تشهد العاصمة وضواحيها اثر الامطار الاخيرة تكاثر قوافل «الناموس» الضارية، مما ادى الى تذمّر المواطنين رغم تصاعد نسق عمل البلديات لمقاومة جحافل البعوض. واكتسحت هذه الحشرات المجال الجوي لاقليمتونس انطلاقا من المناطق المحيطة بسبخة السيجومي والمحيطة بسبخة اريانة وصولا الى باقي احياء العاصمة مما جعل البلديات تعلن اقصى حالات الاستنفار، واضعة برامج مقاومة مكثفة شملت المناطق الحضرية التي شهدت عددا هاما من التدخلات لابادة اليرقات، فالدهاليز والفراغات الصحية شهدت 2035 تدخلا ومستنقعات المياه الراكدة 67 تدخلا أما بالوعات مياه الامطار فشهدت 284 تدخلا، هذا اضافة الى جهود اللجنة الخاصة التابعة لكتابة الدولة للبيئة في محاولة لمعالجة وضعية سبخة السيجومي التي تشهد هذه السنة وضعية بيئية خاصة، إذ أن انغمارها كليا بمياه الامطار الملوثة والمحمّلة بالاوحال يتسبب مع ارتفاع درجات الحرارة ومع ما تحتويه من مواد عضوية في النمو السريع للطحالب سريعة التعفن وهو ما يتسبّب في توالد مكثف ليرقات البعوض و»الوشواشة». وأكّدت مصادر مطلعة من بلدية تونس انه في اطار تنفيذ الخطة الجهوية المندمجة لمقاومة الحشرات تم تفريغ 23 دهليزا بالعمارات من طرف الديوان الوطني للتطهير ودعوة كل من شركة النهوض بالمساكن الاجتماعية والشركة الوطنية للبلاد التونسية والمؤسسات الحكومية للمبادرة بتفريغ دهاليز العمارات المغمورة بالمياه الراجعة لها بالنظر والبالغ عددها 102 دهليزا، الا ان الاودية المرتبطة بسبخة السيجومي لم يقع التمكن من جهرها نظرا لارتفاع المياه بها مما جعلها تمثل مأوى قارا ليرقات هذه الحشرات التي لم تجد معها المقاومة الكيميائية التي فقدت كل أثر عليها. غير أن هذه المناطق الحضرية ليست المصدر الوحيد للناموس بل «أن المآوى الريفية تمثل بدورها مصدرا هاما لهذه الحشرات التي شملتها بلدية تونس بالمقاومة الجزئية إذ من 465.17 هكتارا لم يقع التدخل لابادة اليرقات الا على مساحة 605.6هكتارات موزعة على اقليمتونس وولاية نابل مما جعل البعوض الريفي يتنقل بفعل الرياح من مأواه الاول ليكتسح مناطق العمران، مما يجعل مدينة تونس رغم كل التدخلات في غير منأى عن ازعاج البعوض الريفي بما أن الرياح الموسمية ستتكفل بنقله الى هذه المدينة مما جعل بلدية تونس تطرح برنامج تدخل استثنائي قد شرع فيه حال توفر المبيدات اللازمة، أما بالنسبة للبعوض الحضري (الكولاكس Culex) فستواصل بلدية تونس تنفيذ أشغال المقاومة العضوية. بجهر الادوية ومجاري المياه وازالة الاعشاب من ضفافها وردم المستنقعات وأماكن ركود المياه وتكثيف عمليات الجهر خاصة عند ارتفاع درجات الحرارة اضافة الى استعمال الادوية التي يتم استعمالها على ثلاث حصص: الصباحية من السابعة صباحا الى الواحدة بعد الزوال تباشرها عشرون فرقة تتوزع على كافة الدوائر البلدية ومثلها في الحصص المسائية (بعد الظهر) من الثالثة بعد الزوال الى الساعة السادسة مساء وتعمل خلالها فرق مكلفة بمتابعة تشكيات المواطنين. أما الحصة الليلية فتنطلق من السابعة مساء الى العاشرة ليلا وهي مخصصة لمقاومة الحشرات الطائرة والمزعجة. أما بلدية الكرم، في الضاحية الشمالية «فكثفت» مجهوداتها أيضا حسب مصادر مطلعة بردم بعض الاماكن البيضاء التي يكثر فيها ركود المياه اضافة الى المقاومة بالادوية التي تكون على ثلاث طرق اما بالدخان الذي يقع نفثه في الهواء او باستعمال دواء «الكاوترين» الذي تعمد بلدية الكرم الى مضاعفة كمياته او رش زيت البارافين على المياه الراكدة لقتل اليرقات الا ان مواطني بلدية الكرم لازالوا يشتكون من لسعات هذه الحشرات المؤذية. أما عن هذه الحشرات فيقول الدكتور محمد رضا كمون رئيس قسم الامراض الجلدية بمشتشفى جارل نيكول بالعاصمة انه «من المعروف ان هذه الحشرات تعمد الى مص الدماء عبر الابرة التي تمتلكها والتي تحتوي على مادة معينة تكوّن حساسية في الجلد تنتج عنها «حكّة» مما يحدث التهابا، إلا أن هذه السنة وبسبب الامطار وكثرة الاماكن الملائمة لتكاثر اليرقات وبفعل الحرارة التي تزيد في تعفّن هذه المياه... تزيد قوّة هذه المادة الموجودة في ابرة الناموس مما يجعل اثارها أقوى».