إذا كانت الفضيحة تجاوزا أخلاقيا سافرا لقواعد ونواميس المجتمع وقد تنتهي بتغير الزمان والمكان، فإن الفضيحة الكروية تعد استثناء وتبقى مدويّة على مدى عقود عديدة، وذلك لأن كرة القدم بشعبيتها وطغيانها على طبيعة حياة المجتمعات وبتوفّرها على نجوم ومشاهير، وجب أن تكون القدوة الاخلاقية لعشاقها، لأن التنافس والمتعة يزولان ويظل التنافس الرياضي الشريف أهم ما تقدمّه كرة القدم لعشاقها. كرة القدم على مدى تاريخها الطويل شهدت ما يقارب 50 فضيحة كروية حسب احصائيات وتحقيقات قامت بها صحيفة «التايمز» اللندنية، ولكن هذا الملف يمكن ان نختزله في سبع فضائح كبرىوهي: التلاعب بنتائج الدوري الايطالي: التلاعب بنتائح مباريات الكالشيو كانت أكبر فضيحة وأهمها على مدى قرن من الزمن بالنظر الى تداعياتها والأسماء المتورّطة فيها، حيث أدين فريق «يوفنتس» العريق بالتورّط في التلاعب بنتائج المباريات بمساعدة بعض الحكام وبعض قيادات الأندية وذلك في سنة 2006 مما أدّى الى معاقبته بتجريده من لقب البطل ونزوله الى دوري الدرجة الثانية، كما تم خصم سبع نقاط من رصيد فريق أي سي ميلان وريجينا وفيورنتينا، وقد سبقت هذه الفضيحة فوز ايطاليا بكأس العالم سنة 2006، ولم يتمكّن هذا اللقب الكرة الايطالية من محو أثار هذا العار.في حين يعتبر القرار جريئا يعبّر على علوية القانون والانصاف والانحياز لسمعة اللعبة. مارسيليا يسبق جوفنتس في الفضائح! لم يهنأ فريق مارسيليا طويلا بفوزه بكأس رابطة أبطال أوروبا سنة 1993، كأول فريق فرنسي ينال هذا الشرف، حيث تمت إدانته في الموسم التالي بالتلاعب بنتائج مباريات الدوري الفرنسي، كما ثبت تورط النادي ورئيسه الملياردير الشهير. «بيرنارد تابي» في مخالفات مالية جسيمة كانت نتيجتها هبوط مارسيليا الى دوري الدرجة الثانية موسم 1994 والحكم بالسجن علىرئيس النادي لمدة 6 أشهر ومنذ ذلك الوقت بقي فريق مارسيليا يعاني ولم ينجح الى الآن في استعادة بريقه ليتدحرج الى مراكز متوسطة في الدوري الفرنسي أمام سيطرة ليون وصحوة ليل أوكسير ونانت في ذلك الوقت. مارادونا: نهاية مأساوية لأسطورة تاريخية: شهد كأس العالم سنة 1994 في أمريكا، نهاية مأساوية لنجم الكرة العالمية، مارادونا حيث تمت إدانته بتعاطي المنشطات عقب التحاليل التي أجريت له اثر مباراة منتخب الارجنتين ضد اليونان التي سجّل خلالها هدفا رائعا، ورغم محاولة نفي مارادونا تناوله منشطات مؤكدا أنه تناول مشروبا للطاقة الا أن العينة التي أخذت منه أظهرت وجود موادمحظورة، تناولها مارادونا ولأن المصائب لا تأتي فرادى اكتملت ملامح القصة المأساوية من خلال قرار ايقاف مارادونا وانسحاب منتخب الارجنتين منذ الدور الثاني لتلك البطولة. هدف... من يد ا&: ظلّ مارادونا اللاعب الاكثر، إثارة للجدل من خلال ما يأتيه من تصرّفات، ويعتبر الهدف الذي سجّله مارادونا في مرمى المنتخب الانقليزي في كأس العالم 1986، الحركة التي هزّت مكانة اللاعب الأسطورة، فقد تمكّن مارادونا من تسجيل هدف الفوز في مرمى حارس المنتخب الانقليزي «بيترشيلتون» بيده في مباراة ربع نهائي كأس العالم وعلى الرغم من استعماله ليده الا أن مارادونا استطاع أن يموّه على الحكم التونسي علي بن ناصر الذي قاد المباراة حينها حينما انطلق ليحتفل بهذا الهدف، وطلب من زملائه مشاركته الاحتفال... مارادونا لم يعترف باستعمال يده الا متأخرا بما دفع الصحافة الانقليزية الى شن هجوم عنيف عليه بسبب غياب أخلاقه الرياضية، لكن الأسطورة الارجنتينية خرج عن صمته بعد ذلك ليُعلن أن الهدف سجل «بيد ا&»...!؟ وهذا ما جعل «دياغو» ملك الفضائح والاثارة على الدوام. الكرة الألمانية على خطى البقية: حُمى التلاعب بنتائج المباريات، أصابت الدوري الالماني، حيث أعلن الاتحاد الالماني لكرة القدم في أوائل شهر فيفري 2005 أن الحكم «روبرت هويزر» تلاعب بنتائج 7 مباريات في اطار أكبر فضيحة تعصف بكرة القدم الألمانية منذ أكثر من ثلاثين عاما، وتشير المعطيات في تلك الفضيحة إلى أن الحكم «هويزر» أعلم الادعاء في برلين أن حكاما ولاعبين اخرين شاركوا في التلاعب في نتائج المباريات وأنه كان موجودا عندما تلقى حكام آخرون رشاوى وقد تفجّرت الفضيحة حينها لأن ألمانيا كانت مقبلة على استضافة كأس العالم 2006. ظاهرة ضاربة في القدم: الدوري الانقليزي هو من أقدم الدوريات العالمية ومنه انطلقت عدوىفيروس التلاعب بنتائج المباريات ففي سنة 1915 تورّط كل من «ليفربول» و«مانشستر يونايتد» في فضيحة مراهنات وفي الوقت ذاته فضيحة تلاعب في نتيجة المباراة لمصلحة مانشستر يونايتد وذلك لانقاذه من الهبوط في ذلك الموسم وقد وقع الاتفاق على ضرورة فوز مانشستر وهو ما جعل ليفربول لا يبدي أي مقاومة على الميدان، لذلك قام اتحاد الكرة الانقليزي بفتح باب التحقيق حيث ثبت تورّط 7 عناصر من فريق ليفربول وتم شطبهم بشكل نهائي من سجلات اتحاد الكرة الانقليزي. تجاوزات، انسانية وأخلاقية: في سنة 1971 صرّح المدير الفني للمنتخب الانقليزي «غلين هوديل» بأن كل شخص تعرّض لاعاقة ما إنما هو يدفع ثمن ذنوب وخطايا ارتكبها من قبل أو كان من الممكن أن يرتكبها، تلك التصريحات أثارت استياء الجميع وأحدثت دويا هائلا في وسائل الاعلام والصحافة، خاصة أنها صادرة عن أحد نجوم الكرة الانقليزية وكانت غير أخلاقية حيث مسّت واحدة من القضايا الانسانية التي تهم البشرية قاطبة وهي قضية «المعاقين» التي تعد من القضايا التي تحمل خصوصية كبيرة في وقت يصارع فيها المعوقون من أجل ايجاد مكان لهم في خارطة الرياضة العالمية... هذه القضية دفعت ب «غلين هوديل» الى تقديم استقالته بعد أن حاول تكذيب مراسل صحيفة التايمز بشأن التصريحات، لكن الصحفي كان يحمل تسجيلا كاملا لما قاله «أشهر لاعب» انقليزي.