يُحاكم الرئيس العراقي صدام حسين هذه الأيام أمام محكمة عراقية شكّلت للغرض،وبقطع النظر إن كانت التهم الموجهة الى صدام صحيحة وحقيقية وأنه أي صدام كان مسؤولا أول عمّا وقع في العراق ويُحاكم من أجله الآن أم أنّ الأمر غير ذلك فإنّ هذه المحاكمة وفي هذه الظروف التي يمرّ بها العراق منذ مدة هي طعنة أولى وعلى الحساب للسيادة العراقية التي قيل إنها أعيدت الى العراقيين يوم 28 جوان 2004، فكيف يرضى العراقيون بأن يحاكم الرئيس صدام في ظلّ احتلال غاشم لبلدهم وفي ظلّ حكومة مؤقتة معيّنة من قبل سلطات الاحتلال وهي بالضرورة حكومة تقبل بإملاءات المحتلين الأمريكيين وقراراتهم؟ ولذا لا يمكن أن نتحدث عن محاكمة الشعب العراقي الذي يريدونه حرّا ويتحدثون ويأخذون القرارات باسمه لصدّام حسين بل إن هي إلا محاكمة أمريكية اسرائيلية بنسخة عراقية لرئيس عربي كان في قريب الأيام هاجسا يقضّ مضاجع الاسرائيليين. ولذلك يمكن أن نؤكد أن التهم السبع الموجّهة الى صدام تعدّ ثانوية ولا معنى لها أمام تهمة لم يعلن عنها صراحة وإن كانت هي المغذّي الأول لكلّ ما وقع للعراق ولصدام حسين والبنزين الذي صُبّ على نار الحقد الأمريكية تجاه العراق فأجّجها.. تلك ا لتهمة هي معاداة اسرائيل بما أنّ نظام صدام جهر دون خجل ودون خوف بعداوته الشديدة للكيان الاسرائيلي وبمساندته المطلقة وغير المحدودة للفلسطنيين، ولم يكتف صدام حسين بالقول والكلام بل ترجم ذلك الى قصف اسرائيل بالصواريخ حينما قصفها الآخرون بالكلمات العابرة والحاملة للرؤوس التنديدية وبالعبارات الاستنكارية الانشطارية وترجمه أيضا الى توفير الدعم المادي والمعنوي الدائم للقضية الفلسطينية وللسلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، فصدّام حسين إذن يُحاكَم الآن بسبب تهمة خطرة جدا (بالنسبة الى الأمريكيين) ومشرفة جدا (بالنسبة الى العرب والفلسطينيين) ومسكوت عنها (من قبل الأمريكيين) وهي دعمه الدائم للفلسطينيين ومعاداته المستمرّة لإسرائيل. ياسين الوسلاتي