سافر من مدينته الكائنة بالشمال الغربي الى مدينة قبلي حيث راح »يخبط (في تحيله) خبط عشواء«. ظل يتنقل من ضحية الى أخرى واضعا »شاشية هذا على رأس ذاك« ثم عاد الى مسقط رأسه بما تيسر من الأموال قبل أن يسقط مؤخرا في قبضة شرطة قبلي. الطريف أنه ترك لبعض ضحاياه هويته كاملة! والأطرف أنه لم يكن فقيرا ولا محتاجا حتى يورط نفسه بثلاثة تهم مقابل منافع واهية! هو شاب يبلغ من العمر سنة ويشتغل في متجر على ملك والده كائن بمسقط رأسه في احدى جهات الشمال الغربي. خطر بباله قبل مدة قصيرة أن يسافر الى مدينة بلي حيث استغل لباقته ولسانه وطيبة أهاليها في الايقاع بهم. تعطلت سيارته؟! توجه في البداية الى أحد النزل وأوهم صاحبه بأنه أستاذ تم تعيينه مؤخرا للتدريس بأحد معاهد المدينة وأضاف لمحدثه أنه قدم في سيارته ليباشر عمله لكنها تعطلت قرب مدينة صفاقس فتركها ونسي أمواله ووثائقه الشخصية داخلها ثم التمس من صاحب النزل أن يسمح له بقضاء ليلته ريثما يتدبر أمره في الصباح لكن صاحب النزل لم يقتنع بروايته فطلب منه أن يتوجه أولا الى أحد مراكز الأمن ويجلب منهم مكتوبا فامتثل لهذا الطلب دون تردد اذ توجه الى أحد المراكز الأمنية وأعاد على بعض الأعوان روايته الكاذبة ثم عاد الى النزل حيث قضى ليلته لكنه لم يكتف بها بل طلب من صاحب النزل دينارا حتى يستغلها في جلب أمواله من سيارته فلم يتأخر الرجل الطيب في الاستجابة. حق الزمالة توجه الأستاذ الوهمي الى مواطن آخر فخدره بحديثه وسحره حتى فاز منه بمبلغ دينارا. ثم توجه الى محل مختص في بيع الملابس الجاهزة فأعاد روايته الوهمية على صاحبه وأبدى له رغبته في الظهور بمظهر لائق أمام تلاميذه ريثما يتدبر أمره ويجلب أمواله. وعندما أنس له اشترى منه بدلة بمبلغ دينارا وسلمه مبلغ دينارا واتفق مع البائع على تضمين الباقي ( دينارا) في كمبيالة مؤجلة الخلاص لكن الشاري دوّن عليها هوية وهمية. وقد التحق الاستاذ الوهمي في مرحلة لاحقة بأستاذ حقيقي عرّفه بنفسه وأسمعه روايته الوهمية ثم أثر عليه قبل أن يفوز منه بمبلغ دينارا. سرق هاتفه الجوال عاد ليلا الى صاحب النزل سابق الذكر فأرجع اليه سلفته (مبلغ دينارا) مما ساعده على قضاء ليلته الثانية دون أن يدفع المقابل قبل أن يضيف الثالثة. وقد تحدث صباحا مع صاحب النزل ثم اشترى منه الحلويات بتأجيل الخلاص لكنه لم يكتف بهذا كله فقد سرق منه جهاز هاتفه الجوال في غفلة منه ثم غادر المكان دون رجعة. فلما يئس صاحب النزل من عودته شك في علاقته بسرقة جهاز الجوال ولهذا توجه الى مركز الأمن وأخبرهم بما حدث منذ أول لقاء له بالأستاذ الوهمي وقدم لهم هويته ومسقط رأسه رفق ما ورد في البطاقة التي جلبها سابقا من المركز الأمني. تنازلوا عن التتبع أصدر أعوان الأمن ببلي منشور تفتيش ضده فتمكن بعض زملائهم من ايقافه في مسقط رأسه قبل تسليمه اليهم. وقد تم حجز الهاتف المسروق وإعادته الى صاحبه لكن موقف الشاب ازداد تعقيدا عندما شاع خبر ايقافه في المدينة فقد قدم الاستاذ »الحقيقي« وصاحب المحل التجاري شكواهما ضد المتهم ثم قدم الجميع تنازلاتهم عن التتبع بمجرد أن اتصل بهم والد الموقوف وأعاد إليهم أموالهم. وقد اعترف المتهم بكل ما نسب اليه فقررت النيابة العمومية احالته على المحاكمة بتهم التحيل والسرقة المجردة وانتحال صفة.