة المقابلة تثير ولا شك عدة نقاط استفهام وجب تسليط الضوء عليها وتتطلب فتح عدة ملفات تهم المسرح داخل المؤسسات التربوية ووضعية الجمعيات والشركات المسرحية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.