فوق ربوة تطل على ضفاف البحر الأبيض المتوسط وعلى مسافة 10 كلم عن مدينة المنستير توجد الزاوية المدنية بقصيبة المديوني ملاصقة للولي الصالح سيدي عبد الله المديوني. وتنسب الزاوية المدنية لمؤسسها الشيخ محمد المدني الذي ولد بقصيبة المديوني سنة 1888 ميلاديا الموافق لسنة 1307 هجريا. هو محمد المدني بن خليفة بن حسين بن الحاج عمر خلف الله زاول تعلمه في البداية بكتاب البلدة حيث حفظ القرآن الكريم وتلقى مبادئ اللغة العربية قبل ان يلتحق بجامع الزيتونة بالعاصمة حيث تتلمذ على مجموعة من العلماء الافذاذ من أمثال شيخ الاسلام المالكي بلحسن النجار والعلامة الشيخ الطاهر بن عاشور فتحصل على 4 إجازات تشهد بأهليته في علوم الفقه والتفسير واللغة والتصوف والإرشاد. التقى الشيخ محمد المدني بالشيخ أحمد العلاوي أثناء زيارته لتونس فأخذ عليه العهد وصاحبه الى الجزائر قبل أن يعود الى أرض الوطن بعد 3 سنوات ويشرع في نشر الطريقة المدنية. وقد توفى الشيخ محمد المدني في 14 ماي 1959 ودفن بالزاوية المدنية بقصيبة المديوني بعدما أورث هذه الطريقة لابنه منور الساهر الآن على هذه الزاوية. أعماله يقول نجله منور الوارث للطريقة المدنية أن والده محمد المدني قضى كامل حياته في الذكر والمذاكرة والتدريس إذ لم يفتأ ينظم المجالس اليومية بالزاوية حيث يعلم القرآن ويدرس الفقه والتصوف. وكثيرا ما تنقل بين المدن والقرى التونسية واريافها ناشرا هذه الطريقة. آثاره الشيخ محمد المدني كان بحرا في فنون المعرفة إذ لم يترك علما، إلا وألف فيه. وبفضل تكوينه الديني والعلمي ألف في تفسير القرآن وأصدر الفتاوي حسب المذهب المالكي ونظم الشعر وحرر الرسائل والحكم الصوفية. مآثره امتاز أسلوبه في تفسير القرآن الكريم بالوضوح والسلاسة الى جانب الجمع بين المعاني الظاهرة والمعاني الباطنة ومن أهم مؤلفاته في هذا المجال المعرفة الواضحة في تفسير سورة الفاتحة والروضة الجامعة في تفسير سورة الواقعة ورسالة النور في تفسير آية «الله نور السموات». بقية مؤلفاته وقد ألف في الحديث والتصوف والفقه. ومن مؤلفاته نذكر اللحظة المرسلة على حديث حنظلة وحديث العشق وبرهان الذاكرين وهدية الاخوان في الايمان والاسلام والإحسان ورسالة تحفة الذاكرين وحكم العارفين وجواهر المعاني والاصول الدينية والفتاوي واللباب في اثبات الحجاب وديوان شعر بعنوان أنيس المريد في التصوف والتوحيد. على عكس بقية الزوايا تختلف الحياة بالزاوية المدنية بقصيبة المديوني عن الحياة ببقية الزوايا. فلا زوار يطلبون الشفاء والنجاح والقضاء على العنوسة وإبعاد الشرور وسوء البخت بل ان الحياة بهذه الزاوية ترفض التطرف والشعوذة والتعصب لأنها بنيت على الايمان بالله ورسوله وعلى محبة الوطن والخير للجميع. الموعد السنوي لئن لا تغيب الحياة الدينية عن هذه الزاوية وخاصة خلال شهر رمضان المعظم فإن الموعد الهام يكون بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. حيث يقبل الناس على هذا المكان من شتى أنحاء البلاد وخاصة من صفاقس وتوزر والساحل الذين يجدون من الشيخ منور وأبنائه كل حفاوة وترحاب وكرم ضيافة فيتواصل الاحتفال حتى الفجر تتخلله خطبة للشيخ ومدائح وأذكار. المنجي المجريسي