أقر رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير أمس للمرة الأولى بأنه قد لا يتم العثور أبدا على أسلحة الدمار الشامل المزعومة في العراق بعد أن روّج طويلا لمزاعم تفيد بأن مثل هذه الأسلحة موجودة وتمثل خطرا على المنطقة بينما كشفت تقارير صحفية أمريكية أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أخفت معلومات عن ادارة بوش تشير الى تخلي العراق عن تطوير برنامج أسلحة محظورة قبل الحرب. وقد بررت الولاياتالمتحدة وبريطانيا قرارهما شن الحرب على العراق بزعم أن بغداد كانت تعمل على تطوير أسلحة دمار شامل. وكان رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير قبل ذلك يؤكد أنه مقتنع بأنه سيتم العثور على أسلحة الدمار الشامل في العراق حسب زعمه مبررا شن الحرب بضرورة تدميرها. اعتراف بلير وقال بلير خلال مداخلة أمام لجنة مجلس العموم أمس «علي أن أقبل بواقع عدم العثور على أسلحة الدمار الشامل في العراق وربما لن نعثر عليها أبدا». وهذه هي المرة الأولى التي يقرّ فيها بلير علنا بامكانية ألا يتم العثور أبدا على الأسلحة المحظورة في العراق. وتزعم بريطانيا أن أسلحة الدمار الشامل العراقية كانت تهدد القواعد البريطانية في قبرص. وفي سبتمبر 2002 أفاد تقرير بريطاني بأن صدام حسين يملك مثل هذه الأسلحة زاعما أنه بالامكان استخدامها في ظرف 45 دقيقة وهي الذريعة التي تمسك بها بلير طويلا لتبرير الحرب على العراق. وقال بلير أمس مذكرا لقد كنت مقتنعا أننا سنعثر عليها يوما، وأن فريق التفتيش عن هذه الأسلحة في العراق سيعثر عليها لأن كل المعلومات والأدلة تشير الى أن مثل هذه الأسلحة موجودة. لكن بلير لم يتراجع عن عناده حين زعم أن صدام حسين كان يمثل تهديدا وقال أن ننتقل من موقف ما الى نقيضه ونقول إن صدام حسين لم يكن يمثل فهذا خطأ على حد تعبيره. وأضاف رئيس الوزراء البريطاني لا ندري ما الذي حصل لهذه الأسلحة مجددا زعمه بأنها قد تكون سرقت أو تم اخفاؤها أو اتلافها. وكان رئيس فريق التفتيش السابق عن الأسلحة في العراق الأمريكي ديفيد كاي قد صرح في جوان الماضي بأن كل أولئك الذين يعتقدون أنه سيتم العثور فعلا على أسلحة دمار شامل في العراق ومنهم رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير إنما هم يطاردون أوهاما. وذهب كبير المفتشين الأمميين السابق عن الأسئلة في العراق هانس بليكس حد تشبيهه الحكومة البريطانية ببائع يعلي من شأن بضاعته بسعيها في اقناع العالم بأن العراق كان يمثل خطرا. وينتظر أن تقدم اللجنة المكلفة بالنظر في المسار الذي قاد الحكومة البريطانية الى القول إن العراق كان يملك أسلحة دمار شامل تقريرها في جويلية الجاري. وستوجه اللجنة اتهاماتها بالاساس الى أجهزة الاستخبارات البريطانية التي فشلت في تقييم حجم الأسلحة العراقية وفقا لما ذكرته صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية. أخطاء ال»سي.اي.ايه» وفي سياق متصل ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن وكالة الاستخبارات المركزية (سي.اي.ايه) لم تنقل الى الرئيس الأمريكي جورج بوش معلومات قدمها أشخاص قريبون من علماء عراقيين تشير الى تخلي بغداد عن برنامجها لتطوير اسلحة الدمار الشامل. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين حكوميين لم تكشف عن هوياتهم أن لجنة متخصصة في مجلس الشيوخ الأمريكي كشفت هذا الخلل في أداء الوكالة. وأوضحت «نيويورك تايمز» أن «السي.اي.ايه» أجرت قبل الحرب على العراق برنامجا سريا لاستجواب مقربين من علماء عراقيين لكنها لم تنقل افاداتهم الى الرئيس الأمريكي أو أعضاء آخرين في السلطة التنفيذية في الولاياتالمتحدة. وتوقعت الصحيفة أن يتضمن تقرير اللجنة الذي سيصدر هذا الأسبوع اتهاما لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وقادتها لأنهم لم يعترفوا بأن المعلومات التي في حوزتهم لا تبرر الاتهام الموجه إلى نظام صدام حسين بامتلاك أسلحة محظورة.